السوق المالية تتلقى ثلاث ضربات موجعة اليوم


تلقت العملات والأسهم اليوم ثلاث ضربات موجعة، تمثلت في التوترات بين الكوريتين الشمالية والجنوبية، وحالة القلق المستمرة من أزمة الدين الأوربية، والتحقيق في صنادق التحوط. وأدت تلك التطورات إلى أن يعتري المستثمرون حالة من القلق البالغ، ولسوءالحظ، من الممكن أن تزداد الأحوال سوءًا قبل أن يطرأ عليها أي نوع من التحسن، وذلك في ظل انعدام رؤية أي حل واضح المعالم في الأفق على المدى القريب. وما لم تتراجع كوريا الجنوبية عن موقفها (وذلك على اعتبار الموقف الصلد لكوريا الشمالية وعدم احتمالية تراجعها)، أو أن يتناسى السوق مستويات الدين السيادي المرتفعة في أسبانيا والبرتغال، أو تخلي مكتب التحقيقات الفيدرالية عن تحقيقاته التجارية الداخلية، فمن الممكن أن تستمر عمليات البيع. ومن المعروف أنه إذا انتاب المستثمرون حالة قوية من القلق، فإنهم سرعان ما يتخلون عن المخاطرة والصفقات مرتفعة العائد ساعين وراء عملات الملاذ الآمن منخفضة العائد. وفي الحالة التي شهدناها اليوم، استفاد الدولار الأمريكي والين الياباني والفرنك السويسري كثيرًا من تدفقات العزوف عن المخاطرة.

الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تباحث حول برنامج التحفيزات وتوقعات الناتج المحلي الإجمالي:
كشفت نتائج اجتماعات لجنة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي- والتي وسع فيها البنك المركزي من برنامج شراء الأصول التابع له- عن حالة قلق ذائعة إزاء تطلعات الاقتصاد بالبلاد. وقد شعر مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أن قطار التعافي الاقتصادي الأمريكي ثقيل في حركته، الأمر الذي يعوق جهودهم الرامية إلى التوصل إلى حالة من الثبات بالنسبة للتوظيف والأسعار. ومع استقرار التضخم دون المعدل المستهدف للبنك المركزي وارتفاع الإنتاج على نحو متواضع، يشعر البنك المركزي بأن فوائد التسهيلات النقدية الإضافية قد تجاوزت التكاليف. من زاوية أخرى، يبدو أن الولايات المتحدة أمامها وقتًا عصيبًا للغاية لتحقيق مستوى النمو الذي تحتاجه لاستعادة مستوى الوظائف من جديد. ومع توسيع برنامج مشتريات الأصول، لا يزال البنك المركزي مخفضًا لتوقعات الناتج المحلي الإجمالي سواء لهذا العام أو المقبل. ويرى مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي في الوقت الحالي أن الاقتصاد الأمريكي ماض في نموه بمعدل بنسبة تتراوح ما بين 2.4-2.5% خلال عام 2010، بهبوط عن التوقعات السابقة التي كانت تتراوح فيما بين 3.0-3.5%. وتتنبأ التوقعات بأن النمو سيتراوح فيما بين 3.0-3.6% في عام 2012، وذلك مقابل التوقعات السابقة التي كانت تتنبأ بنسبة تتراوح فيما بين 3.5-4.2%. في سياق منفصل، من المتوقع ارتفاع البطالة عما كانت ذي قبل في عام 2011. وخلال هذا العام، يتوقع الاحتياطي الفيدرالي أن يتراوح معدل البطالة فيما بين 9.5-9.7%. وبنهاية عام 2011، فإنهم يتوقعون هبوط معدل العاطلين عن العمل إلى 8.9-9.1%. وليس من المتوقع أن تهبط البطالة دون نسبة الـ8% حتى نهاية عام 2012، وهو ما نستدل منه ضمنًا على أن الأمريكيين سيعانون ويقاسون من ارتفاع البطالة على مدار العامين المقبلين. إلى ذلك، فقد روجعت توقعات التضخم على ارتفاع، لتعكس بذلك أثر ضعف الدولار. ورغم أن بعض أعضاء لجنة الاحتياطي الفيدرالي قد عبروا عن قلقهم البالغ إزاء فعالية برنامج التسهيلات النقدية والضغوط التي من الممكن أن يفرضها على الدولار والتضخم، تشير توقعات النمو المخفضة وتوقعات البطالة المرتفعة لما كانت البرامج التحفيزية ضرورية، فبدون توسيع برامج التسهيلات النقدية، كان من المحتمل أن تكون التوقعات أسوأ مما هي عليه الآن، لذا فإنه يتعين علينا أن ننظر إلى أفعال الاحتياطي الفيدرالي على أنها مثلت ضمانًا كانت هناك حاجة ماسة إليه من أجل الاقتصاد الذي يقف في مهب الريح.

