الليرة التركية: مسار خاطئ مؤدي لمزيد الانخفاض، فهل من منقذ؟
Investing.com - الليرة التركية بدأت معاناة لا تنتهي، لتجتمع عليها كل الظروف الجيوسياسية والفنية والسياسة النقدية لتهبط بها إلى الأسفل. ويبدو في الوقت الراهن أن كل محاولات الصعود غير مجدية.
وفق حسابات من بلومبرج، مستخدمة البيانات الرسمية، هبطت الاحتياطيات للعملة الأجنبية بحوالي 9 مليار دولار أمريكي. ليقف الاحتياطي النقدي الآن أسفل 35 مليار دولار، قرابة انخفاض عام ونصف، ولا تغطي تلك النسبة سوى 1/5 من الالتزامات التركية الأجنبية للـ 12 شهر المقبلة.
أضاف صانع السياسة النقدية 18.2 مليار دولار في عمليات تبديل عملة لا يحين أوانها إلا بالعام القادم.
عمد البنك المركزي التركي يوم الثلاثاء إلى زيادة حجم التبادل الأجنبي الممكن استدانته من المقرضين التجاريين، في محاولة لإنقاذ الليرة. وخلال النصف الأول من 2019، زاد البنك من تلك المعاملات بقوة ليعوض تراجع الاحتياطي النقدي.
وينضب الاحتياطي النقدي الأجنبي التركي بقوة، رغم مبيعات اليورو بُند القوية في فبراير (بقيمة 4 مليار دولار)، والتي تسارعت على مدار الشهر الماضي.
لو خرجت الودائع العامة من المعادلة، وبافتراض أن البنك المركزي لم يغير من سياسات التبديل للأسهم منذ سبتمبر، سنرى أن ترسانة صانع السياسة تصل لـ 8 مليار دولار بنهاية الأسبوع الماضي، وفق دويتشه بنك.
يقول البنك المركزي إنه يشوش على الأرقام الصافية، ويحث المستثمرين على النظر إلى نمو الاحتياطي، الذي يقف عند 104 مليار دولار، بما فيها سعر احتياطي الذهب. يرى محللون أن القروض قصيرة المدى يمكن ترحيلها لإشعار آخر، لأن أغلبها ذات صلة ببنوك محلية.
وصل الدين الخارجي التركي لـ 168 مليار دولار إجمالًا، ويتم ترحيله للعام المقبل، وعندها يتقلب ميزان الحساب الجاري ليتحول إلى العجز مرة أخرى، وفي تلك النقطة تحديدًا يتجلى سبب اكتراث البنك كثيرًا بسعر صرف الليرة التركية، لتفادي العجز. ويستمر الرئيس التركي مطالبًا البنك المركزي بتخفيض معدلات الفائدة (الريبو لأسبوع) لمستويات شديدة الانخفاض، ويجهض جميع فرص رفع المعدل، ليظل سعر صرف الليرة ثابتًا.
يقول كان نازلي، كبير الاقتصاديين، ومدير المحافظ المشرف على 26 مليار من الأصول في نيوبرجر بيرمان: "وصلنا لمستويات غير مريحة،" ويقدر أن تركيا تواجه احتياجات مالية تقارب 6 مليار دولار في الشهور المقبلة.
وبالنظر إلى أن زيادة استهلاك الاحتياطي النقدي خلال أول شهرين من العام، دون إعارة انتباه قوي لمخاوف استهلاك الديون. ولزيادة أزمات الليرة التركية، وقعت أزمة فيروس كورونا التي تضغط على الأسواق الناشئة، وتسحب الدولار للأعلى.
ضعفت الليرة التركية بنسبة 3.6% خلال الشهور الثلاثة الماضية، رغم محاولات الدفع بالدائنين لغمر السوق بالدولارات.
وسجلت الليرة التركية نظير الدولار الأمريكي، اليوم الأربعاء 6.1546، وفي أوقات سابقة تعمق الانخفاض لـ 6.16 ليرة لكل دولار.
أظهرت آخر البيانات وصول الاحتياطي التركي من الدولار لـ 1.3 مليار دولار، ولكن هذا لم يساعد الليرة، لأن هذا متولد من تدفقات الدولار من المقرضين المحليين عن سلاسل المقايضات.
رأينا في 14 فبراير أن المقرضين المدعومين من الحكومية كانوا يعملون بـ 4.6 مليار دولار من المراكز القصيرة، ما يعادل 15% من رأس مالهم المسموح به تنظيميًا.
يقول استراتيجي العملات، تيموثي آش: "ما يثير القلق هنا هو أن مراكز الفوركس القصيرة المفتوحة على النظام تقع داخل البنوك المملوكة للدولة." "وعندما تكون الليرة تحت الإدارة، ومستقرة، لن تكون تلك مشكلة. ولكن لو وقع ضعف جديد، عندها سيلحق ضرر كبير بالقطاع البنكي."
وربما تنفذ فرص بقاء الوضع على ما هو عليه.
ومنذ نهاية نوفمبر، استقرت إيداعات العملة في البنوك المحلية، مما يدل أن حالة الفزع العامة لم تصل للشارع التركي.
ولكن الخطر يكمن في استمرار هروب رؤوس الأموال الأجنبية. فخرج المستثمرون الأجانب بما يزيد عن 1.6 مليار دولار من سوق السندات بالعملة المحلية هذا العام.
ويقول محللون، منهم بول مكنامارا، مدير المحافظ في جي أيه إم، "تركيا متجهة في المسار الخاطئ،" ورغم ذلك لا يعلم أحد بعد عمق الضرر، أو موعد وقوعه.
ولا تنبع التهديدات فقط من التحركات المالية في السوق، ولكن أيضًا المخاطر الجيوسياسية المتمثلة في الصراع التركي/السوري، وانتشار وباء كورونا.
ونتذكر الفلاش كراش الذي انتاب التداولات الآسيوية في 26 أغسطس العام الماضي، عندما هبطت الليرة أدنى 6.47، وكانت السيولة منخفضة.