النظام الرأسمالي بين المميزات والعيوب

النظام الرأسمالي بين المميزات والعيوب

الرأسمالية هو نظام اقتصادي ذو فلسفة اجتماعية وسياسية يقوم على أساس تنمية الملكية الفردية والمحافظة عليها، متوسعًا في مفهوم الحرية معتمدًا على فصل الدين كليًا عن الحياه . هذا وتزداد أهمية مفهوم الملكية الفردية في الموارد النادرة حيث يفتح السوق المنافسة بين الأفراد لاستغلالها بكفاءة.

ولكن بما أن الرأسمالية تعزز الملكية الفردية فإنها بذلك تقلص الملكية العامة، ويوصف دور الحكومة فيه على أنه دور رقابي فقط، إلا أن الاقتصادي البريطاني جون كينياس قد جاء بنظريته الاقتصادية المنسوبة إليه في منتصف الثلاثينات اقترح فيها ان الاقتصاد الرأسمالي غير قادر على حل مشاكله بنفسه كما في النظرية الكلاسيكية، بل ان هناك أوقات كساد اقتصادي تحتم على الحكومة بأن تحفز الاقتصاد.

 

الأسباب وراء ظهور نظام الرأسمالية :

كانت أوروبا في العصور الوسطى محكومة بنظام الامبراطورية الرومانية الاقطاعية فعانت من سيادة النظام الطبقي لتفرق بين الأغنياء والفقراء، ونتيجة لمعاناة الناس من هذا الظلم بدأت حركات توعية تطمح إلى إزالة هذا الكابوس .

قام المفكرون وقتها بجذب أذهان الناس لنيل حريتهم من الطبقات المسيطرة ليجدوا نفسهم في نظام جديد حوَلهم من النظام الاقطاعي إلى النظام الرأسمالية لتؤدي إلى إثراء الطبقة البرجوازية (هي الطبقة المسيطرة والحاكمة في المجتمع الرأسمالي) .

 

أهم مميزات الرأسمالية :

  • تقوم على مبدأ الحرية عن طريق البحث عن الربح بشتى الطرق والأساليب إلا ما تمنعه الدولة لضرر عام .
  • تقديس الملكية الفردية وذلك بفتح الطريق لأن يستغل كل إنسان قدراته في زيادة ثروته وحمايتها وعدم الاعتداء عليها وتوفير القوانين اللازمة لنموها وعدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية إلا بالقدر الذي يتطلبه النظام العام وتوطيد الأمن.
  • المنافسة والمزاحمة في الأسواق محاولة للتفوق على الطرف الأخر وهو ما يطلق عليهperfect competition . .
  • نظام حرية الأسعار Price System وإطلاق هذه الحرية وفق متطلبات العرض والطلب، واعتماد قانون السعر المنخفض في سبيل ترويج البضاعة وبيعها .

 

جدير بالذكر، عندما طُبق النظام الرأسمالي في الواقع أسفر عن بعض العيوب وذلك نتيجة لصعوبة توافر الشروط اللازمة للنظام الرأسمالي المثالي . بمعنى أنه لكي يتحقق نظام رأسمالي مثالي لابد من وجود المنافسة الكاملة التي تتمثل في وجود أعداد كبيرة جدًا من البائعين والمشترين، بحيث لا يكون لأي واحد منهم بمفرده القدرة على التأثير على السعر وظروف السوق، مع وجود حرية الانتقال الكاملة لعناصر الإنتاج وحرية الدخول والخروج في السوق والعلم الكامل بأحوال السوق.
وقد كشفت التجربة الرأسمالية أن هذه الشروط قليلاً ما تتوافر، وأن تلك الصورة المثلية لم تتحقق في الواقع العملي إلا لفترة وجيزة من الزمن .

