هل يستطيع هذا الإجراء تخفيف حدة انهيار الليرة التركية؟

هل يستطيع هذا الإجراء تخفيف حدة انهيار الليرة التركية؟

بقلم بيتر نيرس 

سجل الدولار بعض المكاسب خلال الجلسة الأوروبية الأخيرة لهذا الأسبوع، والتي افتتحت بعد ساعات قليلة من انتهاء المناظرة الرئاسية التي جمعت المرشح الجمهوري والرئيس الحالي دونالد ترامب، ومتحديه المرشح الديمقراطي ونائب الرئيس السابق جو بايدن. وهذه هي المناظرة الأخيرة قبل الانتخابات التي باتت على بعد 11 يوماً فقط. من جهة أخرى، استمر المستثمرون في سوق العملات في تتبع التطورات في محاولات اللحظة الأخيرة للتوصل إلى اتفاق بشأن حزمة التحفيز. 

وعند الساعة 2:55 صباحاً بالتوقيت الأمريكي الشرقي (6:55 صباحاً بتوقيت جرينتش)، ارتفع مؤشر الدولار، الذي يقيس المعدل الموزون لسعر العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات عالمية أخرى، بنسبة 0.1٪ ليشير إلى 93.082، بعد أن كان قد تراجع إلى أدنى مستوى له في 7 أسابيع في وقت سابق من الأسبوع. ورغم ارتفاعها الطفيف خلال الجلسة الحالية، تبقى العملة الأمريكية متراجعة بنسبة 0.6٪ منذ بداية الأسبوع وحتى الآن. 

 كما انخفض الزوج الأكثر تداولاً في سوق العملات اليورو/دولار بنسبة 0.2٪ ليتداول عند 1.1793، ليتراجع بشكل ملحوظ من أعلى مستوى له في شهر، والذي كان قد سجله يوم الأربعاء حول مستوى 1.1880. أما الدولار/الين فلقد تراجع بنسبة 0.1٪، ليسجل 104.72. 

وتراجع الباوند/دولار بنسبة 0.2٪ ليسجل 1.3054، بعد أن انطلقت يوم أمس الخميس جولة من المحادثات اليومية المكثفة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، في محاولة أخيرة للتوصل إلى اتفاقيه تجارية بين الطرفين قبل نهاية العام. 

وكانت بريطانيا قد غادرت الاتحاد الأوروبي رسمياً في 31 يناير، ولكن المفاوضات بين الجانبين استمرت بهدف الوصول إلى اتفاقية تجارية تحدد إطاراً لصادرات وواردات بين الطرفين تصل إلى 900 بليون دولار سنوياً. وستنتهي العضوية غير الرسمية لبريطانيا في الإتحاد الأوروبي - المعروفة بالفترة الانتقالية - في أخر أيام هذا العام، 31 ديسمبر 2020. 

وانتهت قبل ساعات قليلة المناظرة الختامية بين المرشحين الرئاسيين في مدينة ناشفيل بولاية تينيسي. وكانت هذه المناظرة أكثر احتراماً من المناظرة الأولى التي كانت فوضوية بشكل مثير للانتباه. وعلى عكس المناظرة الأولى التي كانت مليئة بالهجمات الشخصية، ركزت المناظرة الأخيرة على النقاش حول سياسات كل من المرشحين. 

وفي حديث له مع رويترز، قال كريس ويستون، رئيس قسم الأبحاث في شركة الوساطة المالية بيبرستون: "يقوم الناس بإغلاق مراكز الشراء الخاصة بهم قبل الانتخابات، تحسباً لحالة عدم فوز بايدن ... نحن ندخل منطقة عين العاصفة الآن، حيث يتطلب الأمر روحاً شجاعة لفتح المراكز الجديدة".  

كما أبقى المتداولون أعينهم على مفاوضات التحفيز في الولايات المتحدة. وقالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي ليلة أمس الخميس أنها متفائلة بأنه سيتم التوصل إلى اتفاق "قريباً جداً"، وأضافت أن هنالك تقدم يتم إحرازه في المحادثات مع البيت الأبيض. ولكن المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض لاري كودلو، لم يكن على نفس القدر من التفاؤل، حيث حذر من أنه لا تزال هناك "خلافات سياسية كبيرة" من غير المحتمل حلها قبل الانتخابات، والتي تتمثل في معارضة الجمهوريين في مجلس الشيوخ للحجم العملاق لهذه الحزمة. 

وفي تقرير لبنك (آي إن جي) قال محللوه: "سيأخذ المشاركون في السوق إشارة بدء تحركهم من التطورات السياسية في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى التسارع المستمر في أعداد المصابين بفايروس كورونا في مختلف أنحاء العالم، مع بدء السقوط في موجة جديدة من الإصابات كما توقع الخبراء". 

