هل يواصل الاسترليني ارتفاعه مدعوماً بانحسار توقعات خفض الفائدة البريطانية؟

هل يواصل الاسترليني ارتفاعه مدعوماً بانحسار توقعات خفض الفائدة البريطانية؟

جاء اجتماع لجنة السياسة النقدية ببنك إنجلترا اليوم ليزيح بعض الضغوط على الجنيه الاسترليني مع تغير رؤية البنك للتطورات الاقتصادية خلال الفترة الأخيرة. فقد رأت اللجنة أن تحسن الوضع الاقتصادي في أعقاب الاستفتاء كان أقوى من المتوقع معززاً من تطلعات الاقتصاد على المدى القريب، على الرغم من استمرار المخاطر الهبوطية على المدى المتوسط. وعليه، تخلى البنك عن التلميح إلى إمكانية خفض الفائدة مرة أخرى، وهو ما لعب الدور الأساسي في تعافي الاسترليني عقب الاجتماع. فعلى الرغم من إبقاء البنك على سياساته الحالية دون تغيير يُذكر، إلا أنه من الواضح أن البنك قد يستبعد خيار إتخاذ مزيداً من التدابير التسهيلية في الفترة القادمة خاصة مع استمرار توقعات ارتفاع التضخم بوتيرة مرتفعة نسبياً كنتيجة مباشرة للتراجع الهائل في قيمة العملة منذ انعقاد الاستفتاء البريطاني في يونيو الماضي.

وكان محافظ البنك مارك كارني قد أكد خلال المؤتمر الصحفي على أن اللجنة تقف على الحياد فيما يخص السياسة النقدية، مع الاستعداد لإتخاذ التدابير الملائمة سواء تسهيلية أو تشديدية طبقاً لما يتطلبه الوضع الاقتصادي الفترة المقبلة. فيما شددت اللجنة على حجم الأعباء التي يواجهها الاقتصاد البريطاني تأثراً بغموض المستقبل السياسي للبلاد وتداعياته على الأداء الاقتصادي والتجاري خلال الفترات المقبلة، وهو ما أثقل بالفعل على الثقة الاستثمارية خلال الآونة الأخيرة.

في المقابل، أبدت اللجنة ثقتها في تسارع وتيرة التضخم خلال السنوات المقبلة على أن تصل إلى ذروتها عند 2.75% خلال 2018 قبل تراجعها تدريجياً للاستقرار قرابة الهدف 2% بحلول منتصف 2019، الأمر الذي أرجعته بشكل أساسي إلى الهبوط السريع في قيمة الاسترليني. ويبدو أن البنك قد يقف عاجزاً أمام ارتفاع التضخم وتجاوزه للهدف 2%، حيث أكدت اللجنة على أن تشديد السياسة النقدية في الوقت الحالي للتحكم في مستوى التضخم قد يثقل في المقابل على معدلات النمو والتوظيف. الأمر الذي دفع البنك للإشارة إلى استعداده للتهاون في تخطي التضخم للهدف بقليل لعدم الإضرار بالجوانب الاقتصادية الأخرى، ولكن لم يتم تحديد النسبة القصوى التي قد يسمح بها البنك قبل التدخل من جديد. 

جدير بالذكر أن البنك قد تلقى العديد من الانتقادات بسبب سياساته التوسعية وإبقاءه على الفائدة عند المستويات الصفرية. كما تم اتهام لجنة السياسة بالمبالغة في تداعيات الخروج من الإتحاد الأوروبي على الوضع الاقتصادي، وما ترتب عليه من خفض الفائدة وزيادة حجم مشتريات الأصول خلال اجتماع أغسطس الماضي. إلا أن تلك الانتقادات لم تغير من رؤى البنك، وقد أكد كارني على استمراره في منصبه على الرغم من المطالبات برحيله.

وعن التطلعات الاقتصادية، تم رفع توقعات النمو للعامين 2016 و 2017 من 2% و0.8% إلى 2.2% و1.4% على التوالي، فيما هو من المتوقع أن يتخلى الاقتصاد عن تلك النسب تدريجياً على مدار العامين 2018 و 2019.

وكان لغياب الإشارة إلى المزيد من خفض الفائدة هذا العام تأثيراً إيجابياً على تداولات الاسترليني الذي حاول التعافي أمام الدولار الأمريكي، إلا أن استفادة الدولار من تزايد إحتمالات رفع الفائدة خلال اجتماع ديسمبر قد وقف عائقاً أمام مكاسب الاسترليني. فقد واجه زوج الاسترليني دولار مقاومة عند مستويات 1.2480 دفعته للتخلي عن بعض مكاسبه اليومية، ومع الإغلاق اليومي دون هذا المستوى، فقد يعاود الزوج استقراره ضمن نطاق المستويات 1.2480 و 1.2030 حيث تستقر تداولات السعر منذ السادس من أكتوبر الماضي. أما في حال تجاوز النطاق لأعلى فسوف تتزايد فرص الزوج في إعادة اختبار مستويات 1.2860، أما على الجانب الأخر، فإن التراجع دون 1.2030 قد يفتح الباب أمام المزيد من الهبوط.


 

اقرأ أيضاً: 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image