هل يفاجأ الفيدرالي الأمريكي الأسواق بقرار الفائدة المنتظر؟... السيناريو المتوقع!

هل يفاجأ الفيدرالي الأمريكي الأسواق بقرار الفائدة المنتظر؟... السيناريو المتوقع!
السيناريو المتوقع لقرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي

تنتظر أسواق العملات باهتمام شديد صدور قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والتي سيكون لها تأثير قوي وواضح على تحركات الدولار الأمريكي ومختلف السلع والعملات والأسهم وغيرها من الملاذات الاستثمارية الأخرى، وفيما يلي نظرة على كيفية ملابسات هذا القرار داخل الفيدرالي الأمريكي وكيفية تأثيره على الأسواق:

أولا: البيانات الاقتصادية وتأثيرها على قرارات الفيدرالي الأمريكي:

منذ اجتماع الفيدرالي الأمريكي خلال نوفمبر الماضي، صدرت العديد من البيانات الاقتصادية المهمة والتي كان لها تأثير قوي على تحركات الدولار الأمريكي والعملات الرئيسية ومختلف الأسواق وتدعم قيام الفيدرالي الأمريكي بتثبيت رفع الفائدة خلال اجتماع ديسمبر الجاري.

وفي هذا الإطار، كشفت بيانات الإحصاء في الولايات المتحدة، عن توافق بيانات مؤشر التضخم الأمريكي خلال شهر نوفمبر الماضي مع توقعات الأسواق، فعلى أساس سنوي، سجل مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي نحو 3.1%، وهو ما يتوافق مع توقعات الأسواق التي أشارت لانخفاضه إلى 3.1%، وكانت القراءة السابقة لمؤشر التضخم الأمريكي قد سجلت نحو 3.2% خلال أكتوبر الماضي. وفي نفس الوقت، استقر معدل التضخم الأمريكي الأساسي (والذي يستبعد أسعار الطاقة والغذاء)، عند مستوى 4.0% على أساس سنوي بنهاية نوفمبر الماضي، بما يتوافق مع توقعات الأسواق والقراءة السابقة والتي استقرت عند مستوى 4.0% بنهاية أكتوبر الماضي.

بينما على الجانب الاَخر، أظهرت البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الأمريكي، إيجابية بيانات سوق العمل الأمريكي خلال نوفمبر الماضي، حيث أضاف الاقتصاد الأمريكي حوالي 199 ألف وظيفة، وهو ما جاء أفضل بكثير من توقعات الأسواق التي أشارت لإضافة الاقتصاد الأمريكي نحو 180 ألف وظيفة فقط، وكانت القراءة السابقة قد أظهرت إضافة الاقتصاد الأمريكي لحوالي 150 ألف وظيفة خلال أكتوبر الماضي. وفي الوقت ذاته، انخفض معدل البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى 3.7% خلال شهر أكتوبر، وهو أفضل من توقعات توقعات الأسواق التي رجحت استقرار البطالة بالولايات المتحدة عند 3.9%، وكانت القراءة السابقة للمؤشر قد أظهرت ارتفاع البطالة الأمريكية إلى 3.9%.

وأيضا، أصدر مكتب الإحصاء الأمريكي، البيانات الأولية لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة خلال الربع السنوي الثالث من هذا العام، والتي جاءت بأفضل من توقعات الأسواق. ووفقا للبيانات الواردة، سجل مؤشر القراءة التقديرية للناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة نموا بنسبة 5.2% بالربع الثالث، وهو أفضل بكثير من توقعات الأسواق والتي أشارت إلى نمو الاقتصاد الأمريكي بمقدار 5.0% فقط، وكانت القراءة السابقة لمؤشر النمو الاقتصادي الأمريكي قد سجلت نموا بنسبة 2.1% خلال الربع الثاني من العام الجاري.

وفي ضوء استمرار هدوء وتيرة التضخم الأمريكي، فإن الفيدرالي الأمريكي على الأرجح قد يبقي على الفائدة دون تغيير خلال اجتماع ديسمبر المرتقب، وذلك على الرغم من قوة بيانات سوق العمل، وإيجابية بيانات النمو الاقتصادي الأمريكي في الفترة الماضية.

ثانيا: أبرز تصريحات أعضاء الفيدرالي الأمريكي الأخيرة:

خلال الفترة الماضية، صدرت العديد من التصريحات من قبل أعضاء الفيدرالي الأمريكي والتي توضح بأن أعضاء الفيدرالي الأمريكي لديهم وجهات نظر متباينة حول تشديد السياسة النقدية، وفي هذا الإطار، أكد محافظ الفيدرالي الأمريكي جيروم باول، بأن الفيدرالي الأمريكي أصبح يتحرك بشكل أكثر حذرا، وبخاصة وأن المخاطر بشأن الفائدة أصبحت أكثر توازنا، ولكن من المبكر للغاية القول بأن السياسة النقدية للبنك الفيدرالي الأمريكي أصبحت أكثر تشديدية وتكفي لإعادة التضخم نحو الهدف، وأن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيقوم برفع أسعار الفائدة إذا لزم الأمر لخفض التضخم.