استعراض ومراجعة البيانات الاقتصادية:
أوضح سلسلة البيانات الاقتصادية الأمريكية الأخيرة إلى أي مدى كان التعافي الاقتصادي بالبلاد محدودًا. وقد روجعت قراءة الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثالث من العام على ارتفاع، في حين تسارعت وتيرة النشاط التصنيعي بمنطقة ريتشموند هذا الشهر. ومع ذلك، كانت مبيعات المنازل الكائنة ضعيفة للغاية، إذ هبطت بواقع 2.2% خلال شهر أكتوبر. وبدوره، ساعد الاستهلاك في الإبقاء على استدامة التعافي، إلا أن مستوى البطالة المرتفع يعني أن الاستهلاك لا يزال ضعيفًا للغاية. وقد ساعد ضعف الدولار في تعزيز النشاط التصنيعي بالبلاد، في حين أن السوق الإسكانية لا تزال تمثل واحدة من أكبر بؤر المشاكل بالنسبة لاقتصاد البلاد. وقد أبقت عمليات حبس الرهن وعمليات الائتمان المحكمة على حالة الجمود التي عليها السوق العقارية. كما هبط متوسط أسعار المنازل المباعة إلى 170,500 دولارًا مقابل 171,500 دولارًا خلال شهر سبتمبر. وما لم يحدث ارتفاع في سوق العمل، فستشهد السوق الإسكانية أوقاتًا عصيبة بالنسبة لعمليات التعافي الخاصة بها. وبدون الوظائف، لن يتطلع أحد إلى شراء منزل جديد، إذ سيكون من الصعب للغاية الحصول على ائتمان. في غضون ذلك، روجعت قراءة الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثالث من العام على ارتفاع ملحوظ، فقد توسع الاقتصاد الأمريكي خلال الفترة ما بين يوليو حتى سبتمبر بواقع 2.5%، بارتفاع عن التوقعات السابقة البالغة 2.0%. وجاء هذا الارتفاع في النمو كلية نتيجة لعمليات الاستهلاك القوية والتي روجعت هي الأخرى على ارتفاع من 2.6% إلى 2.8%. وقد عزز الطلب الاستهلاكي أغلب عمليات النمو خلال الربع الثالث من العام، كما أنها ذات دور محوري في استمرار عمليات النمو خلال الربع الرابع من العام. ومن المتوقع أن يشرع تجار التجزئة بالولايات المتحدة في بدء عمليات التخفيض على منتجاتهم أملاً في جذب الكثير من عمليات البيع قدر الإمكان في هذه البيئة الاقتصادية الواهنة.

ومع غلاق الأسواق الأمريكية أبوابها يوم الخميس المقبل للاحتفال بعيد الشكر، نرى أن يوم الأربعاء سيكون مشحونًا بالبيانات الاقتصادية. ومن بين البيانات التي من المنتظر صدورها، نرى مبيعات السلع المعمرة ومؤشري الدخل والإنفاق الشخصيين وإعانات البطالة وأسعار المنازل ومبيعات المنازل الجديدة والقراءة النهاية لتقرير ثقة المستهلك الصادر عن جامعة ميتشيجان. ومن جانبنا، فإننا نتوقع دورة جديدة من البيانات المتذبذبة، إذ من المتوقع أن تعادل القراءتين القويتين للدخل والإنفاق الشخصيين ضعف مبيعات المنازل الجديدة.