 

أهم عيوب الرأسمالية :

  • نمو ظاهرة الاحتكار

يقصد بالاحتكار انفراد مشروع من المشروعات بعمل انتاج معين يقوم به بحيث لايستطيع مشروع آخر منافسته فيه ويترتب على ذلك أن المحتكر يستطيع السيطرة على السوق من حيث تحديد الأسعار والكميات ويتعطل جهاز الثمن ويفقد فاعليته في توزيع وتخصيص الموارد بشكل يحقق الكفاءة. يجب الأخذ في الاعتبار أيضًا أنه من مساوئ الاحتكار أن المحتكر يلجأ إلى تحديد حجم الإنتاج وحرمان السوق من السلعة لرفع أسعارها وتحقيق أرباحه الاحتكارية ورغم أن في إمكان المصانع والمزارع أن تنتج المزيد وبأسعار منخفضة، إلا أن المحتكرين يفضلون بقاء آلاتهم عاطلة ومزارعهم يابسة حتى يقل المعروض من السلعة وترتفع أسعارها، وهكذا يؤدي الاحتكار إلى سوء استخدام للموارد الاقتصادية. ليؤدي إلى استغلال المستهلكين لصالح أصحاب رؤوس الأموال ويؤدي أيضًا إلى سوء استغلال للموارد مما جعل كثير من الحكومات الرأسمالية تتدخل لمنع الاحتكار من خلال إصدار تشريعات وسن قوانين لمنع الاحتكار، والتقييد من سلطاته لصالح المستهلك.

  • سوء توزيع الدخل والثروة

يرتكز النظام الرأسمالي على أهمية الملكية الخاصة لعناصر الانتاج، ونظرًا لندرة عناصر الانتاج بالنسبة لعدد السكان في كل دولة، فإنه من الطبيعي أن تتركز عناصر الانتاج في أيدي فئة قليلة من المجتمع ويبقى باقي أفراد المجتمع من الطبقة العاملة الكادحة، وهكذا يربح أصحاب رؤوس الأموال من عناصر انتاجهم مباشرة، أما العمال الذين لا يملكون عناصر الانتاج فإنهم يحصلون على دخلهم مقابل المجهود الذي يبذلونه، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى أن يزداد أصحاب رؤوس الأموال ثراء نتيجة لارتفاع دخولهم، ومن ثَم يمكنهم ادخار جزء من هذا الدخل وإعادة استثماره مما يؤدي إلى زيادة ملكية عناصر الانتاج وتراكمها في أيدي عدد قليل من الأفراد، وعلى الجهة الأخرى تظل الطبقة العاملة في مستوى معيشي منخفض لأن العامل الذي يحصل على دخل منخفض لايتمكن من الادخار .

  •  الحرية الوهمية

فالحرية التي افترضها أنصار المذهب الرأسمالي ليست مطلقة، إذ لا يتمتع بها سوى فئة محدودة من الأفراد، فبالنظر على سبيل المثال إلى حرية العمل، نجد أنه لا يتمتع بها العامل البسيط الذي غالبًا ما يعجز عن إيجاد العمل الذي يرغب فيه، وذلك بسبب زيادة المنافسة بين هذه الطبقة التي تكون غالبية الشعب، مما يضطرهم إلى قبول أجور منخفضة حتى لا يتعرضوا للبطالة .
أما حرية الاستهلاك فليست مطلقة أيضًا، وإنما يحد منها الدخل الذي يحصل عليه كل فرد في المجتمع، ويترتب على ذلك أن طبقة العمال التي تحصل على دخل منخفض؛ لا تحصل إلا على أساسيات الحياة .
ولا يتوقف ذلك على النواحي الاقتصادية والاجتماعية فقط بل يتعدى إلى النواحي السياسية، حيث يسيطر الأغنياء على المقومات الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي يمتد نفوذهم إلى النواحي السياسية فيصل نفوذهم إلى إدارة شؤون الدولة والحصول على أعلى مراكز فيها وذلك من خلال السيطرة على الأحزاب وانتخابها، بما يملكون من أموال تنفق على الدعاية ووسائل الإعلام .

          
 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image