هل يتوقف المركزي الأوروبي عن رفع الفائدة هذا الاجتماع؟ السيناريو المتوقع!

هل يتوقف المركزي الأوروبي عن رفع الفائدة هذا الاجتماع؟ السيناريو المتوقع!
سيناريو متوقع المركزي الأوروبي

يترقب سوق العملات وبخاصة متداولي عملة اليورو باهتمام كبير صدور قرارات البنك المركزي الأوروبي حول السياسة النقدية خلال شهر سبتمبر الجاري، وسط تجدد المخاوف حيال توقف البنك عن رفع الفائدة لأول مرة منذ بداية بدورة التشديد النقدي، وهو ما سيكون له تأثير قوي للغاية على تحركات أسواق العملات، وفيما يلي نظرة على ملابسات اتخاذ قرارات السياسة النقدية الأوروبية:

أولا: نظرة على الأوضاع الاقتصادية لمنطقة اليورو:

خلال الفترة الماضية، صدرت العديد من البيانات الاقتصادية في منطقة اليورو منذ الاجتماع السابق للبنك المركزي الأوروبي، وهذه البيانات سيكون لها تأثير واضح على قرارات المركزي الأوروبي حول السياسة النقدية، حيث كشفت بيانات مكتب الإحصاء الأوروبي، بأن القراءة الأولية لمؤشر أسعار المستهلكين السنوي - التضخم السنوي - في منطقة اليورو قد تطابقت مع توقعات الأسواق، حيث سجل التضخم السنوي تباطؤا إلى 5.3% خلال شهر أغسطس الحالي. بينما على الجانب الاَخر، سجلت القراءة الأولية لمؤشر أسعار المستهلكين بقيمته الأساسية نحو 5.3% على أساس سنوي خلال أغسطس يوليو، وهي أعلى من توقعات الأسواق التي أشارت لتسجيله 5.1%.

وأيضا، أظهرت البيانات الصادرة عن مكتب إحصاءات منطقة اليورو - يوروستات - بأنه قد تمت مراجعة القراءة النهائية لبيانات معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي داخل منطقة اليورو خلال الربع الثاني من عام 2023، لتأتي أقل من توقعات الأسواق، في إشارة سلبية إلى تأثير استمرار تشديد السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي على النشاط الاقتصادي. فوفقا للبيانات الصادرة شهد اقتصاد منطقة اليورو نموا بنسبة 0.% فقط خلال الربع الثاني من العام الجاري، بالمقارنة مع الربع ذاته من العام الماضي، بعدما كانت التقديرات الأولية قد أشارت لتسجيله 0.6%.  وعلى أساس ربع سنوي، جاءت القراءة النمهائية لمعدل النمو في منطقة اليورو أيضا دون التقديرات الأولية خلال الربع الثاني بالمقارنة مع الربع الأول، حيث تمت مراجعة القراءة إلى 0.1% فقط ، بعدما كانت التقديرات الأولية للنمو في المنطقة قد أشارت لتسجيله 0.3%.

وكذلك، في تقييمها الفصلي الصادر مؤخرا، خفضت المفوضية الأوروبية وهي الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي-- توقعاتها للنمو الاقتصادي في منطقة اليورو لعامي 2023 و2024، مشيرة إلى أن اقتصاد ألمانيا قد دخل بالفعل حالة الركود. وفي هذا الخصوص، كشفت المفوضية الأوروبية عن توقعاتها الاقتصادية المراجعة من توقعاتها السابقة بشهر مايو، حيث رأت المفوضية بأن منطقة اليورو قد تحقق نموا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.8% و1.3% لعامي 2023 و2024 على الترتيب، بانخفاض عن تقديرات المفوضية السابقة بتوقعات شهر مايو والبالغة 1.1٪ و 1.6٪ للفترة نفسها.

وفي ضوء هدوء الضغوط التضخمية الأوروبية، جنبا إلى جنب مع تباطؤ وتضرر النشاط الاقتصادي بسبب وتيرة رفع الفائدة الأوروبية خلال الفترة الماضية، فإن هذه البيانات سيكون لها تأثير قوي على قرارات السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي.

المفوضية الأوروبية تغير توقعات النمو والتضخم لمنطقة اليورو في 2023 و2024

ثانيا: أبرز تصريحات أعضاء البنك المركزي الأوروبي:

حافظ أغلب أعضاء وصانعي السياسة بالبنك المركزي الأوروبي على نبرتهم الحذرة حيال التشديد النقدي في اجتماعات البنك المقبلة، وبخاصة مع تضرر الاقتصادات الأوروبية بوضوح جراء قرارات رفع الفائدة الأوروبية، وفي هذا السياق، حذر عضو البنك المركزي الأوروبي ومحافظ بنك البرتغال، ماريو سينتينو، من أن هناك خطر من قيام المركزي الأوروبي بتشديد السياسة النقدية، أي فيما يتعلق برفع أسعار الفائدة. وخلال تحليله السنوي الذي نشره بنك البرتغال؛ أكد صانع السياسة بأن التضخم انخفض بشكل أسرع من ارتفاعه، وأضاف بأن الاقتصاد يتكيف مع الظروف المالية الجديدة، وموضحا بأنه بمجرد اقتراب الأسعار نحو الاستقرار، فيجب على المركزي الأوروبي أن يبدأ في خفض أسعار الفائدة. 