إلى أي مدى يمكن أن يهبط اليورو مرة أخرى؟
منذ أن طلبت أيرلندا رسميًا المساعدة من الاتحاد الأوربي وصنوق النقد الدولي، هبط اليورو 400 نقطة أو حوالي 3% من أعلى قمة له مقابل الدولار الأمريكي. ومع هبوط الزوج إلى أدنى مستوى له على مدار منذ شهر عند 1.3362، يتساءل الكثير من المستثمرين إلى أي مدى يمكن لزوج (اليورو/ دولار) الهبوط مرة أخرى؟ وقبل أن تطلب أيرلندا رسميًا المساعدة، كنا قد نشرنا رسمًا بيانيًا توضيحيًا (والموضح أدناه من جديد) يوضح كيف كانت ردة فعل الزوج بالنسبة لخطة افنقاذ اليونانية. ورغم أن أيرلندا تبدو وكأنها أفضل حالاً اقتصاديًا من اليونان، إلا أن السبب الذي حمل المستثمرين على إدارة ظهورهم لليورو خلال شهر مايو هو ذاته الذي دفعهم إلى بيعه منذ بداية الأسبوع، فحالة القلق تمتد إلى ما هو أبعد من تلقي الدولة لخطة مساعدة مالية، إذ تتمثل في مخافة انتقال عدوى الأزمة المالية سريعًا إلى باقي دول منطقة اليورو، حيث بدأ المستثمرون في الالتفات ومتابعة الأوضاع الاقتصادية في البرتغال وأسبانيا. وفي ظل مستويات الدين المرتفعة ونسبة النمو التي تقارب الصفر، اتسع فارق عائد السندات البرتغالية والأسبانية فعليًا إلى حد كبير. وبالترتيب، تأتي الدول الأعلى عجزًا في موازناتها بمنطقة اليورو على النحو التالي: اليونان، أيرلندا، أسبانيا، والبرتغال. وقد سقطت الأولتين في دوامة أزمة الدين، ومن المحتم أن تلحق بهما الأخرتين. وفيما يتعلق إلى أي مدى يمكن أن يهبط اليورو، فمن الممكن أن يمتد الهبوط الحالي بسهولة إلى المستوى 1.30، والذي سيمثل نسبة هبوط بنحو 3% عن المستويات الحالية. وبعودة إلى شهر مايو، وبعد تقديم العون المالي إلى اليونان، فقد اليورو 10% من قيمته في شهر واحد، وثمة احتمالية كبيرة في أن نشهد حالة مشابهة لتلك خلال هذه الأيام، لاسيما ما لم يتحللوا المستثمرون من عقدة أسبانيا والبرتغال. وإذا ما أعلنت وكالات التصنيف الائتماني خفض تطلعاتها الاقتصادية لهاتين الدولتين أو الأسوأ من ذلك خفض تصنيفاتها الائتمانية لهما، فمن الممكن أن يشق زوج (اليورو/ دولار) طريقه مرة أخرى لاختبار مستواه الهابط لشهر سبتمبر عند 1.27. وحتى الوقت الحالي، فإننا لا زلنا نترقب تفاصيل خطة الإنقاذ المالية. ولا زالت المشكلات السياسية تلاحق الحكومة الأيرلندية حتى الآن، حيث يناضل رئيس الوزراء كووين للحفاظ على مقعد رئاسة الوزراء وسط الدعوات المتزايدة المطالبة باستقالته على الفور. وعندما يتعلق الأمر بأوربا، فإن درجة الغموض وانعدام اليقين ترتفع إلى أعلى عليين، ومن الضروري التوصل إلى حل سريع لتفادي ما وصفه ليكانين عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوربي "بالدورة السلبية" في أوربا. على صعيد البيانات الاقتصادية الأوربية، نرى ان البيانات الاقتصادية قد جاءت على نحو أفضل من توقعات السوق، حيث تسارعت وتيرة نشاط القطاعين التصنيعي والخدمي بالمنطقة خلال شهر نوفمبر. ولو لم تكن المشاكل الكامنة في أيرلندا واليونان، لكان من المرجح أن تجري عمليات التداول على نحو مرتفع بالركون إلى قوة البيانات الاقتصادية الأخيرة. وتؤكد القراءات القوية للنشاط الاقتصادي على حالات التحسن التي طالت كل من ثقة المستهلك والمستثمر على حد سواء. في سياق منفصل، لم يطرأ أدنى تغير على قراءة الناتج المحلي الإجمالي الألماني خلال الربع الثالث من العام، لتأتي بواقع 3.9%، إلا أن تفاصيل التقرير توضح أن المراجعة الهابطة للصادرات وازنتها المراجعة الصاعدة للإنفاق الحكومي. ومن المنتظر صدور قراءة مؤشر IFO الألماني اليوم الأربعاء، ومن المتوقع تحسن ثقة الأعمال عقب القراءات المرتفعة بالنسبة للنشاط الاقتصادي.

الإسترليني: موافقات الرهن العقاري في أدنى مستوى لها منذ 19 شهرًا
هبط الإسترليني لليوم الثالث على التوالي مقابل الدولار الأمريكي، وقد تلقت العملة ضربة موجعة من موجة القلق التي اجتاحت الأسواق المالية. وجاءت البيانات البريطانية الوحيدة البارحة على المفكرة الاقتصادية والمتمثلة في موافقات الرهن العقاري على نحو أدنى من توقعات السوق المتشائمة فعليًا، فقد هبط عدد موافقات الرهن العقارية من 31,058 إلى أدنى مستوى لها على مدار 19 شهرًا، وتحديدًا عند 30,766. وشأنها في ذلك شأن الولايات المتحدة الأمريكية، تعتبر السوق الإسكانية البريطانية إحدى أضعف الحلقات في سلسلة الاقتصاد البريطاني. ومن المحتمل أن تبقي الأوضاع المالية المحكمة على مدار العام المقبل بالإضافة إلى القيمة الأعلى لضريبة القيمة المضافة على السوق الإسكانية مستكينة تحت وطأة الضغوط الحالية. وعادة ما يكون ملاك المنازل المحتملين أكثر عزمًا على الشراء إذا ما كانوا واثقين من إمكانية تحملهم لمدفوعات الرهون العقارية الشهرية. هذا، ولم يكن الجنيه الإسترليني محصنًا ضد عمليات التذبذب التي اجتاحت السوق. ومن جانبنا، فإننا نتوقع أن تظل العملة البريطانية تحت المجهر غدًا في الوقت الذي من المقرر فيه صدور قراءة الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثالث من العام. وقد روجعت قراءة مبيعات التجزئة والنشاط التجاري على هبوط خلال الربع الثالث من العام، وهو ما يعني أن قراءة الناتج المحلي الإجمالي عن هذه الفترة قد تكون عرضة لمراجعات هابطة هي الأخرى. وإذا ما حدث هذا، فقد يواصل الجنيه الإسترليني خسائره تجاه المستوى 1.55.

 

 

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image