السياسة التقشفية، ولماذا فشلت في إنهاء الأزمة اليونانية!

السياسة التقشفية، ولماذا فشلت في إنهاء الأزمة اليونانية!

تعتبر السياسة التقشفية واحدة من أشهر الأدوات التي تلجأ إليها الحكومات في حال ارتفاع الدين العام أو تزايد عجز الموازنة العامة. وتساهم تلك السياسة في خفض حجم الدين العام وإعادة الاستقرار إلى اقتصاد الدولة. ولكن تبقى فاعلية تلك السياسة عُرضة للتساؤل، ولكن يمكننا النظر إلى واحدة من أشهر السياسات التقشفية في وقتنا الحالي، وهي التي تتبانها الحكومة اليونانية للتغلب على أزمة الديون.

حتى الآن، فقد فشلت السياسة التقشفية المُتبعة داخل اليونان منذ سنوات عديدة في تحسين الوضع المالي داخل البلاد، وقد يرجع ذلك إلى ضعف معدلات الإنتاج. فالسياسة التقشفية في طبيعة الحال تزيد من حالة ضعف الطلب .هذا، ويجب الوضع في الاعتبار أن الاقتصاد اليوناني لا يعتبر من الاقتصادات الكبرى، فبالتالي فلن يكون قادراً على الاستفادة من السياسة التقشفية بقدر كبير.

ومنذ حدوث الأزمة العالمية في العام 2008، وانزلاق الاقتصاد العالمي إلى نطاق الخطر، كان الاقتصاد اليوناني ينحدر نحو منعطف أخر وهو أزمة الدين الحكومي، والذي نتج عنه ضعف الاقتصاد كاملاً داخل البلاد. ففي العام 2009، سجل إجمالي الناتج المحلي باليونان 341.6 مليار دولار، وواصل تراجعه وصولاً إلى 241.2 مليار دولار في العام 2014. وهو أسوأ تدهور اقتصادي على مر التاريخ بالمقارنة مع الكساد العظيم بالولايات المتحدة في ثلاثينات القرن الماضي.

جدير بالذكر أن سبب أساسي وراء فشل السياسة التقشفية باليونان هو عجز الحكومة عن التخلي عن معدلات الإنفاق الباهظة مقارنة مع قيمة الضرائب المنخفضة جداً. على هذا، فقد خرجت الأوضاع المالية باليونان عن السيطرة، مما دفع الحكومة إلى طلب المساعدة من دول الجوار حتى تتمكن من سداد أقساط الديون المتأخرة، الأمر الذي تفاقم على مر السنوات. وقد عملت الديون المتراكمة على تزايد خطر الأزمة المالية داخل البلاد مما نتج عنه انهيار كامل بالنظام المصرفي وإغلاق البنوك. وقد جاء ذلك بالتزامن مع حدة المفاوضات بين الجانبين اليوناني والأوروبي، الأمر الذي كاد يعصف بمصير اليونان داخل منطقة اليورو.

اقتضى برنامج المساعدات المالية تبني الحكومة اليونانية للسياسة التقشفية، حيث تهدف بشكل أساسي إلى السيطرة على الإنفاق الحكومي وزيادة الضرائب. لكن على الرغم من تقلص عجز الموازنة، إلا أن تلك السياسة كانت ذو تأثيراً كارثياً على الاقتصاد اليوناني بمرور الوقت.

ولعل الجانب الإيجابي الوحيد من تلك السياسة هو معدلات الفائدة المنخفضة، لكن على الجانب الأخر، فقد كان للشركات الكبرى النصيب الأكبر من الاستفادة من المعدلات المنخفضة على عكس القطاع الخاص. وعلى الرغم من أن معدلات الفائدة المنخفضة قد دعمت معدلات الإستهلاك، إلا أن مع تباطؤ الاقتصاد بشكل عام فقد استقرت معدلات الإقتراض عند أدنى مستوياتها.

ومن أحدى المشاكل التي واجهت الاقتصاد اليوناني هي ضعف قطاع الصادرات، في حين أن مثل تلك الأوضاع من المفترض أن تعمل على تحفيز الصادرات بالبلاد. فكما ذكرنا، الاقتصاد اليوناني يعتمد على الأعمال الصغيرة والمتوسطة، والتي لا تستهدف التصدير إلى البلدان الأخرى، على عكس الاقتصادات الأخرى التي تعتمد الأعمال الكبيرة والتصدير. ومن امثلة تلك البلاد: البرتغال، آيرلندا وأسبانيا، وهي دول تمكنت بالفعل من تخطي الأزمة التي تعجز اليونان عن تخطيها حتى يومنا هذا. 

 

للمزيد من التفاصيل حول الأزمة اليونانية: 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image