انخفاض "الليرة التركية" إلى أي مدى يستمر؟

انخفاض "الليرة التركية" إلى أي مدى يستمر؟

سجلت الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي رقم قياسي جديد يوم الخميس، وصولًا لـ 7.95 ليرة لكل دولار، مع استمرار المسيرة الصاعد لزوج الدولار مقابل الليرة التركية نحو 8 ليرة لكل دولار أمريكي. 

أعرب المحللون الاقتصاديون عن سخطهم خلال الأيام الماضية من القرارات السياسية القادمة من أنقرة، وقالوا إن معاناة الليرة التركية سببها تركيا نفسها. 

يقول أنجوس بلاير، البنكي السابق، والأستاذ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، لـ سي إن بي سي: "لو نظرت للسياسات، تراها أصبحت متجهة للمسار الصعب. وصراحة، يحاول المشرعون الاقتصاديون صنع قرارات منطقية لوضع لامنطقي، وتزداد صعوبة هذا يوم بعد يوم." 

استطاع الدولار الأمريكي الارتفاع مقابل الليرة التركية بنسبة 33% هذا العام، ارتفاعًا من 5.94 ليرة تركية لكل دولار حتى 7.95 ليرة تركية لكل دولار أمريكي. وما زالت الليرة التركية متجهة صوب مسار ضعيف بسبب السياسات النقدية غير المتعارف عليها التي تنتهجها تركيا، ومنها الرفض الدائم لرفع معدلات الفائدة، وسط تضخم بأرقام ثنائية الخانة، وتناقص في احتياطيات العملات الأجنبية التي نضبت في محاولة لرفع الليرة التركية للأعلى. 

وفي 2018، قبل الأزمة، كانت الليرة التركية عند مستوى 3.77 مقابل الدولار الأمريكي، والآن يتوقع المحللون وصولها لـ 8.5 ليرة تركية لكل دولار أمريكي. 

يقول بلاير مشيرًا إلى تعمق انخراط تركيا في الصدام العسكري بـ: ليبيا، سوريا، أذربيجان-أرمينيا، ومعاداتها لدول حلف الناتو الأخرى مثل اليونان: "ما يحدث الآن هو تزاوج بين السياسة النقدية، وإداة احتياطات النقد الأجنبي الناضبة، لو عرض المسألة بنوع من التهذيب. فتركيا تنخرط في صراعات عدة، وصراحة، لا تحب الأسواق حالة عدم اليقين، ولا تحب العدوان." 

وما يثير مخاوف المتداولين والمستثمرين من الليرة التركية هو الرئيس إردوغان نفسه بما هو معهود عنه من قرارات مفاجئة، وتدخلات مستمرة في السياسة النقدية، وسياسات البنك المركزي الذي قلت استقلاليته على مدار السنوات الأخيرة. يبغض إردوغان معدلات الفائدة المرتفعة ويصفها بـ "الشر"، بينما يرى الاقتصاديون أن تلك المعدلات المرتفعة هي السبيل الوحيد لمواجهة ارتفاع التضخم الواقف حاليًا أعلى 11% في تركيا. 

ويرى بلاير إن الليرة التركية ربما تتجه نحو 8.5 أو حتى 9 في ظل استمرار الوضع الراهن على ما هو عليه. 

معاناة الليرة التركية ما زال ينقصها ركن واحد، وبهذا يكتمل الانهيار 

تركيا تحاول التغريد خارج سرب السياسات النقدية المتعارف عليها، ولكن هذا هو جوهر مشكلة الليرة التركية. 

يقول محلل كوميرز بنك: "المشكلة الجوهرية بالنسبة لليرة التركية هو فقدان الثقة في أهداف التضخم التي يضعها البنك، تلك المرتبطة بتراجع قيمة العملة." وفي مذكرة للعملاء، يقول المحللون: "مع فلسفة السياسة النقدية غير التقليدية، وهبوط احتياطي النقد الأجنبي للسالب، واستمرار هروب رأس المال،" لن تنتهي معاناة الليرة التركية. 

ومع تراجع أنشطة السياحة، وارتفاع البطالة لـ 14%، ستواجه الليرة التركية مزيد من التحديات. 

كما تستمر تركيا عرضة لعقوبات اقتصادية من الولايات المتحدة بسبب منظومة الدفاع الصاروخية، سوخوي 400، أو مع تهديدات الاتحاد الأوروبي جراء التوتر مع اليونان وقبرص، أو المقاطعة من السعودية، وإيقاف رحلات الطيران من وإلى الإمارات، كل هذه سيبقي ضغوط هبوطية على الليرة التركية. 

والخيار الوحيد هنا هو: رفع معدل الفائدة بقوة، وفق تقرير من بنك باركليز (LON:BARC). وينتظر السوق قرار الفائدة في 22 أكتوبر. 

ورفع البنك المركزي التركي معدل الفائدة 150 نقطة إلى 11.75% الأسبوع، وهذا ما فاجئ مراقبو السوق. ويتوقع باركليز رفع الفائدة من جديد. ولكن، يرى الاقتصاديون أن تركيا لن تستطيع الخروج من الأزمة دون مساعدة من صندوق النقد الدولي، وهذا ما يرفضه إردوغان، وبهذا ربما لن تكتفي الليرة التركية برفع معدل الفائدة وحده كمنقذ. 

يقول محللو جيفيريس: "أتوقع أن هناك بعض القوى التي يمكن أن تجنب الليرة التركية من الوصول لـ 8 ليرة لكل دولار، ولكن في الوقت الحالي يبدو أن الوصول لهذه النقطة حتميًا."


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image