خفض معدلات الفائدة يخيب آمال البائعين بالنظر للوضع الاقتصادي النيوزيلندي

خفض معدلات الفائدة يخيب آمال البائعين بالنظر للوضع الاقتصادي النيوزيلندي
نيوزيلندا

قام بنك الاحتياطي النيوزيلندي بخفض معدلات الفائدة بمقدار 25 نقطة أساسية من 3.25% إلى 3.00% خلال الأسبوع الماضي، وقد جاء ردة فعل المتداولين على بيان الفائدة بارتفاع زوج النيوزيلندي دولار، الأمر الذي يجعلنا نوجه اهتمامنا بشأن الأوضاع الاقتصادية في نيوزيلندا، وما هي أسباب ردة فعل المتداولون على هذا البيان؟ وهل يشهد الاقتصاد النيوزيلندي تعافيًا؟ هذا ما سوف نتناوله في هذا التقرير.

  • الميزان التجاري

لقد سجل الميزان التجاري النيوزيلندي في يونيو الماضي تراجعًا إلى النطاق السلبي عند -60 مليون مقابل القراءة السابقة عند 371 مليون، وذلك عقب خمسة أشهر فقط من تحقيق فائض تجاري، الأمر الذي خيب آمال السوق.

وقد ازداد الأمر سوءً في ظل تراجع أسعار منتجات الألبان العالمية، التي تمثل جزء كبير من حجم الصادرات النيوزيلندية، للمرة التاسعة على التوالي، ليشهد مؤشر أسعار منتجات الألبان تراجعًا إلى أدنى مستوى له منذ عام 2008، فقد أشارت أحدث الإصدارات إلى انخفاض المؤشر بنسبة 10.7%، والذي يعد أكبر انخفاض منذ إبريل 2015، وقد أرجعت نيوزيلندا هذا الانخفاض إلى ارتفاع معدل الإنتاج العالمي وضعف الطلب من الصين واستمرار تراجع حجم واردات الألبان في روسيا.

هذا، وتقوم نيوزيلندا أيضًا بتصدير المعادن مثل الحديد والألومنيوم، وقد أظهر مؤشر أسعار السلع الأساسية الصادر مؤخرًا انخفاض أسعار الألومنيوم بنسبة 6.4%، وفي الوقت نفسه، فقد سجل مؤشر أسعار السلع الأساسية نفسه تراجعًا للشهر الثالث على التوالي بنسبة 3.1% في يونيو الماضي.

  • ثقة المستهلك

لقد سجل مؤشر ثقة المستهلك في نيوزيلندا تراجعًا خلال الربع الثاني من العام الجاري بمقدار 4.2 نقطة ليصل إلى 113، وعلى الرغم من أن هذا التراجع يشير إلى بداية تراجع ثقة المستهلكين إلا أن البيانات قد أظهرت استمرار ثقة المستهلكين باقتراب موعد تحسن الأوضاع الاقتصادية في ظل سياسة الاقتصادية الفعالة للحكومة.

من ناحية أخرى، فقد انخفضت ثقة العمالة أيضًا خلال نفس الفترة بمقدار 5.8 نقطة لتصل إلى 102.8، والتي تعد أدنى قراءة على مدار سبعة أرباع، والمثير للاهتمام، تشاؤم القطاع العام بالفعل بشأن الوضع الاقتصادي لتسجل ثقة القطاع العام 96.1، بينما لا تزال تشهد ثقة العاملين في القطاع الخاص بعض التفاؤل عند 107.6.

  • ظروف العمل وثقة قطاع الأعمال

يبدو أن ثقة قطاع الأعمال قد بدأت تضعف بشكل طفيف بشأن الاقتصاد النيوزيلندي، فقد تراجع مؤشر ثقة قطاع الأعمال إلى النطاق السلبي لأول مرة منذ فبراير 2011 عند -2.3 في يونيو الماضي بالمقارنة بالقراءة السابقة عند 15.7، وبالنظر إلى تفاصيل المؤشر، نُلاحظ أن القطاع الزراعي قد كان أكثر القطاعات تشاؤمًا بقراءة قدرها -28.9 والذي يرجع إلى الأرجح بسبب تراجع أسعار منتجات الألبان، كما سجلت ثقة قطاع النصاعات التحويلية أيضًا قراءة سلبية عند -16.9.

من ناحية أخرى، سجل مؤشر ثقة الأعمال الصادر عن معهد نيوزيلندا للأبحاث الاقتصادية (NZIER) تراجعًا إلى 5.0 مقابل القراءة السابقة عند 23.0.

  • معدلات التضخم

شهد مؤشر أسعار المستهلكين تعافيًا خلال الربع الثاني من العام الجاري بنسبة 0.4% عقب تراجعه خلال الربع السابق بنسبة 0.3%، والذي يرجع بشكل أساسي وسائل النقل في ظل ارتفاع أسعار البنزين بنسبة 8.8% وأسعار الديزل بنسبة 11.0%، وذلك بفضل ارتفاع أسعار النفط الخام وضعف الدولار النيوزيلندي.

بينما يرجع السبب الرئيسي في تراجع معدلات التضخم إلى وسائل الاتصال، والتي سجلت انخفاضًا بنسبة 1.9% في خدمات الاتصالات متأثرة بانخفاض مستوى الأسعار، كما مثلت المنتجات الغذائية عائقًا كبيرًا أمام تعافي معدلات التضخم خاصًة في ظل انخفاض أسعار الفاكهة الموسمية بنسبة 8.7%.

  • الآثار المحتملة على الحركة السعرية للنيوزيلندي دولار

يبدو أن الاحتياطي النيوزيلندي قد اتخذ القرار الملائم بخفض معدلات الفائدة بالنظر إلى بيانات الميزان التجاري، بالإضافة إلى التوقعات بضعف نمو إجمالي الناتج المحلي في المستقبل، ولكن في ظل ضعف توقعات النمو، وتشاؤم قطاع الأعمال، وتراجع ثقة المستهلكين، إذن ما هي العوامل المسببة لارتفاع زوج النيوزيلندي دولار عقب قرار خفض الفائدة؟

يرجع هذا الارتفاع إلى توقع معظم المحللون قيام البنك بخفض معدلات الفائدة بواقع 50 نقطة أساسية، وذلك في ظل حاجة نيوزيلندا إلى خفض معدلات الفائدة لمرتين على الأقل قبل نهاية العام الجاري، الأمر الذي أدى إلى قيام المتداولون ببيع الدولار النيوزيلندي على أساس خفض الفائدة بواقع 50 نقطة، ولكن جاء قرار خفض معدلات الفائدة بواقع 25 نقطة فقط مفاجئًا للأسواق، الأمر الذي يشير إلى أن الاقتصاد النيوزيلندي لم يكن بالضعف الحاد اللازم لخفض معدلات الفائدة بواقع 50 نقطة، مما دعم ارتفاع الدولار النيوزيلندي مقابل نظيره الأمريكي فور صدور القرار، ولكنه ما لبث أن تراجع مرة أخرى إلى مستوياته ما قبل القرار.

وعلى الرغم من هذا، فلا يزال يشهد الاقتصاد النيوزيلندي بعض الضعف، ومن المتوقع أن يواجه الدولار النيوزيلندي العديد من العروض البيعية أكثر من طلبات الشراء على المدى الطويل، وذلك بالنظر إلى تصريح الاحتياطي النيوزيلندي في بيانه الأخير بأنه من المحتمل إتخاذ مزيد من الإجراءات التسهيلية.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image