حالة من العزوف عن المخاطرة قبل صدور تقرير التوظيف الأمريكي واجتماعات صندوق النقد الدولي

ضربت أسواق النقد الأجنبي اليوم حالة من التذبذب الشديدة، حيث هبط الدولار إلى أدنى مستوى له على مدار 8 شهور مقابل اليورو مع بداية فترة التداول الأمريكية. كما وصل زوج (اليورو/ دولار) إلى المستوى 1.40، محدثًا 180 حالة تغيير اتجاه قبل أن ينتهي به الحال فعليًا في النهاية دون أدنى تغيير. لقد كانت رجعة الدولار قوية فعليًا، إلا أنه لا يزال من المبكر للغاية قول أن الدولار عثر لنفسه على قاع. وثمة فرصة جيدة للقول بأننا في المراحل النهائية لضعف الدولار، إلا أن دافع الارتداد بالنسبة للدولار ليس شيئًا يُذكر أكثر من كونه جنيًا للأرباح. ومع ترقب صدور تقرير العاملين في القطاع غير الزراعي الأمريكي يوم الجمعة، بالإضافة إلى اجتماعات مجموعة السبعة وصندوق النقد الدولي خلال عطلة نهاية الأسبوع، نرى أنه يوجد الكثير من أحداث المخاطرة المهمة التي من شأنها إحداث ضرر جسيم بزوج (اليور/ دولار). وتشير حقيقة إبقاء الين الياباني والدولار الأسترالي على مكاسبهما أيضًا إلى فترة ضعف الدولار لم تنقض بعد.

ما الذي نتوقعه من تقرير التوظيف الأمريكي:
على مدار الشهور الثلاثة الماضية، ارتفع زوجي (اليورو/ دولار) و(الأسترالي/ دولار) جيدًا، وإذا ما كانت هناك فرصة فعلية للحد من عمليات المخاطرة، فستتمثل في الفترة السابقة لتلك الأحداث المهمة المحركة للسوق. ويعد تقرير العاملين بالقطاع غير الزراعي الأمريكي أحد تلك التقارير المهمة اليت تتمتع بقوة تغيير مسار السوق وثقة البنك المركزي. ورغم يقيننا بعدم إمكانية حدوث ذلك خلال هذا الشهر، إلا أن الشكوك المحيطة بحالة سوق العمل الأمريكية تمثل سببًا جيدًا لأحجية حد المستثمرين من المخاطرة. كما أن هناك الكثير من الأسباب الأخرى التي تدعم حدوث تحسن في سوق العمل جنبًا إلى جانب الأسباب الأخرى التي تشير إلى التدهور. لقد هبطت إعانات البطالة إلى أدنى مستوى لها على مدار 3 شهور، ووفقًا لتقرير ISM غير التصنيعي، اتجه أصحاب العمل إلى زيادة أعداد الوظائف خلال شهر سبتمبر، إلا أنه لا زالت هناك العديد من الأسباب التي توضح سبب احتمالية ألا يكون هناك قدر كبير من التحسن في تقرير العاملين في القطاع غير الزراعي الأمريكي. ومثالاً على ذلك، أورد تقرير ADP للتغير في التوظيف بالقطاع الخاص الأمريكي حدوث هبوطًا في الوظائف قدره 39 ألفًا، في الوقت الذي أوضح فيه تقرير تشالنجر ارتفاعًا صغيرًا في عمليات تسريح الوظائف، وهبط مكون التوظيف بمؤشر ISM إلى أدنى مستوى له خلال شهر مارس، في الوقت الذي تدهورت فيه ثقة المستهلك. وفي الشهر الماضي، خسر الكثير من الموظفين الحكوميين وظائفهم الشهر الماضي، حيث كان 80 ألفًا منهم على الأقل من عمال الإحصاء و40 ألفًا من خارج عمال الإحصاء، وأغلبهم من العاملين بالتعليم. ونتيجة لذلك، من المحتمل أن يكون شهر سبتمبر أيضًا من صافي عمليات فقد الوظائف. ومن الممكن ارتفاع عمليات التوظيف بالقطاع الخاص بقدر كبير، ولكن إلا أنه من المتوقع حدوث تحسن ضئيل للغاية لأنه مع نهاية اليوم، ستصاب سوق العمل الأمريكية بالشلل نتيجة لعمليات خفض الوظائف وعمليات التعيين الجديدة.

