نظرة شاملة عن الاقتصاد البريطاني في ظل ترقب بيان السياسة النقدية

نظرة شاملة عن الاقتصاد البريطاني في ظل ترقب بيان السياسة النقدية

لا يزال يعد بنك انجلترا واحد من البنوك المركزية الكبرى المتوقع أن تكون خطوته التالية هي رفع معدلات الفائدة، ولكن مع تقرير التضخم للبنك الصادر مؤخرًا، والذي أظهر تراجع معدلات التضخم خلال مارس الماضي إلى -0.1% بالإضافة إلى انخفاض توقعات معدلات النمو الاقتصادي لعامي 2015 و2016 إلى 2.5% و2.6% على التوالي، فقد يؤدي هذا الأمر إلى تأجيل قرار البنك برفع الفائدة حتى العام المقبل، خاصًة في ظل توقعات البنك بتراجع معدلات التضخم إلى النطاق السلبي خلال الأشهر القليلة المقبلة قبل أن تعاود ارتفاعها مرة أخرى في نهاية العام الجاري مع بداية تعافي الاقتصاد من الآثار السلبية الناتجة من التراجع الكبير في أسعار السلع الأساسية.

وعلى الرغم من انخفاض التوقعات، إلا أن بنك انجلترا لا يزال يشير إلى أن تراجع معدلات التضخم سوف يكون سببًا في زيادة معدل إنفاق المستهلكين في نهاية الأمر، أما بالنسبة للوضع الاقتصادي، فمن خلال تصريحات محافظ البنك، مارك كارني، فقد أشار إلى تحسن معدل النمو الاقتصادي، واستمرار تراجع معدل البطالة بالإضافة إلى تحسن معدل نمو الأرباح وليس هناك أي دليل على تراجع معدل إنفاق الأسر، ولكن هل تدعم البيانات الاقتصادية الصادرة مؤخرًا هذه التصريحات؟ هذا ما سوف نتناوله من خلال التقرير التالي:

  • معدلات التضخم

لقد عانت انجلترا كثيرًا من الانخفاض الحاد في أسعار النفط العام الماضي، فبالإضافة إلى تراجع معدلات التضخم، فإن قيمة الاسترليني المرتفعة خفضت أسعار الواردات وأضعفت القدرة التنافسية للصادرات، ولكن يبدو أن ارتفاع قيمة الجنيه الاسترليني لم تعد تمثل مشكلة كبيرة بالنسبة للبنك كما كان في الماضي، وبالنظر إلى البيانات الاقتصادية، نُلاحظ تراجع مؤشر أسعار المستهلكين إلى النطاق السلبي لأول مرة منذ عام 1960 ليسجل -0.1% خلال إبريل الماضي، وفي الوقت نفسه، تراجع المؤشر بقيمته الأساسية من 1.0% إلى 0.8%.

جدير بالذكر، توقع بنك انجلترا لهذا التراجع وذلك في ظل تأكيد محافظ البنك كارني على أن هذا الانخفاض المؤقت إلى النطاق السلبي يرجع إلى التراجع في أسعار السلع الأساسية وليس ضعف معدلات الطلب المحلي.

  • معدل إنفاق المستهلكين

فقد أظهر مؤشر مبيعات التجزئة قراءة أفضل من المتوقع ليرتفع إلى 1.2% خلال إبريل الماضي، وبذلك يكون الاقتصاد البريطاني قد سجل أطول فترة نمو منذ مايو 2008، ولكن على الرغم من هذا، لا يزال يوجد بعض التخوف من احتمالية استمرار هذا النمو خاصًة في ظل تراجع إنفاق المستهلكين خلال الشهر السابق من -0.5% إلى -0.7%.

  • معدل التوظيف

لقد شهد معدل البطالة تراجعًا بنسبة 0.1% إلى 5.5%، كما سجل متوسط دخل الفرد الأسبوعي قراءة أفضل من المتوقع بنسبة 1.9% في حين استقرت التوقعات على أن يسجل 1.7%، مما يشير إلى استقرار سوق العمل إلى حدٍ ما، فعلى الرغم من انخفاض معدل التغير في إعانات البطالة بأقل وتيرة انخفاض منذ مارس 2013 ليسجل -12.6 ألف إلا أن القراءة لا تزال إيجابية وذلك لأن القراءة السلبية تعني وجود عدد أقل من الأفراد يحصلون على إعانات البطالة.

أيضًا، إذا وضعنا بعين الاعتبار ارتفاع متوسط الدخل، وتراجع أسعار السلع بالإضافة إلى زيادة فرص العمل، فإن ذلك يزيد من احتمالية مزيد من معدل إنفاق المستهلكين في المستقبل.

  • معدل النمو

سجلت القراءة الأولية لإجمالي الناتج المحلي نموًا بنسبة 0.3% فقط خلال الربع الأول بالمقارنة بالقراءة السابقة عند 0.6%، ولكن جدير بالملاحظة أنه على الرغم من ضعف القراءة إلا أن إجمالي الناتج المحلي لا يزال ينمو للربع التاسع على التوالي، كما أن هذه القراءة لا تزال أولية فقط وأنه لا يجب علينا القلق إلا في حال إظهار القراءة النهائية مزيدًا من التراجع أو في حالة تراجع القراءة على أساس سنوي دون التوقعات 2.5%.

نخلُص مما سبق بأن جميع تصريحات بنك انجلترا قد تم دعمها من قبل البيانات الاقتصادية الصادرة مؤخرًا، كما أن تراجع معدلات التضخم ضمن النطاق السلبي كان أيضًا من ضمن توقعات البنك، ولكن هل ستستمر معدلات التضخم في مطابقة توقعات البنك وتشهد تعافيًا بحلول نهاية العام الجاري؟

بوجٍه عام، لا يوجد أمام معظم المحللين سوى الاعتقاد في مصداقية بنك انجلترا خاصًة منذ تراجع قيمة الجنيه الاسترليني خلال الشهر ماضي، ومن المحتمل استمرار هذا التراجع في حالة استمرار تباين البيانات الاقتصادية البريطانية حتى يتم تأكيد توقعات التضخم للبنك وتشهد ارتفاعًا مرة أخرى، وهو ما سوف نلاحظه خلال الفترة المقبلة خاصًة في ظل ترقب المستثمرين لبيان السياسة النقدية للبنك المقرر صدوره في وقت لاحق من الأسبوع الجاري.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image