اختلاف العوامل التي تقود الدولار وتحول السياسات الفيدرالية والحكومية من نعمة إلى نقمة

 

يبدو أن العوامل التي تقود حركة الدولار اختلفت هذا الموسم. ففي الخريف الماضي في ذروة الأزمة المالية لفتت تدفقات الملاذ الآمن كل الأنظار، حيث تقبل المستثمرون سعر فائدة يساوي صفر على الأوراق المالية الأمريكية. و ارتفع الدولار بنسبة 17% مقابل اليورو خلال شهر كما حقق مكاسبة مماثلة مقابل الإسترليني، الدولار الكندي، و الفرنك السويسري و الدولار الأسترالي والنيوزيلندي. ولكن حتى في ظل ذروة الذعر لم يكن الريادة كاملة للدولار، حيث أدت تدفقات " الكاري تريد " للين إلى دفع الدولار مقابل الين إلى 90على الرغم من التدفقات الهائلة لمشتريات الأوراق المالية الأمريكية.

هذا وقد كانت مميزات الدولار الخريف الماضي محددة للغاية، فقد كانت الكارثة أن الاختيار الأول لأي متداول هو سندات الخزانة الأمريكية رغبة في الأمان. فلم تكن القيمة التنافسية للدولار الأمريكي هى السبب بل الأمر يرجع إلى أمان الأوراق المالية الأمريكية. ولكن لم تستمر تلك الظروف فبمجرد تحول الأزمة المالية إلى أزمة اقتصادية و قلق المتداولون من انهيار النظام المالي، فتراجع الانحياز نحو هذا النوع من الاستثمارات. ومع هدوء الأوضاع بدأت الأموال الموجه إلى الاستثمارات الأمنة بالولايات المتحدة - ذات العائد القليل أو بدون عائد - في التراجع، ومن ثم السعي نحو عملات و استثمارات أخرى أكثر ربحية.

علاوة على ذلك، ضمن هذا الذعر حدوث حركة تصحيحية في زوج (اليورو/ دولار) ولكن حتى الارتفاع الأخير الذي بدأ منذ 20 مايو، لا يزال اليورو دون مستوى ارتداد فيبوناتشي بـ 28% لموجة من يوليو حتى أكتوبر 2008.

تحقق التوازن بين اليورو والدولار من منتصف مارس حتى منتصف مايو حيث أصبح انحصر الزوج بين 1.3100 و 1.3600. ويعد الانفجار الحقيقي لهذا النطاق يوم 18-19 مارس حيث أعلن البنك الاحتياطي الفيدرالي بأنه سوف يشتري سندات خزانة في محاولة منه للإبقاء على أسعار الفائدة المستهلكين والرهون العقارية عند مستويات منخفضة، وهو ما يسمي " سياسة التسهيل النقدي ". ويعرف البنك الاحتياطي بأن من المحتمل أن تقوض كمية الدين الأمريكي المحددة للبيع لأسواق الائتمان خلال الشهور المقبلة من سياسة خفض الفائدة.

هذا وقد كان رد فعل الأسواق لسياسة التسهيل النقدي للفيدرالي سلبية للغاية بالنسبة للدولار حيث ارتفع اليورو ما يقرب من700  نقطة في يومين. ولكن على الرغم من هذا الإعلان فبدا أن التجار قد نسوا حيث ما لبث أن استعاد الدولار كل ما خسره عقب 18 مارس.

وبتولي الإدارة الأمريكية الجديدة مقاليد الحكم ببرامجها وميزانيها الجديدة . ارتفعت معدلات الفائدة للسندات الأمريكية طويلة الأجل منذ مارس. حيث ارتفع عائد السندات لأجل 10 سنوات بنسبة 1.5% في ذلك الوقت. هذا وقد توقعت أسواق السندات تأثير الخطط التحفيزية الحكومية جيدا قبل بدء المزاد العلني للسندات. ولكن لم يكن لاضطراب أسواق السندات تأثير على أسواق العملات حتى الأسبوع الماضي.

وفي المقارنات الاقتصادية الكلاسيكية يعتبر العائد المرتفع من العوامل الهامة الدافعة لارتفاع قيمة العملة. إلا أنه على الرغم من ارتفاع العوائد الأمريكية - ليس على المستوى الفيدرالي - تحرك الدولار من مناطق القوة إلى الضعف. من المحتمل أن يتلقى الدولار دعم من التوقعات بأن يكون الاقتصاد الأمريكي أول الناجين من أزمة الركود من خلال أسعار الفائدة المنخفضة للغاية و التدابير المالية الحكومية.

علاوة على ذلك، سوف يأخذ التصحيح " البعد عن الأصول الأمريكية "مجراه. ولكن سيظل تركيز أسواق العملات ينصب على حجم برنامج التسهيل النقدي، حجم الموازنة الحكومية ، ومعدل التضخم. وهناك شك في قدرة الحكومة المديونة في سحب السيولة من الأسواق المالية بعد ذلك. ومن ثم فمن المحتمل أن تدرك واشنطن أن شراء الفيدرالي للسندات الحكومية هو الحل المقبول تاريخيا للتخلص من عبء الديون.

ومن هنا يمكن القول بأن نفس السياسات الحكومية والفيدرالية التي كانت بمثابة دعم للدولار خلال الشهور القليلة الماضية، تعد الآن نقمة على الدولار الأمريكي. حيث تعد سندات الخزانة هى القوة الدافعة وراء هبوط الدولار.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: IBTimes

ترجمة قسم التحليلات والأخبار بالمتداول العربي


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image