بعد خروج بريطانيا.. أزمة البنوك الإيطالية تهدد الكيان الأوروبي

بعد خروج بريطانيا.. أزمة البنوك الإيطالية تهدد الكيان الأوروبي

تتوالى المخاطر على المنطقة الأوروبية التي تعجز عن إيجاد طريقها نحو الاستقرار نظراً لتعاقب الأزمات الواحدة تلو الأخرى. فلم تلبث المنطقة  التخلص من تداعيات الاستفتاء البريطاني وتبعاته الغامضة، حتى اتصدمت بأزمة جديدة توشك أن تقود المنطقة الأوروبية إلى مثواها الأخير.

كانت المنطقة الأوروبية قد واجهت العديد من الأزمات أبرزها الأزمة اليونانية، الاستفتاء البريطاني وقرار الانفصال عن الإتحاد الأوروبي، تباطؤ النمو الاقتصادي وتجدد مخاطر الانزلاق إلى مرحلة جديدة من الركود، فضلاَ عن استمرار حدة التوتر السياسي بالعديد من دول المنطقة. هذا، وقبل أن تهدأ مخاوف الأسواق حيال المصير الأوروبي، ظهرت الأزمة الإيطالية لتزيد من تلك المخاوف.

 

أزمة البنوك الإيطالية.

تواجه البنوك الإيطالية مشاكل تنظيمية على مدار السنوات الأخيرة، ولكن جاء الخروج البريطاني ليتسبب في تفاقمها بنحوٍ قوي وسريع. جدير بالذكر أن أسهم البنوك الإيطالية قد تعرضت لموجات بيعية مكثفة منذ إبريل الماضي وتزايدت على إثر الاستفتاء البريطاني مما تسبب في خسائر ضخمة للبنوك. وتعاني البنوك حالياً من تفاقم حجم الدين نتيجة لارتفاع نسب الديون المتعثرة وصولاً إلى 360 مليار يورو، أي ما يُعادل 304 مليار جنيه استرليني، و 400 مليار دولار أمريكي، وهو ما يساوي خُمس إجمالي الناتج المحلي للبلاد.

 كان بنك Monte dei Paschi di Siena، أكبر وأقدم البنوك العالمية، قد تعرض لخسائر هائلة هذا العام لتتراجع أسهمه بحوالي 75% منذ بداية العام الجاري، منها 45% أعقبت الاستفتاء البريطاني مما دفع صناع القرار إلى وقف عمليات البيع على أسهم البنك. وقد تم منحه مُهلة زمنية لتقديم خطة لخفض الدين  بنسبة 40% بحلول 2018.

ليس هذا فقط، بل كانت البنوك الإيطالية الأخرى عُرضة لتلك الأزمة لتخسر حوالي 30% تأثراً بالاستفتاء البريطاني. هذا، ويسعى صناع القرار إلى إيجاد حل محوري للأزمة خاصة بعد فشل كافة المحاولات الأخيرة. وبالرغم من معاناة البنوك الإيطالية لسنوات عديدة من أعباء الديون، إلا أن الأزمة البريطانية جاءت لتبلور تلك المعاناة دافعة مصير البنوك الإيطالية إلى مفترق طرق.

 

تباطؤ النمو  الاقتصادي.

ليست الأزمة على الصعيد المالي والمصرفي فقط، بل على الصعيد الاقتصادي أيضاَ والذي يقع تحت وطأة العديد من المخاطر التي توالت بشكل مكثف عقب انحياز نتيجة الاستفتاء البريطاني إلى الخروج من الإتحاد الأوروبي. الأمر الذي دفع الأسواق إلى خفض توقعات النمو الاقتصادي بالمنطقة تحسباً لتداعيات الاستفتاء الغامضة، وهو ما يزيد الأزمة سوءاً.

وبالنظر إلى الأداء الاقتصادي الإيطالي، نرى أنه عجز عن تحقيق مكاسب قوية بعد العمل باليورو في العام 2002، مسجلاً نمواً نسبته 0.3% فقط خلال الربع الأول من العام، فيما واصلت مبيعات التجزئة تراجعها للشهر السادس على التوالي هبوطاً إلى أدنى مستوياتها منذ نوفمبر 2013. ومع تباطؤ النمو الاقتصادي، تجد البنوك صعوبة بالغة في سداد ديونها.

 

توتر الأوضاع السياسية وتقلص الثقة.

تأتي النزاعات السياسية واضطراب الوضع السياسي في مختلف الأنحاء ليثقل على المنطقة الأوروبية مسبباً تقلص الثقة. وقد علت بعض الأصوات المنادية بالتخلي عن  اليورو مع فقدان الثقة الإيطالية في قدرته على إنقاذهم من الأزمة. كما تشكل الأزمة تحدياً لرئيس الوزراء ماتيو رينزي والذي قد يُرغم على الاستقالة مع استمرار الأزمة.

 

هذا، ويبقى المنقذ الوحيد للبنوك هو تلقي التمويل اللازم من الحكومة الإيطالية، الأمر الذي يتنافى مع قوانين الإتحاد الأوروبي. وقد جرت العديد من المحادثات بين الطرفين الإيطالي والأوروبي لمناقشة سبل إنهاء الأزمة بما يتلائم مع قواعد الإتحاد. جدير بالذكر أن الجانب الأوروبي يرفض التهاون في القوانين، وقد أكدت المستشارة الألمانية ميركل على أن تلك القوانين غير قابلة للتعديل طبقاً لمتطلبات كل دولة على حدة.

جدير بالذكر وأنه في حال انهيار البنوك الإيطالية، قد تتعرض المنطقة الأوروبية لصدمة قوية قد لا تتمكن من مواجهتها، خاصة مع ظهور بعض بوادر لأزمة مماثلة للبنوك الألمانية، وتضرر كلا الأزمتين من سياسية الفائدة السلبية للمركزي الأوروبي والتي تؤثر سلباً على ربحية البنوك.

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image