ومن أخبار العملات الآسيوية، تداول الدولار/يوان بدون تغيير يُذكر عند 6.6843، لتحتفظ العملة الصينية بمكاسبها أمام نظيرتها الأمريكية. وفي مؤتمر صحفي، قالت وانغ تشون ينغ، المتحدثة باسم إدارة الصرف الأجنبي في السلطات الصينية، أن اليوان كان أكثر استقراراُ مما كان متوقعا. ويأتي هذا التصريح على الرغم من وصول العملة الصينية إلى أعلى مستوى لها مقابل الدولار في 27 شهراً يوم الأربعاء. 

ويرى المحللون الاستراتيجيون في بنك ستي جروب العملاق (NYSE:C) أنه إذا ما فاز بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فإن اليوان سيشهد قفزة كبيرة. ففي تقرير للبنك صدر يوم أمس الخميس، كتب محللوه أن المصدرين الصينيين يتوقعون علاقات تجارية أكثر قابلية للتنبؤ بين الولايات المتحدة والصين في حالة فوز المرشح الديمقراطي، وهو ما سيدفعهم إلى بيع أكوام الدولار التي يحتفظون بها، وشراء اليوان. 

وكان البنك المركزي التركي قد رفع أسعار الفائدة في سبتمبر لأول مرة منذ عامين، وذلك بهدف دعم العملة التي انخفضت بنحو 40٪ منذ بداية العام وحتى الآن. ويشتم المتداولون في أسواق العملات (الفوركس) رائحة الضعف لأن تركيا استنفدت الكثير من احتياطاتها من العملات الأجنبية خلال وباء كورونا، ويبدو أن المزيد من الخسائر قد أصبحت على الطريق. 

ولم يُسعف قرار المركزي التركي في سبتمبر عملة البلاد، حيث انخفضت منذ ذلك الحين بنسبة 2٪ إضافية أمام الدولار.   

ونعود لتقرير بنك (آي إن جي) الذي تطرق أيضاً لليرة، لنقرأ: "من المرجح أن تبقى تطورات أسعار الصرف على رأس قائمة الأمور التي تحدد سياسة البنك المركزي التركي في الفترة المقبلة، وذلك نظراً للقضايا الجيوسياسية المستمرة، والحساسية المتعلقة بالانتخابات الأمريكية". 

وطرأت سلسلة من التطورات على الاقتصاد التركي المتضرر، دفعت إدارة أردوغان إلى تعليق آمالها على الأصول بالخارج، وعلى النقد غير المعلن عنه وغير المقيد بالبلد. 

أنفق البنك المركزي التركي مئات المليارات من الدولار، من الاحتياطي الأجنبي للعملات، بغرض الدفاع عن الليرة التركية، التي تصل لمستويات قياسية الانخفاض خلال الأسابيع الأخيرة. وما يحدث للعملة التركية يرعب المستثمرين الأجانب من الدخول للبلد. 

في هذا السياق، قدم حزب العدالة والتنمية الحاكم، مشروع قانون للبرلمان يخص استعادة النقد للبلد مرة أخرى. وهذا القانون سيكون فعال لفترة مؤقتة، لأنه يسمح للأفراد والشركات بتحويل الأموال، والذهب، والعملات الأجنبية، وما يمكن حمله من الممتلكات لتركيا، دون تفتيش ضرائب، أو تحقيق جنائي، أو غرامات، أو عقوبات. 

بدأ القانون الخاص باستعادة النقد المهاجر للبلد في 2008 عندما وقعت الأزمة المالية العالمية، وأصبح قانون في 6 مناسبات منذ ذلك الحين. ولو تمت تلك الإصلاحات، ستكون تلك المرة السابعة، التي يتغاضى فيها مسؤولو الجهات التنظيمية عن مصدر ثروات البعض، أو يرخون قيود دخول رأس المال. 

ويسقط القانون الجديد أي إجراء تفتيش أو إجراء قضائي حول مصادر أي من: الأموال، والمجوهرات، والممتلكات الممكن نقلها، ويتعهد بعدم فرض أي ضرائب على الأشياء المذكورة. 

وتراوحت قيم الثروات المنقولة للبلد في المرات السابقة ما بين 130-220 مليار دولار. وتقول التقديرات إنه لو تم تفعيل هذا القانون مرة أخرى سيقترب الرقم من 259 مليار دولار أمريكي. 

وربما يكون هذا الأمل الأخير لليرة التركية التي تقف اليوم عند مستوى قياسي جديد. 

وتسجل الليرة التركية اليوم، الجمعة، مقابل الدولار الأمريكي 7.96. وبقرار أمس المفاجئ من البنك المركزي التركي، فقد المستثمرون الأجانب ثقتهم باستقلال المؤسسات النقدية التركية. 

وتقول التوقعات الآن بأن المستوى المقبل لليرة التركية هو 8، وربما يزيد الأمر سوءًا، بسبب معدلات التضخم غير المتناسبة مع معدلات الفائدة. 

والطريق الوحيد للتحسن هو استعادة الثقة في المؤسسات النقدية التركية، وتشديد السياسات النقدية. 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image