ديسمبر، نقطة فاصلة في مسار الأسواق.. نظرة على تحركات البنوك المركزية المرتقبة

ديسمبر، نقطة فاصلة في مسار الأسواق.. نظرة على تحركات البنوك المركزية المرتقبة


يشهد شهر ديسمبر العديد من قرارات البنوك المركزية والتي قد تؤثر على مسار الأسواق خلال الفترة المقبلة. نظراً لأهمية القرارات المرتقبة، فيما يلي نظرة على أبرز تحركات البنوك المركزية المرتقبة

 

الفيدرالي الأمريكي

(14 ديسمبر)

تتأهب الأسواق لإقدام الفيدرالي الأمريكي على رفع الفائدة الأمريكية خلال اجتماعه المقبل، وقد تبلورت مؤخراً توقعات رفع الفائدة استناداً على إيجابية البيانات الأمريكية على مدار الشهور الأخيرة مصحوبة بإشارة صناع القرار بلجنة الفيدرالي إلى اقتراب الاقتصاد من تحقيق هدفي التضخم والتوظيف وهو ما يدعم الاستمرار في وتيرة التشديد النقدي. وكان الفيدرالي قد ترك الأسواق في ترقب حذر خلال كل اجتماع على مدار العام الجاري ترقباً لرفع الفائدة، إلا أنه واصل الإبقاء عليها دون معللاً بأنه يحتاج إلى المزيد من الدلائل للتأكد من قدرة الاقتصاد على استكمال تعافيه صوب الأهداف المحددة له. وقد أوضح بيان الفائدة لشهر نوفمبر الماضي إجماع الأعضاء على تزايد فرص رفع الفائدة مؤكداً على ملائمة رفع الفائدة على المدى القريب اتساقاً مع وتيرة تحسن الاقتصاد. وكانت محافظ الفيدرالي حانيت يلين قد أشارت خلال شهادتها أمام لجنة الشئون الاقتصادية أن رغبة اللجنة في الانتظار لا يعكس قلة الثقة في الأداء الاقتصادي، كما حذرت من أن التمهل طويلاً في رفع الفائدة قد يتسبب في تسارع وتيرة التشديد النقدي فيما بعد، مما قد يضر بالمصالح الاقتصادية. هذا، وأكدت يلين على أن التطورات السياسية خلال الفترة الماضية لن يكون لها تأثيراً واضحاً على قرارات الفيدرالي والتي وصفتها بالمستقلة، فيما شددت على مراقبة البنك لتطورات الوضع المالي والسياسي التي قد يكون لها بعض التداعيات على النشاط الاقتصادي.


 

البنك المركزي الأوروبي

(8 ديسمبر)

ساهم تراخي النمو الاقتصادي بالمنطقة الأوروبية منذ مطلع العام في ترك المجال مفتوحاً أمام لجوء المركزي الأوروبي إلى المزيد من التدابير التحفيزية لضمان تحقيق الأهداف المستهدفة. ولعل الأسواق بدأت تصب توقعاتها بشكل أكبر في صالح مد الإطار الزمني للتيسير النقدي إلى ما بعد مارس 2017. أما المركزي الأوروبي فقد واصل تأكيده على استمرار تعافي الاقتصاد بوتيرة ثابتة، وقد أوضح دراجي خلال المؤتمر الصحفي الأخير أن اللجنة تعتزم خلال اجتماع ديسمبر إعادة تقييم السياسات الحالية والنظر في الأدوات اللازمة لدعم ارتفاع التضخم صوب الهدف دون تأخير. وهو ما عزز من إحتمالات مد البنك لبرنامج التيسير النقدي (سلبي لليورو)، خاصة مع تأكيد دراجي المتواصل على استعداد البنك لمد فترة البرنامج إلى ما بعد مارس، طبقاً لمتطلبات الوضع الاقتصادي. على الجانب الأخر، ترتفع توقعات خفض البنك لحجم برنامج التيسير النقدي والذي يُقدر حالياً بـ 80 مليار يورو شهرياً (إيجابي لليورو)، ويأتي ذلك استناداً على مخاوف ندرة السندات. أما الفريق الأخير، فيرى أن تفشي حالة الغموض تأثراً بتوتر الحياة السياسية واندلاع مخاوف تفكك وحدة المنطقة الأوروبية قد شكلت ضغوط مضاعفة على الاقتصاد الأوروبي، مما قد يدفع البنك إلى التمهل قبل إتخاذ المزيد من القرارات حتى هدوء الأوضاع السياسية بالمنطقة وتقييم الأداء الاقتصادي بشكل أدق.


