البرتغال هي أزمة الديون المقبلة في منطقة اليورو بعد اليونان

البرتغال هي أزمة الديون المقبلة في منطقة اليورو بعد اليونان
البرتغال

عقب حيرة الأسواق خلال الأسبوع الماضي عن ما إذا كانت اليونان سينتهي بها الأمر وتخرج من منطقة اليورو أم لا، يبدو أنه قد يتم التوصل إلى إتفاق نوعًا ما، وعلى الرغم من أن هذا الاتفاق لن يساعد على حل أزمة اليونان بشكل كامل ولا يستطيع أن يدعم زوج اليورو دولار، إلا أنه قد يساعد على صمود البلاد في سداد الدين لفترة من الوقت (يمكنك الاطلاع على مقترحات اليونان تفشل في حل ثلاث مشكلات أساسية)

ولكن في الواقع، قد لا تكون الأزمة الحقيقية في الجانب الشرقي من منطقة اليورو، ولكن في الغرب حيث تعد البرتغال هي الأزمة الحقيقية الثانية التي على وشك الانفجار، وذلك بسبب زيادة عبء الديون على البرتغال، بالإضافة إلى ضعف الأداء الاقتصادي والذي قد يكون سبب في تخَلُف البرتغال عن سداد هذه الديون، من ناحية أخرى، قد تُسبب الانتخابات المقرر عقدها في وقت لاحق من هذا العام تفاقم الأزمة البرتغالية الثانية.

فبالنظر إلى البرتغال، فهي لا تعد على غرار الأزمة اليونانية، فمن المحتمل أن يستمر وجود اليونان في منطقة اليورو على المدى القريب وذلك في ظل استعداد أوروبا لتقديم ما يكفي من التمويل اللازم لمساعدتها على سداد الديون وتحقيق استقرار اقتصادي، بينما على النقيض تمامًا، لا تبدو أن البرتغال قادرة على تحقيق معدلات نمو مستدامة.

فعند إلقاء نظرة عن كثب على الوضع الاقتصادي، فيبدو أن البرتغال في وضع أفضل بكثير مما كانت عليه قبل ثلاث سنوات، فقد أنهت برنامج الإنقاذ في مايو من العام الماضي عقب تحقيق أهداف البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وبدأ الاقتصاد في النمو مرة أخرى حيث ارتفع معدل نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 0.4% خلال الربع الأخير ووصل معدل النمو على أساس سنوي إلى 1.5% ومن المتوقع أن يسجل معدل نمو بنسبة 1.6% هذا العام.

وإذا استطاعت البرتغال التعافي من أزمة الديون فسوف يعد هذا بمثابة نجاح كبير للاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، ولكن المشكلة هنا هو أنها لن تستطيع ذلك.

فلا يُظهِر الاقتصاد البرتغالي أية ملامح للنمو المستدام، ويرجع نمو إجمالي الناتج المحلي بشكل أساسي إلى زيادة معدل إنفاق المستهلكين والاستثمار، بينما لا يزال يشهد حجم الصادرات تراجعًا بالإضافة إلى استمرار ارتفاع معدلات البطالة، وبصرف النظر عن كل هذا، تعد المشكلة الحقيقية هي الدين، فوفقًا لأحدث البيانات الصادرة فقد ارتفع نسبة الدين في البرتغال إلى إجمالي الناتج المحلي إلى 130%، بما في ذلك نسبة 70% إلى الأجانب، وهو الأمر الذي أثار العديد من المخاوف.

على الجانب الآخر، تعد الانتخابات المقرر عقدها في نهاية أكتوبر المقبل مشكلة أخرى تواجه البرتغال، وذلك لأنه في حالة فوز حزب Antonio Costa الاشتراكي في هذه الانتخابات، فمن المحتمل أن يعمل على الحد من سياسة التقشف المتبعة في البلاد مما سيزيد من الاضطرابات مع كلًا من المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي، بينما في حالة فوز الحزب الاحتجاجي الاسباني Podemos فإن هذا قد يشجع الحكومة البرتغالية اليسارية على رفض خفض حجم الإنفاق.

جدير بالذكر، أن جميع الدلائل تشير إلى أنه بمجرد وصول نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي إلى 130% فإن هذا الأمر يزيد من صعوبة حل أزمة الديون وعدم قدرة البلاد على تحقيق معدلات نمو مستدامة، حيث يجب على البرتغال أن تسجل معدل نمو 3% لكي تستطيع خدمة هذه الديون وهو الأمر الذي يعد شبه مستحيل خلال الوقت الحالي.

وفي الوقت نفسه، سوف يدرك بعض الدائنيين أنهم يجب عليهم تخفيف عبء الدين على البرتغال خلال مرحلة ما، وفي هذه الحالة، سوف يكون هذا الأمر بمثابة دافع لخروج المستثمرين من البلاد

في الوقت الحالي، تعتقد الأسواق أنه يمكن احتواء أزمة اليونان، ربما يمكن تحقيق ذلك بالفعل، ولكن ماذا عن البرتغال؟ يبدو أن هذا الأمر يصعب تحقيقه خلال الوقت الحالي.... يعتقد غالبية الأشخاص أن أزمة منطقة اليورو تقع في اليونان، ولكن قد تكون في لشبونة بدلًا من ذلك.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image