وأيضا، قال عضو الفيدرالي الأمريكي في شيكاغو، أوستان جولسبي، بأن التضخم ينخفض بالطريقة المثلي، وأن الفيدرالي الأمريكي على المسار الصحيح لإعادة التضخم نحو الهدف المحدد له عند 2%، مضيفا بأنه يراقب التضخم في قطاع الإسكان، فإذا انخفض إلى 2%، فسنكون على الطريق الصحيح.

وبدورها، قالت رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي عن ولاية كليفلاند لوريتا ميستر، بأن السياسة النقدية الحالية للبنك عند مستوى جيد، بما يوفر الوقت للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي كي يحدد ما إذا كانت الخطوات السابقة التي اتخذها خلال الفترة الماضية ستساعده في تحقيق هدف استقرار الأسعار.  وفي كلمة ألقتها لوريتا ميستر في مؤتمر بولاية شيكاغو، أوضحت عضو الفيدرالي الأمريكي بأن هناك تقدم ملحوظ في معركة كبح التضخم المرتفع، لكنها حذرت من أن نمو الأسعار لا يزال أعلى من هدف الفيدرالي البالغ 2%، موضحة بأن الاقتصاد الأمريكي أثبت مجددا بأنه أكثر مرونة مما كان متوقعا.

محافظ الفيدرالي الأمريكي باول يدلي بتصريحات مهمة للغاية عن الفائدة

ثالثا: ما هي توقعات أهم البنوك الكبرى لقرارات الفيدرالي الأمريكي؟

تشير معظم توقعات البنوك الكبرى إلى أن الفيدرالي الأمريكي سيبقي على الفائدة دون تغيير خلال هذا الاجتماع، وفي هذا السياق، رأى خبراء  بنك ANZ بأن بيانات التضخم الأمريكية كانت أفضل من التوقعات، ولذلك فقد يؤدي ذلك، إلى انخفاض توقعات التضخم الصادرة عن الاحتياطي الفيدرالي وكذلك خطط رفع الفائدة خلال العام المقبل، مقارنة مع توقعات شهر سبتمبر الماضية، ولكن محافظ الفيدرالي الأمريكي جيروم باول قد يحافظ على التوجهات التشديدية في ظل استمرار مهمة مكافحة التضخم، ولذلك، لن يرغب الفيدرالي الأمريكي في التخلي عن التشديد النقدي سريعا حتى لا يهدد مهمته في إعادة التضخم نحو الهدف المحدد له.

وأيضا، رأى اقتصاديو دويتشه بنك بأن الفيدرالي الأمريكي سيبقي على الفائدة ثابتة، ولكن قد يتحدث عن احتمالية للتشديد النقدي مجددا، ولو بشكل طفيف، وقد يتحدث البنك أيضا، عن احتمالية حدوث ركود معتدل خلال الربع الأول من العام المقبل، وربما احتمالية خفض الفائدة لأول مرة في يونيو المقبل.

وكذلك، توقع خبراء مصرف سيتي بنك الاستثماري بأن يبقي الفيدرالي الأمريكي على سعر الفائدة دون تغيير، وأن يكون أكثر حذرا فيما يتعلق بتغيير توقعات سبتمبر الماضية، إلا أنه قد يتم خفض توقعات التضخم، وقد يتم التحدث عن خفض الفائدة بنحو 75 نقطة أساس بنهاية 2024، غير أن المؤتمر الصحفي لمحافظ الفيدرالي الأمريكي جيروم باول قد يؤكد على أنه من السابق لأوانه التكهن بموعد خفض الفائدة، وأن الفيدرالي الأمريكي سيقرر كل اجتماع على حدى قرار الفائدة المناسب.

توقعات البنوك العالمية لقرارات الفيدرالي الأمريكي المقبلة

رابعا: السيناريوهات المتوقعة لقرارات الفيدرالي الأمريكي المرتقبة:

يتمثل السيناريو الأول لقرارات الفيدرالي الأمريكي في إبقاء البنك على الفائدة دون تغيير خلال هذا الاجتماع، ولكن قد يتضمن بيان الفائدة والتوقعات الاقتصادية للبنك، وكذلك، المؤتمر الصحفي لمحافظ البنك جيروم باول، تلميحا واضحا على أن الفيدرالي الأمريكي قد اقترب من نهاية دورة التشديد النقدي ولكنه سيبقى حذرا وعلى استعداد لرفع الفائدة مرة أخرى إذا تجددت الضغوط التضخمية، وهذا السيناريو في حالة حدوثه، قد يكون له تأثير سلبي على تحركات الدولار وعلى العكس إيجابي على الذهب والأسهم الأمريكية ومختلف العملات الرقمية.

السيناريو الثاني، وهو قيام الفيدرالي الأمريكي بالإبقاء على الفائدة دون تغيير، وقد يتحدث بيان الفائدة ومحافظ الفيدرالي الأمريكي عن استمرار الضغوط التضخمية وبأن التضخم لا يزال أعلى الهدف، وهو ما يتطلب مزيدا من التشديد النقدي خلال الفترة المقبلة اعتمادا على البيانات الاقتصادية المقبلة، وهذا السيناريو قد يكون له تأثير إيجابي على الدولار وسلبي على الذهب والأسهم والعملات الرقمية، لأنه يعني استمرار دورة التشديد النقدي الأمريكية.

اقرأ أيضا:

أسبوع البنوك المركزية... والدولار يترقب بيانات التضخم وقرارات الفيدرالي


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image