أسواق النفط ضحية صرامة الأوبك وقوة الدولار الأمريكي، لماذا؟

أسواق النفط ضحية صرامة الأوبك وقوة الدولار الأمريكي، لماذا؟

تعاني أسواق النفط العالمية من ضغوط لا متناهية منذ العام الماضي، لتخسر أسعار النفط مايقرب من ثلث قيمتها على مدار العام الجاري فقط. هذا، ويجري تداول النفط حالياً عند 35.53 دولار للبرميل الواحد مستقراً عند أدنى مستويات له على مدار ستة أعوام. على الرغم من الدور الذي لعبته سياسة الأوبك في الضغط على أسواق النفط، إلا أنها لم تكن العامل الوحيد في التراجع الحاد الذي شهدته أسواق النفط مؤخراً. فكان لارتفاع قيمة الدولار الأمريكي دوراً رئيسياً إلى جانب تخمة المعروض العالمي. 

 

أولاً، تأثير قرارات الأوبك على أسواق النفط. 

بالطبع كانت قرارات المنظمة طوال العام الماضي ذو تأثير سلبي على أسواق النفط. وقد شهدنا مدى تأثُر أسعار النفط هبوطاً بقرار المنظمة الجمعة الماضية بالإبقاء على سقف الإنتاج كما هو دون تغيير بواقع 30 مليون برميل في اليوم الواحد. جدير بالذكر أن احدث البيانات الصادرة عن المنظمة قد أظهرت ارتفاع معدل الإنتاج إلى إجمالي 31.5 مليون برميل يومياً متخطياً سقف الإنتاج المحدد من قِبل المنظمة، وهي أعلى مستويات تشهدها إنتاجية المنظمة خلال الثلاث سنوات الماضية. على الجانب الأخر، أعلنت المنظمة خفض توقعات الإنتاج للدول من خارج المنظمة خلال العام المقبل في ظل التأثيرات السلبية لتراجع أسعار النفط والإضرار باستثمارات قطاع الطاقة. تشير بعض الأراء بأنه وعلى الرغم من تأثُر المنظمة بالتزايد المستمر في المعروض العالمي، إلا أن استمرار تراجع أسعار النفط بهذا النحو العام قد يدفع شركات النفط الخاصة إلى الخروج من الأسواق، مما يُعد بالأمر الإيجابي للأوبك. 

 

 

ثانياً، إنتاجية الولايات المتحدة من النفط الصخري. 

تعرض قطاع النفط الصخري بالولايات المتحدة إلى ضغوط متزايدة مع التراجع المستمر في أسعار النفط، ولكنه لم يفقد زخمه بشكل قوي بعد. هذا، وتشير التوقعات إلى تراجع معدل إنتاج النفط الصخري إلى 4.861 مليون برميل في اليوم الواحد خلال يناير المقبل، ليسجل تراجعاً بواقع 116 ألف برميل خلال ديسمبر الجاري، طبقاً للبيانات الصادرة عن وكالة معلومات الطاقة. 

كانت مخزونات النفط الخام بالولايات المتحدة قد تراجعت بواقع 36 ألف برميل على مدار الأسبوع الماضي، وصولاً إلى إجمالي 9.164 مليون برميل في اليوم الواحد، لتستقر بذلك عند مستويات مرتفعة بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي حيث سجلت 9.118 مليون برميل يومياً. 

 

 

ثالثاً، تخمة المعروض العالمي. 

على الرغم من تعافي معدلات الطلب العالمي إلى أعلى مستويات جديدة لها على مدار خمسة أعوام بواقع 2 مليون برميل يومياً، إلا أنها لم تكن كافية لاستيعاب المعروض العالمي المتزايد من قِبل الأوبك والدول الأخرى. ليبقى تخمة المعروض العالمي من الأسباب الرئيسية وراء هبوط أسعار النفط يوماً بعد يوم. 

 

 

رابعاً، ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي. 

تتأهب الأسواق لقرار رفع الفائدة الأمريكية المرتقب خلال الأسبوع المقبل، مما يشكل بدوره دعماً للدولار الأمريكي الذي يتفوق بالفعل على منافسيه من العملات الأخرى حول العالم. يرى بعض الخبراء أن قوة الدولار ساهمت بشكل رئيسي في الضغط على أسواق النفط خاصة منذ أن قررت الأوبك الإبقاء على معدل الإنتاج خلال العام الماضي، نظراً لأن أسعار النفط مقومة بالدولار الأمريكي. خلال العام الجاري فقط سجل مؤشر الدولار الأمريكي ارتفاعاً بنسبة 8% بينما تراجعت أسعار النفط لتخسر أكثر  30% من قيمتها. 

وبالنظر إلى تعزيز توقعات قيام الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة خلال الأسبوع القادم وإلى التوسع في السياسة التسهيلية بمنطقة اليورو على الجانب الأخر، فمن المرجح أن يستمر الدولار الأمريكي في تشكيل المزيد من الأعباء على أسواق النفط العالمية بشكل خاص. 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image