الانتخابات الرئاسية الأمريكية.. نقطة حاسمة للمستقبل السياسي والاقتصادي

الانتخابات الرئاسية الأمريكية.. نقطة حاسمة للمستقبل السياسي والاقتصادي

يتزايد ترقب الأسواق الحذر مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية والتي تٌعد واحدة من أبرز الأحداث العالمية لهذا العام. وقد علت مخاوف الأسواق حيال المستقبل السياسي الأمريكي وتداعياته على الاستقرار العالمي خاصة مع انحصار المنافسة الرئاسية على كل من مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب ومرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون. وكان ترامب قد فشل في الحصول على تأييد شريحة كبيرة من الشعب الأمريكي بسبب تصريحاته المثيرة للجدل وتوجهاته المتطرفة على الصعيدين السياسي والدولي ، فضلاً عن أن حقيقة اختياره كممثل للحزب لا ترجع إلى دوره السياسي البارز، ولكن كونه أكثر مرشحي الحزب شعبية وظهوراً. على الجانب الأخر، تأتي هيلاري لتزيد من الوضع سوءاً. فحتى مع تعارض توجهاتها مع معتقدات ترامب، إلا أن شريحة كبيرة من الشعب الأمريكي ترى أنها ليست البديل الأفضل لترامب. ولكن يجدر الإشارة إلى نجاحها في الحصول على تأييد مجموعة كبيرة من الناخبين.

ومن الواضح أن تلك المعادلة تضع الناخبين الأمريكين في مأزق حقيقي، وقد أوضحت أحدث استطلاعات الرأي تقارب الفارق بين كل من المرشحين بنسبة لا تتجاوز 5%، فيما تستقرت النسب بشكل عام عند مستويات منخفضة تاريخياً مع ارتفاع حالة السخط العامة. ويمكن القول أن فوز أياً من المرشحين سوف يعتمد على مدى استنفار الناخبين من المنافس الآخر والبحث عن بديلاً له. وتأتي الصراعات الشخصية بين كلا المنافسين لترفع حالة من السخط بشأن العملية الانتخابية. يأتي ذلك في الوقت الذي يصب فيه المرشحين اهتمامهما على إبراز العيوب الشخصية في المرشح البديل عوضاً عن التركيز على البدائل السياسية والتنافس الشريف بين الطرفين. فعلى سبيل المثال، ترى هيلاري أن ترامب ليس مؤهلاً لرئاسة الولايات المتحدة، فيما يتهمها ترامب بالانتهازية السياسية.

الرئاسة الأمريكية والقضايا العالمية. 

على الرغم من أن الشعب الأمريكي هو وحده من يملك الخيار في النهاية، إلا أن العالم أجمع يراقب تطورات الوضع السياسي بكل حذر. وقد تزايدت التساؤلات بشأن قدرة الولايات المتحدة على استكمال دورها القيادي العالمي خلال السنوات المقبلة. تنبع المخاوف العالمية من حالة الشك التي تحاصر قدرة كلا المرشحين على التعامل مع القضايا المحلية والعالمية وإيجاد الحلول الفاعلة لها. ولعل الخطر الأكبر يتمثل في عجز الولايات المتحدة عن القيام بدورها القيادي انشغالاً منها في التعامل مع الأوضاع المحلية المتوترة.

وتأتي سياسة ترامب والتي تقوم على مبدأ "أمريكا أولاً" لتعزز من تلك المخاوف، حيث أن هذا المبدأ يتعارض كلياً مع دور الزعامة الدولية الذي تلعبه الولايات المتحدة ، ويرى البعض أنه قد يدفع بالبلاد إلى حالة من الانعزال عن الأوضاع العالمية. على الجانب الأخر، تؤكد هيلاري على ضرورة التعامل مع القضايا والملفات العالمية بشكل تدريجي، ولكن هذا النهج يظل غير كافياً لضمان استمرار الزعامة الأمريكية على الصعيد العالمي. ويرى الخبراء أن سياسات كلا المرشحين تفتقر إلى الجرأة الكافية للتصدي لعالم يشوبه عدم الاستقرار في مختلف الأصعدة؛ السياسية والاقتصادية.

يمكن القول بأن منصب الرئاسة الأمريكية يأتي مثقولاً بالعديد من الأعباء حيث يتوجب على الرئيس القادم إيجاد حلول ملائمة للتحديات العالمية ولعل من أبرزها تلك التي تقع في الشرق الأوسط الذي يعاني من احتدام حدة الصراع السياسي وتصاعد التوتر الاقتصادي بالمنطقة. ليس هذا فقط، بل سيكون عليه التعامل مع العديد من القضايا العالمية المُلحة منها؛ الفقر، انتشار الأوبئة، الملف النووي وكذلك الصراعات الدولية والإقليمية. في هذا الصدد، يبني العالم آماله على الرئيس القادم في الحفاظ على الزعامة الأمريكية والإصلاح العالمي.

ولكن كيف ستؤثر الأوضاع السياسية على الاقتصاد الأمريكي؟

يظن البعض أن الاقتصاد هو مجال قائم بذاته ولا يتأثر بالتطورات الخارجية، ولكن هذا المعتقد يبدو مغلوطاً حيث أن الاقتصاد من أكثر المجالات تأثراً بالبيئة المحيطة. وفي الولايات المتحدة تجذب التطورات السياسية اهتمام فائق النظير نظراً لما تحمله من تداعيات سياسية واقتصادية ليس فقط على الصعيد المحلي بل والعالمي أيضاً. فإن توتر النظام السياسي بالبلاد قد يؤدي إلى ارتفاع حالة عدم اليقين وبالتالي تراجع الثقة في الاقتصاد الأمريكي كأكبر الكيانات الاقتصادية حول العالم. الأمر الذي قد ينعكس سلباً على الأداء الاقتصادي ويؤثر على قيمة العملة. هذا، فضلاً عن أن سياسات كل مرشح سوف تؤثر على النظام الاقتصادي للدولة بشكل عام.

في سياق متصل، تأتي الانتخابات في توقيت حاسم للاقتصاد الأمريكي، حيث تولي الأسواق أنظارها نحو الفيدرالي الأمريكي ترقباً لرفع الفائدة بعد الإبقاء عليها لمدة تقترب من العام. علاوة على ذلك، فإن الاقتصاد الأمريكي يجد صعوبة بالغة في استعادة ثقة الأسواق مجدداً مع تذبذب الأداء الاقتصادي العام ما بين التحسن، الاستقرار والتراجع في بعض الأحيان. 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image