ما سبب هبوط الدولار الأمريكي خلال تداولات اليوم؟

شهدت تداولات يوم الخميس انخفاض الدولار الأمريكي بصورة حادة، مواصلا سلسلة الخسائر التي تكبدها منذ التداولات المبكرة، مدفوعا بعمليات جني الأرباح واسعة النطاق بعد أن قفز الدولار لأعلى مستوى له منذ ثلاثة أشهر خلال تعاملات أمس الأربعاء، فضلا عن تعليقات محافظ البنك الفيدرالي الأمريكي الأخيرة، مع ترقب الأسواق لصدور بيانات سوق التوظيف الأمريكي يوم غد للحصول على إشارات حول ما إذا كانت هذه البيانات تمنح الفيدرالي الأمريكي مجالا أكبر لتبني زيادات أكبر في أسعار الفائدة، بما ينعكس بوضوح على تداولات الدولار المقبلة.

وبالنظر لتداولات اليوم، يتضح بأن مؤشر الدولار الأمريكي ، والذي يقيس أداء الدولار مقابل سلة من ست عملات، انخفاضا قويا بنسبة 0.53% ليستقر قرب المستوى 105.29 نقطة.

وتتمثل أهم أسباب تراجع الدولار الأمريكي بتعاملات اليوم في النقاط التالية:

أولا: تنامي مخاوف دخول اقتصاد الولايات المتحدة حالة الركود على المدى القريب

تعرضت تداولات الدولار لضغوط هبوطية شديدة، بالتزامن مع تزايد مخاوف الأسواق من ركود الاقتصاد الأمريكي بفعل سياسة الفيدرالي الأمريكي المتشددة لمستويات غير مسبوقة، حيث أثار ارتفاع أسعار الفائدة مخاوف المستثمرين من تباطؤ اقتصاد الولايات المتحدة بصورة حادة هذا العام أي تراجع أكبر قوة اقتصادية عالمية ومن ثم تضرر الطلب على الدولار بالتداولات، وتتمثل أهم العوامل التي صاعدت مخاوف الركود فيما يلي:

انعكاس منحنى العائد

تزايدت توقعات الأسواق السلبية حيال انكماش اقتصاد الولايات المتحدة، حيث انعكس منحنى العائد على سندات الخزانة الأمريكية بأكبر وتيرة منذ ثمانينيات القرن الماضي وتعتبر هذه الظاهرة مؤشرا قويا على تضرر الاقتصاد، إذ تنظر الأسواق عادة لانعكاس منحنى العائد أنه إشارة تقليدية إلى أن الاقتصاد بصدد الدخول في ركود.

ومن الملاحظ بأن عوائد السندات الحكومية الأمريكية قصيرة الأجل قد سجلت ارتفاعا ملحوظا هذا العام، مدفوعا بتوقعات الأسواق حول مواصلة البنك الفيدرالي الأمريكي نهجه التشديدي، بالتزامن مع ارتفاع عوائد السندات الأمريكية طويلة الأجل بوتيرة أبطأ بفعل مخاوف الركود المحتمل كنتيجة لسياسة البنك التشديدية.

دويتشه بنك: الانعكاس التاريخي لمنحنيات عوائد السندات الأمريكية ينذر بالركود

ومع إغلاق تعاملات أمس، ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية مع تحيز واضح نحو العوائد قصيرة الأجل، الأمر الذي تسبب في تعميق الفرق بين عوائد السندات الأمريكية لأجل عامين و لأجل 10 سنوات، بما يعكس مخاوف تضرر الاقتصاد جراء ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية على المدى القصير ليتبعها انخفاض معدل الفائدة على مدى أطول نسبيا؛ لذا بدت عوائد السندات الأمريكية ذات الأجل القصير أكثر جاذبية للمستثمرين.

توقعات بنوك استثمارية كبرى

أوضح الرئيس التنفيذي لبنك أوف أمريكا بأن التوقعات تذهب لحدوث ركود في الاقتصاد الأمريكي يبدأ في الربع الثالث من عام 2023، ليستمر حتى الربع الأول من عام 2024، كما سينكمش الاقتصاد بنسبة تتراوح بين 0.5٪ و 1٪ على أساس ربع سنوي.

واتفق بهذا التصور البنك الاستثماري الأمريكي جي بي مورجان، حيث رجح التقرير الصادر عن البنك دخول الولايات المتحدة في ركود بوقت لاحق من هذا العام على أن يبدأ على الأرجح في النصف الثاني من عام 2023.

ثانيا: سلبية بيانات إعانات البطالة

ساهمت سلبية بيانات إعانات البطالة الأمريكية والصادرة بوقت سابق من اليوم في تعزيز الزخم الهبوطي لتداولات الدولار ، حيث ارتفع عدد طلبات إعانات البطالة الأمريكية لما يعادل 211 ألف طلب جديد، وهو أكبر من توقعات الأسواق التي أشارت لتسجيلها 195 ألف طلب، والتي أشارت لاحتمال تضرر سوق التوظيف بالولايات المتحدة من السياسة التشديدية للبنك الفيدرالي الأمريكي، وبالتالي قد يتجه البنك للتوقف عن رفع الفائدة أو رفعها بوتيرة أبطأ، بما عزز تراجع الدولار بالتعاملات.

عاجل... إعانات البطالة الأمريكية سلبية للغاية لهذا الأسبوع!

ثالثا: تصريحات باول الأخيرة أمام الكونجرس

لا يزال الدولار يتعرض لضغوط هبوطية بسبب بعض النقاط التي أدلى بها محافظ الفيدرالي الأمريكي على هامش شهادته أمام الكونجرس أمس الأربعاء، وبخاصة بعد أن كانت الأسواق قد رجحت رفع الفيدرالي الأمريكي الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماع مارس إثر توضيح باول بأن البنك على استعداد لزيادة وتيرة رفع أسعار الفائدة مستقبلا في اليوم الأول من شهادة محافظ الفيدرالي الأمريكي، بما يعزز رفع معدل الفائدة النهائي إلى نطاق أكبر مما كان متوقعا.

وفي هذا الشأن، قال جيروم باول بأن البنك لم يحدد بعد قرار الفائدة القادم، وأن البيانات الاقتصادية هي المحدد الأساسي لقرارات الفيدرالي على مدار اجتماعاته المقبلة، بما أثر سلبا على تداولات الدولار بنهاية الأمر.

الدولار يهبط بعد مفاجأة محافظ الفيدرالي وصعود قوي لمعدن الذهب!

تغطية حية اليوم الثاني: شهادة محافظ الفيدرالي الأمريكي جيروم باول