 

بنك إنجلترا

(15 ديسمبر)

استمر الاقتصاد البريطاني تحت وطأة مخاطر الخروج من الإتحاد الأوروبي على الرغم من تحسنه غير المتوقع في أعقاب الاستفتاء. وقد أكد مارك كارني أن تحسن التطلعات على المدى القريب لا يلغي استمرار المخاطر الهبوطية على المدى المتوسط. كان البنك قد اتخذ قراره بخفض الفائدة وزيادة برنامج مشتريات الأصول خلال اجتماع أغسطس الماضي ضمن محاولات احتواء التداعيات الناجمة عن توتر الوضع السياسي على النشاط الاقتصادي. وقد ساهمت توقعات البنك في ارتفاع التضخم بوتيرة قوية خلال العامين المقبلين، إثر التراجع الهائل في قيمة الاسترليني منذ الاستفتاء، في تقلص إحتمالات اللجوء إلى المزيد من التدابير التسهيلية. عوضاً عن ذلك، اتجهت بعض التوقعات في صالح رفع الفائدة للسيطرة على الارتفاع المتوقع في معدلات التضخم خلال الفترة المقبلة. ولكن أوضح كارني أن تشديد السياسة النقدية في الوقت الحالي سيشكل عبئاً على نمو الإنتاج والتوظيف مشدداً على مراقبة البنك لتطورات الوضع الاقتصادي بكل حذر مع الاستعداد للتدخل إما برفع الفائدة أو خفضها، طبقاً لما تقتضيه الحاجة. وعليه، تميل التوقعات في صالح إبقاء البنك على سياساته الحالية دون تغيرر خلال اجتماعه المقبل، ترقباً لما سوف تؤول إليه الأمور.


 

بنك اليايان

(19 ديسمبر)

كان بنك اليابان قد أدخل بعض التعديلات على إطار عمل السياسة النقدية بهدف تقديم الدعم الازم لارتفاع التضخم صوب الهدف. تضمنت تلك التعديلات التحكم في منحنى العائد، مضاعفة حجم المشتريات من صناديق المؤشرات، مشتريات الأوراق الماية وسندات الشركات. وكذلك قام البنك بمضاعفة الإقراض بالدولار الأمريكي. يأتي ذلك في الوقت الذي تتزايد فيه مخاوف فشل التضخم في استهداف المستويات المرجوة، مما جعل البنك يؤكد بشكل متواصل على استعداده للتدخل وإتخاذ كافة ما يلزم لضمان وصول التضخم إلى الهدف. هذا، ويعزز البنك من ضرورة استقرار سعر الصرف في دعم الأداء الاقتصادي. ولكن حتى الآن، مازال توقعات الأسواق ترجح استمرار سياسات بنك اليابان  دون تغيير خلال اجتماعه الأخير لهذا العام، مع توقعات بالتدخل خلال العام المقبل إن لم تشهد البلاد تحسناً في مسار التضخم باتجاه هدف البنك.