صندوق النقد الدولي يحاول لعب دور الوسيط:
يحاول صندوق النقد الدولي لعب دور الوسيط في حرب "سوق العملة". وأفاد ستراوس خان- مدير صندوق النقد الدولي- أن القلق يعتريه إزاء ضعف التعاون في هذه الفترة الحرجة بالاقتصاد العالمي. وأضاف أن بعض الدول تستغل عملاتها "كسلاح"، وتابع ان حرب العملات لن تفيد أي طرف في نهاية المطاف. وأضاف أنه يؤمن أن الصين بحاجة إلى إصلاح اليوان على مدار الوقت، إلا أنه من المهم أن نعطي الدول الناشئة "صوتًا أكبر". وكان رئيس البنك الدولي زويلك محقًا تمامًا عندما قال إنه ما من حل يسير لهذه المشكلة نظرًا لوقوف الدول المختلفة على أطراف متباعدة ومختلفة بخصوص هذه القضية. وأقر أن الصين لعبت دورًا بالغ الأهمية في التعافي الاقتصادي العالمي، إلا أنه شجع الدول ذات الفوائض الكبرى مثل الصين واليابان لتفادي التدخل في أسواق سعر الصرف لدعم الصادرات. وسيؤدي التدخل في السياسة النقدية من قبل دولة إلى انتهاج دولة أخرى مذهب حماية الإنتاج الوطني. ويمكن للاجتماعات المقبلة رفيعة المستوى تفسير لنا لم يتدخل بنك اليابان في السوق خلال الأسابيع الأخيرة رغم ارتفاع اليوان الذي لا يلين. ومن جانبهم، يريد اليابانيون تفادي مواجهة الصينين فيما يتعلقبالتدخل في أسعار سوق العملات. وستكون مباحثات نهاية هذا الأسبوع بالغة الأهمية وذلك على أساس أن الصين ستشير في الغالب بأصابعها إلى الولايات المتحدة، وستلقي بلوم الارتفاع المذهل في باقي العملات على ضعف الدولار. في غضون ذلك، ستقول دول أخرى مثل البرازيل وكوريا الجنوبية واليابان إنها ليست الوحيدة التي تتدخل في أسعار الصرف بسوق العملات.

لن يصوت الجميع داخل الاحتياطي الفيدرالي لصالح المزيد من البرامج التحفيزية:
رغم تعالي الأصوات بين مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي الداعمين لزيادة برنامج شراء الأصول، ذكرتنا التصريحات الصادرة من اىحتياطي الفيدرالي اليوم بأن القرار لن يكون بالإجماع. فعلى الأقل، لن يصوت هوينج- وهو الصقر الوحيد داخل البنك المركزي- لصالح تقديم المزيد من البرامج التحفيزية، إذ أنه يرى أنه ما من حاجة إلى المزيد من البرامج التحفيزية على اعتبار أن الاقتصاد الأمريكي في تنامي ولكن بوتيرة معتدلة، وسيستمر في ذلك. والأكثر أهمية، أن القلق يعتريه من أن السيولة المفرطة ستجعل التضخم أمرًا من الصعب السيطرة عليه في المستقبل. ولن فيشر- أحد أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي- في صف التسهيلات النقدية، شأنه بذلك شأن الكثيرين من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، إذ أنه لم يعقد العزم بعد حول المزيد من برامج التسهيل النقدي، وذلك على اعتبار أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي لديهم الكثير ليقلقوا بشأنه قبل الذهاب إلى مصدر الحصول على الأموال. وكان فيشر قد حذر من أن السوق قد توصل إلى نتيجة سريعة بشأن التسهيلات النقدية، وذلك نظرًا إلى أن فعالية المزيد من البرامج التحفيزية لم يتم التوصل إليها بعد. وثمة وفرة من السيولة في الاقتصاد حتى وقتنا الحالي، كما أنه يتوقع تسارع وتيرة النمو عقب الربع الثالث من العام. وإذا ما شاركه الكثير من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي في وجهة النظر هذه، فقد تكون عمليات البيع المفرطة على الدولار أمرًا أكيدًا لا محالة.

 

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image