ما مصير الدولار الأمريكي؟

ما مصير الدولار الأمريكي؟

بقلم بيتر نيرس

 افتتح الدولار الجلسة الأوروبية لليوم الجمعة بتحقيق المكاسب، مستفيداً من منزلته كملاذ آمن. وبذلك، يصبح الـ "جرينباك" في طريقه لتسجيل أفضل أسبوع له هذا الشهر، حيث هرع المستثمرون القلقون إلى التحوط ضد الارتفاع المستمر في عدد حالات الاصابة بفايروس كورونا في القارة الاوروبية والولايات المتحدة. 

فعند الساعة 2:55 صباحاً بالتوقيت الأمريكي الشرقي (6:55 صباحاً بتوقيت جرينتش)، تقدم مؤشر الدولار، الذي يقيس المعدل الموزون لسعر العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات عالمية أخرى، بنسبة 0.1٪ ليشير إلى 93.873. وعند هذا المستوى، تكون مكاسب الدولار الأسبوعية قد سجلت 0.8٪، وإذا حافظ على ذلك بحلول إغلاق الأسواق مساء اليوم، فسيكون ذلك أفضل أسبوع للعملة الأمريكية منذ أواخر شهر سبتمبر الماضي.

كما تراجع الزوج الأكثر تداولاً في سوق العملات اليورو/دولار بنسبة 0.1٪ ليسجل 1.1697. وتراجع الدولار/ين بنسبة 0.1٪ كذلك ليتداول عند 105.33. بالإضافة إلى ذلك، تراجع الدولار الأسترالي الحساس تجاه المخاطر، بنسبة 0.2٪، ليسجل 0.7076، ويصل إلى أدنى مستوى له في أكثر من أسبوعين، في أعقاب خسائر أسبوعية وصلت إلى 2٪، بعد أن لمح حاكم بنك الاحتياطي الأسترالي (فيليب لو) في وقت سابق من هذا الأسبوع إلى إمكانية خفض الفائدة أو شراء السندات.

وكان الدافع الرئيسي لهذه العودة الى الدولار كملاذ آمن، هو الارتفاع المفاجئ في حالات الإصابة بفايروس كورونا على جانبي المحيط الأطلسي، مما أثار المخاوف من إجراءات حكومية جديدة لحماية المواطنين من العدوى، والتي تضر بالضرورة بالانتعاش الاقتصادي في كلا المنطقتين.

وتستمر حالة عدم التأكد المرتبطة بالوباء في الضغط على الأسواق العالمية، حيث يتسبب ارتفاع عدد حالات الإصابة بفايروس كورونا في قيام بعض الدول الأوروبية، مثل بريطانيا وفرنسا، بفرض إجراءات تقييدية مثل عمليات إغلاق الأعمال ومنع النشاطات الاجتماعية، وحظر التجول، والتي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ اعتباراً من اليوم الجمعة. فلقد تم تشديد الإجراءات في لندن بدءاً من منتصف الليل، أما في فرنسا فتم فرض حظر تجول على باريس والمدن الفرنسية الكبرى الأخرى، في إجراء سيستمر لما بين 2 و4 أسابيع.

وفي الولايات المتحدة، لم تكن الأمور أفضل بكثير. فلقد سجلت ولايات الغرب الأوسط ارتفاعاً في أعداد حالات الإصابة مع بدء انخفاض درجات الحرارة. وبحسب بيانات جامعة جونز هوبكنز حتى اليوم، فلقد وصل عدد الحالات في الولايات المتحدة إلى أكثر من 7.9 مليون حالة، وفي العالم إلى أكثر من 38.8 مليون حالة.

وعلى جبهة التحفيز الدرامية، عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم أمس الخميس رفع حجم الحزمة البالغة 1.8 تريليون دولار، والتي كان قد اقترحها قبل نحو أسبوع. ولكن زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، العضو الجمهوري ميتش ماكونيل رفض عرض الرئيس، بسبب مخاوفه من ألا يوافق أعضاء حزبه في المجلس على هذه الزيادة. كما أبلغ وزير الخزينة ستيفن منوتشين رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي في نفس اليوم أن ترامب سيضغط شخصياً لإقناع الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ بأي اتفاق يتم التوصل إليه.

وفي ظل هذا المد والجزر، يواصل المستثمرون التشكيك في إمكانية التوصل إلى أي اتفاق قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في 3 نوفمبر، وهو الأمر الذي أبقى المعدن اللامع في نطاق تداول ضيق في النصف الأول من شهر أكتوبر.

كما أظهرت البيانات التي صدرت يوم أمس الخميس، تحركت مطالبات البطالة في الولايات المتحدة في الاتجاه الخاطئ من جديد، وهو أمر متوقع في ظل الاحتمالات القريبة من الصفر لإقرار حزمة تحفيز جديدة قبل الانتخابات الرئاسية. ومع كل هذه الأمور السلبية، من السهل معرفة سبب اختيار التجار تجنب العملات ذات المخاطر العالية في هذا الوقت.

وفي تقرير لـ (ي إن جي) قال محللو البنك: "بعد أن أصبحت احتمالات الحصول على أموال التحفيز قبل الانتخابات الرئاسية أقل وأقل خلال ليلة الأمس، وبعد التدهور المستمر في وضع وباء كورونا في القارة الأوروبية، المصحوب بالمزيد من القيود، والتي كانت وآخرها حظر التجول الليلي في المدن الفرنسية الكبرى، بما في ذلك باريس، فإن الدولار سيبقى متمتعاً بالدعم".

وبالنسبة للـ الجنيه الإسترليني فلقد تراجع أمام الدولار بنسبة 0.2٪ ليتداول الزوج عند 1.2893. وبذلك، تصل خسائر العملة البريطانية إلى 1.2٪ هذا الأسبوع، بعد تعرضها لعمليات بيع مكثفة خلال الـ 24 ساعة الماضية في أعقاب مطالبة الاتحاد الأوروبي بأن تقدم بريطانيا المزيد من التنازلات للوصول إلى اتفاقية تجارية، أو أن تكون مستعدة لنهاية غير منظمة للفترة الانتقالية، والمقرر أن تنتهي في أخر أيام العام الحالي.

ومن المقرر أن يرد رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، على هذه المطالب اليوم الجمعة. ولكن نظراً لأن موقفه المتشدد من المفاوضات مع الإتحاد الأوروبي هو الذي جعل حزبه يفوز في الانتخابات وجعله يصل إلى قمة السلطة، فإن التراجع عن موقفه سيكون أمراً صعباً.

وكانت بريطانيا قد غادرت الاتحاد الأوروبي رسمياً في 31 يناير، ولكن المفاوضات بين الجانبين استمرت بهدف الوصول إلى اتفاقية تجارية تحدد إطاراً لتعاملات بين الطرفين تصل إلى 900 بليون دولار سنوياً. وستنتهي العضوية غير الرسمية لبريطانيا في الإتحاد الأوروبي - المعروفة بالفترة الانتقالية - في أخر أيام هذا العام، 31 ديسمبر 2020.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image