 

بنك كندا

(7 ديسمبر)

تعرض الاقتصاد الكندي للعديد من الصدمات على مدار العام الجاري، والتي تسببت في ارتفاع حالة عدم اليقين. كان بنك كندا قد واصل إبقائه على معدل الفائدة دون تغيير منذ مطلع العام، معرباً عن ثقته في عودة الاقتصاد إلى مساره الطبيعي بداية من النصف الثاني. ولكن عاودت توقعات خفض الفائدة الكندية الظهور مجدداً على خلفية استمرار تضرر قطاع الصادرات الكندي بضعف الطلب العالمي. يأتي ذلك فضلاً عن استمرار معاناة الاقتصاد الكندي من تداعيات أزمة النفط. ولكن يبدو أن توقعات خفض الفائدة مازالت ضعيفة، حيث تستقر غالبية التوقعات في صالح إبقاء البنك على نهجه الحالي، في الوقت الذي ترتفع فيه حالة التفاؤل بشأن الاقتصاد الأمريكي، مما قد يصب في صالح نظيره الكندي. يأتي ذلك إلى جانب توقعات بتعافي أسعار النفط وتحسن الطلب العالمي.


 

الاحتياطي الاسترالي

(6 ديسمبر)

بعد أن اتخذ البنك قراراه بخفض الفائدة خلال اجتماع أغسطس الماضي، تلاشت توقعات إتخاذ المزيد من التدابير التحفيزية هذا العام خاصة مع استقرار الوضع الاقتصادي خال الشهور الأخيرة. على الجانب الأخر، تراقب الأسواق بحذر مجريات الوضع الاقتصادي حيث اتسمت البيانات الاقتصادية مؤخراً بقدر مرتفع من التباين، مما يُبقي على إحتمالات لجوء البنك إلى المزيد من خفض الفائدة خلال الشهور المقبلة. أما عن اجتماع ديسمبر الجاري، فعلى الأرجح سينحاز البنك إلى ضرورة التمهل لفترة أطول من الوقت قبل التدخل مجدداً من أجل إتاحة الوقت الكافي لاستفادة الاقتصاد من الإجراءات الأخيرة. هذا، وتتابع الأسواق بشكل خاص تطورات الوضع الصيني لما لها من تأثير على النشاط التجاري الاسترالي، فضلاً عن أسعار السلع والتي أوضع البنك خلال بيانه الأخير أنها قد شهدت تعافياً ملحوظاً خلال الآونة الأخيرة بعد تراجع دام لسنوات.


 

البنك الوطني السويسري

(15 ديسمبر)

هدأت توترات الوضع الاقتصادي السويسري منذ بداية العام، مما قلل من مخاوف تدخل البنك الوطني السويسري مرة جديدة في الأسواق المالية للحد من ارتفاعات الفرنك المبالغ فيها. على الجانب الأخر، مازال البنك يبدي كامل الاستعداد للتدخل في حال ارتفعت قيمة الفرنك بشكل قوي أو مفاجئ مما قد يضر بمصالح الاقتصاد السويسري. هذا، ويبقى الخطر الرئيسي أمام الوطني السويسري هو تباطؤ الأداء الاقتصادي بمنطقة اليورو، وتزايد إحتمالات تدخل البنك المركزي الأوروبي والإعلان عن المزيد من التدابير التحفيزية، مما قد يُضعف من قيمة اليورو وبالتالي يدعم ارتفاع قيمة الفرنك بشكل غير مباشر. جدير بالذكر أن تصريحات محافظ الوطني السويسري، توماس جوردان، دوماً ما تؤكد على ارتفاع قيمة الفرنك عن المستويات المرجوة مع الإشارة إلى استعداد البنك للتحرك إن استدعت الأوضاع ذلك. وكان البنك قد أبقى على توجهات السياسة التسهيلية دون تغيير خلال اجتماعه الأخير، مستنداً على استقرار الأوضاع الاقتصادية. وقد أوضح البنك أن آلية الفائدة السالبة تساهم في إزاحة بعض الضغوط على الفرنك، الذي مازال مرتفعاً بنحوٍ غير مبرر. 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image