وأيضا، صرح عضو البنك المركزي الأوروبي ومحافظ بنك فرنسا ، فرانسوا فيليروي دي جالو ، بأنه في ظل البيانات الأخيرة الصادرة لمنطقة اليورو، فإن خيارات المركزي الأوروبي مفتوحة في اجتماعات قرارات أسعار الفائدة القادمة وما بعده، ولكنه أضاف أن المركزي الأوروبي قد أصبح قريبا جدا من ذروة أسعار الفائدة.

وكذلك، أصر عضو البنك المركزي الأوروبي ومحافظ بنك إيطاليا إغنازيو فيسكو، على أن المركزي الأوروبي لا يبني قرارات السياسة النقدية الخاصة به على تلك التي قدمها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. وفي حديثه في معهد الدراسات السياسية الدولية (ISPI) في ميلانو، أشار فيسكو إلى أن المركزي الأوروبي يقترب من معدل الفائدة النهائي، مؤكدا على تباطؤ التضخم الأساسي داخل منطقة اليورو.

وبدوره، صرح عضو البنك المركزي الأوروبي ، بيتر كازيمير؛ بأنه يفضل أن يقوم المركزي الأوروبي برفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع السياسة الأسبوع المقبل، وربما للمرة الأخيرة. وأضاف بأنه إذا لزم الأمر أن يقدم المركزي الأوروبي زيادة أخرى نهائية بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع أكتوبر أو ديسمبر المقبل.

الدولار على موعد مع التضخم واليورو يترقب قرارات المركزي الأوروبي

ثالثا: توقعات البنوك الكبرى لقرارات المركزي الأوروبي:

توقعت المحلل الاقتصادي لدى بنك UOB آن لي سو، قرار لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي حول الفائدة باجتماعه المقبل. وفي هذا الخصوص، أفادت الخبير الاقتصادي بأن التحركات المستقبلية لسياسة البنك المركزي الأوروبي كانت غير واضحة بشكل كبير باجتماع البنك الأخير في يوليو؛ لكن موقف المركزي الأوروبي تحول إلى محايد صريح؛ بعدما كان البنك يتحيز نحو التشديد النقدي. كما أشارت آن إلى أن البنك المركزي الأوروبي من المرجح أن يتوقف بشكل مؤقت عن رفع أسعار الفائدة باجتماع الغد؛ مع إبقاء الخيارات مفتوحة على مدار الاجتماعات المقبلة.

وبدورهم، توقع الخبراء لدى بنك سوسيتيه جنرال، في مذكرة بحثية، بأن يحافظ البنك المركزي الأوروبي على موقف متشدد في اجتماع السياسة المقبل خلال سبتمبر، وذلك على الرغم من أنه من المتوقع وأن يؤجل المركزي الأوروبي تأجيل رفع سعر الفائدة حتى ديسمبر، ولكن المركزي الأوروبي سيحافظ على موقفه المتشدد بسبب أهداف التضخم.

ومن جانبه، قدم كبير الاقتصاديين لدى كوميرز بنك، يورغ كرامر، لمحة موجزة عن اجتماع لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي؛ مرجحا تصويت أعضاء البنك لصالح إبقاء سعر الفائدة عند المستوى الحالي دون تغيير.

بنك UOB يوضح توقعاته لقرار البنك المركزي الأوروبي باجتماع الغد

رابعا: السيناريوهات المتوقعة لقرارات البنك المركزي الأوروبي:

يتمثل السيناريو الأول والمرجح حاليا في إبقاء المركزي الأوروبي على الفائدة دون تغيير خلال هذا الاجتماع، وسيكون التركيز منصبا في هذه الحالة على بيان الفائدة والمؤتمر الصحفي لمحافظ البنك كريستين لاجارد، والذين قد يتضمنان تأكيدات على تباطؤ التضخم الأوروبي، بالإضافة إلى ضعف النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو، وهو ما يزيد الضغوط على البنك للتوقف عن تشديد السياسة النقدية، وهذا السيناريو في حالة حدوثه قد يؤثر سلبيا بتحركات اليورو وبخاصة زوج اليورو دولار.

بينما السيناريو الثاني وغير المرجح حاليا، يتمثل في قيام المركزي الأوروبي برفع الفائدة بنحو 25 نقطة أساس، ولكن بيان الفائدة والمؤتمر الصحفي لكريستين لاجارد، قد يتحدثان عن استمرار المخاوف حيال التضخم المرتفع، وبأن البنك لن يتراجع عن التشديد النقدي حتى يتأكد من انخفاض التضخم نحو الهدف بشكل مستدام، وهذا السيناريو في حالة حدوثه قد يكون له تأثير إيجابي على تداولات اليورو.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image