النفط والذهب وتأثيرهم على العملات

النفط والذهب وتأثيرهم على العملات

شهدت كلًا من أسعار الذهب والنفط تراجعًا إلى أدنى مستوياتها على مدار عدة سنوات في الآونة الأخيرة، الأمر الذي زاد من المخاوف من احتمالية الدخول في مرحلة ركود عالمي جديدة،  ولأن أسعار السلع الأساسية تؤثر بشكل كبير على الحركة السعرية للعملات، يتناول التقرير التالي علاقة أسعار السلع بسوق العملات وذلك على النحو التالي.

  • النفط وزوج الدولار كندي

تراجع سعر خام غرب تكساس أدنى المستوى 42 دولار للبرميل خلال الأسبوع الماضي، كما هو موضح بالرسم البياني، ليصل إلى مستويات قياسية منخفضة لم يشهدها منذ 2009، حيث كان الاقتصاد العالمي في ذلك الوقت متأثرًا بالأزمة المالية العالمية، وكان يجرى تداول زوج الدولار كندي أدنى مستوى المقاومة 1.2800، والذي نجح الزوج في اختراقه الشهر الماضي، وذلك على اعتبار أن كندا تعد أكبر مصدر للنفط، ومع تراجع أسعار النفط فإن هذا الأمر يزيد من الضغوط على الدولار الكندي.

ولكن هل يعكس هذا الاختراق احتمالية تراجع أسعار النفط إلى أدنى من مستوياته الحالية؟ ربما، خاصًة وأن منظمة البلاد المصدرة للنفط (الأوبك) لا تسعى إلى خفض حجم إنتاجها على المدى القريب في ظل محاولتها للمحافظة على حصتها في السوق بالنظر إلى المنافسة من إنتاج النفط الصخري الأمريكي، الأمر الذي أدى إلى زيادة المعروض من النفط بشكل مبالغ فيه وزيادة الضغوط الهبوطية على مستوى الأسعار، ومع تراجع حجم الطلب وتباطؤ النمو الاقتصادي الحالي في الصين فمن المحتمل أن يؤثر ذلك بالسلب على واردات النفط والمتعلقة بالطاقة.

وعلى الرغم مما سبق، يعد الشئ الإيجابي الوحيد في هذا التراجع هو كيفية تأثير تراجع أسعار النفط مؤخرًا على البيانات الاقتصادية العالمية والسياسات المتبعة من قبل البنوك المركزية، صحيح أنه من السابق لأوانه الحديث عن الدخول في مرحلة انكماش عالمي، ولكن يجب الحذر من اتجاهات معدلات التضخم والسياسات النقدية التسهيلية المتبعة خلال العام الجاري.

  • الذهب وزوج الاسترالي دولار

في البداية، يجب أن نضع بعين الاعتبار أن أسعار جميع السلع تميل إلى التحرك في إتجاه واحد مع بعضها البعض، وهو الأمر الذي يفسر تراجع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية منخفضة هي أيضًا في وقت سابق من الأسبوع الماضي، كما هو موضح بالرسم البياني، والذي يرجع إلى تراجع الطلب من الهند والشرق الأوسط وبالطبع الصين.

لقد واجه المعدن الأصفر العديد من الضغوط البيعية منذ الشهر الماضي عندما أعلنت الصين عن زيادة الاحتياطي من الذهب بمعدل أقل من المتوقع، وقد تفاقمت عمليات البيع عند إعلان مجلس الذهب العالمي انخفاض حجم الطلب على الحلى في الهند بنسبة 25%، بينما تراجع حجم الطلب في دولة الإمارات العربية المتحدة بنسبة 22%، كما ازداد الأمر سوءً عقب قرار بنك الصين الشعبي بخفض قيمة اليوان لثلاث أيام على التوالي، الأمر الذي جعل أسعار الواردات من الذهب أكثر تكلفة في السوق المحلية والذي أدى إلى تراجع مبيعات المجوهرات في البلاد بنسبة 5%.

هذا، وتتأثر تداولات زوج الاسترالي دولار بالحركة السعرية للذهب بشكل قوي، سواء من حيث الارتفاع أو الانخفاض، وذلك على اعتبار أن استراليا تعد ثالث أكبر منتج للذهب في العالم، وبالتالي فإن أسعار الذهب يكون لها تأثير مباشر على العائدات الاسترالية، وكنتيجة لهذا فإن المزيد من التراجع في أسعار الذهب يزيد من ضعف الدولار الاسترالي مما يدعم تراجع زوج الاسترالي دولار.

  • الذهب والدولار الأمريكي

عادة ما يتم التعامل مع الذهب على أنه وسيلة للتحوط ضد التضخم، مما يعني أن ارتفاع مستويات الأسعار يمكن أن يزيد من عمليات الشراء على الذهب بينما تراجع مستويات الأسعار قد يؤدي إلى عزوف المستثمرين عن التداول على المعدن الأصفر، والآن ومع التوقعات بقيام الاحتياطي الفيدرالي برفع معدلات الفائدة في سبتمبر المقبل، فقد أدى هذا إلى التوقعات بإيجابية معدلات التضخم الأمريكي في المستقبل الأمر الذي أدى إلى ابتعاد المستثمرين عن تداولات الذهب تحسبًا لتشديد السياسة النقدية.

وبالنظر إلى مؤشر الدولار الأمريكي على الإطار الزمني الأسبوعي، نُلاحظ استمرار دعم الدولار حتى الآن في ظل ترقب المتداولون لبيانات التوظيف الامريكية لأغسطس الجاري لمعرفة ما إذا كانت هذه البيانات ستدعم قرار رفع معدلات الفائدة في سبتمبر المقبل أم لا، وفي ظل العلاقة العكسية بين الدولار والذهب، فإن استمرار ارتفاع الدولار يعني وجود المزيد من الخسائر للمعدن الأصفر والذي يبدو أنه قد فقد بريقه كملاذ آمن خلال الوقت الجاري.

والآن ما هي توقعاتك لإتجاهات أسعار السلع الأساسية؟ هل تعتقد بأننا سوف نشاهد المزيد من التقلبات في الأسواق والدخول في مرحلة انكماش عالمي آخر أم لا؟


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image