هل يحافظ المركزي الأوروبي على الفائدة رغم الأضرار الاقتصادية؟ السيناريو المتوقع!

هل يحافظ المركزي الأوروبي على الفائدة رغم الأضرار الاقتصادية؟ السيناريو المتوقع!
سيناريو متوقع المركزي الأوروبي

تترقب الأسواق صدور قرار الفائدة من قبل المركزي الأوروبي غدا الخميس، وسط حزمة من البيانات السلبية التي تعكس التباطؤ الكبير الذي أصاب النشاط الاقتصادي بمنطقة اليورو مع استمرار السياسة النقدية المتشددة وأسعار الفائدة المرتفعة بالضغط على الطلب والنمو، وفيما يلي نظرة على ملابسات اتخاذ القرار داخل البنك:

الأوضاع الاقتصادية وتأثيرها المحتمل على قرار المركزي الأوروبي

أظهرت البيانات الأخيرة لشهر ديسمبر، أن القراءة الأولية لبيانات التضخم بمنطقة اليورو قد أظهرت ارتفاعه مرة أخرى إلى مستوى 2.9% في الوقت الذي تباطأ فيه، رغم ذلك، التضخم الأساسي (الذي يستثني أسعار السلع المتقلبة كالطاقة والغذاء)، وهو ما عزز التوقعات بأن التضخم قد يكون على طريقه للانخفاض نحو هدف المركزي الأوروبي البالغ 2%، خاصة وأن الارتفاع في معدل التضخم العام كان ناتجا عن عوامل موسمية بشكل أساسي.

ومع ذلك، فقد أعرب عددا من مسؤولي البنك المركزي الأوروبي ومحافظي البنوك بدول المنطقة عن قلقهم المتزايد حيال الارتفاع المحتمل للأسعار مرة أخرى كنتيجة لارتفاع تكاليف الشحن الناتجة عن تزايد التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وتأثيرها المباشر على أسعار السلع الذي سينتقل في النهاية إلى المستخدم النهائي، مما قد يتسبب في ضغوط صعودية على معدلات التضخم مرة أخرى.

ولكن في نفس الوقت، فقد أظهر النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو تباطؤا كبيرا في الأشهر الأخيرة، خاصة وسط البيانات السلبية التي يشهدها الاقتصاد الألماني والتوقعات المتشائمة للمسؤولين الحكوميين والهيئات المالية وحتى البنك الألماني الاتحادي بشأن معدلات النمو الاقتصادي وحجم النشاط في ظل تباطؤ نشاط المصانع في ألمانيا بشكل حاد، مما يجعل من الصعب قيام البنك المركزي الأوروبي برفع آخر للفائدة.

ويأتي قرار البنك المركزي الأوروبي بعد يوم من صدور بيانات مؤشرات مديري المشتريات للقطاعين الخدمي والتصنيعي لمنطقة اليورو وأكبر الاقتصادات الأوروبية، والتي أظهرت تباطؤا كبيرا في نشاط القطاع الخدمي، في الوقت الذي لا يزال فيه تضخم أسعار الخدمات المرتفع رغم أسعار الفائدة المرتفعة بتشكيل العقبة الأكبر أمام تباطؤ ارتفاع معدلات التضخم، وهو ما يتطلب استمرار الظروف المتشددة للسياسة النقدية لبعض الوقت.

ومع استمرار أسعار الفائدة المرتفعة للبنك المركزي الأوروبي بالضغط على الطلب على القروض وسط تكاليف الاقتراض المرتفعة وتباطؤ النمو من ناحية، وضغط التضخم المرتفع على حجم الطلب والقوة الشرائية للمستهلكين من ناحية أخرى، فإن المركزي الأوروبي سوف يحتاج على الأرجح لمزيد من الوقت للإبقاء على سياسته المتشددة لفترة أطول للتأكد من وضع التضخم على المسار نحو الانخفاض إلى هدف 2%.

وتظل مع ذلك معدلات نمو الأجور في منطقة اليورو تشكل مخاطر صعودية على معدلات التضخم وسط استمرار تحسن سوق العمل الأوروبي، مما يدفع الشركات لزيادة الأجور لموظفيها لمواكبة التضخم المرتفع، ووفقا لتصريحات محافظ البنك المركزي الأوروبي ، كريستين لاجارد، فإن معدلات نمو الأجور بمنطقة اليورو لا تزال تفوق التضخم، وهو ما يعزز مقاومة التضخم للهبوط، ويستدعي استمرار الظروف المتشددة لفترة أطول.

ولقد ارتفعت الأجور في منطقة اليورو بنسبة 5.3% منذ بداية العام وحتى الربع الثالث من 2023، بارتفاع كبير عن 2.2% التي حققتها بنفس الفترة من  العام السابق، مع التوقعات المتزايدة بأن هذا يمكن أن يستمر في الارتفاع، وسط مطالبة النقابات العمالية في ألمانيا بزيادة الأجور بمقدار 500 يورو شهريا لعمال البناء البالغ عددهم نحو مليون عامل في البلاد، أي ما يعادل زيادة بنسبة 21% في الأجور للأغلبية الأقل أجرا في القطاع.

تصريحات أعضاء المركزي الأوروبي بشأن السياسة النقدية

كانت محافظ البنك المركزي الأوروبي ، كريستين لاجارد، قد صرحت بوقت سابق من الأسبوع الماضي بأنها تتوقع أن يكون أول خفض بأسعار الفائدة بمنطقة اليورو في فصل الصيف المقبل، وأشارت إلى أن البنك المركزي الأوروبي قد يحتاج إلى مزيد من الوقت للتأكد من وضع التضخم على مساره نحو الوصول لهدف 2%.

وأفاد عضو البنك المركزي الأوروبي ومحافظ بنك كرواتيا، بوريس فوجيتش، بأن لجنة السياسة النقدية سوف تحتاج أولا للانتظار ورؤية مفاوضات الأجور في الربع الأول ومراقبة أين ستستقر معدلات نمو الأجور قبل اتخاذ أي قرار بشأن تحركات السياسة للتأكد من تأثيرها المحتمل على التضخم. وكذلك، أشار فيليب لين، كبير الاقتصاديين في البنك المركزي الأوروبي إلى أنه بحلول اجتماع يونيو، سيكون البنك قد حصل على تلك البيانات الهامة.

توقعات المؤسسات المالية لتحركات البنك المركزي الأوروبي

في مذكرة نشرها بنك باركليز البريطاني، أشار اقتصاديو البنك إلى أنه من المتوقع وأن يظل اقتصاد منطقة اليورو ضعيفا، حيث يتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1% خلال الربع الرابع من 2023، مقارنة مع الربع الثالث من العام نفسه، وهو ما يرى المحللون أن من شأنه المساعدة على تهدئة ضغوط الأسعار.

هذا كما توقع جي بي مورجان أن يستمر المركزي الأوروبي بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير بالاجتماعات المقبلة للجنة السياسة النقدية حتى شهر يونيو المقبل، حيث يتوقع حدوث أول تغيير في اجتماع يونيو، وأعزي اقتصاديو المصرف الأمريكي توقعاتهم إلى قلقهم حيال معدلات نمو الأجور بالمنطقة وتأثيرها على التضخم.

السيناريوهات المتوقعة لقرارات البنك المركزي الأوروبي

السيناريو الأول؛ بأن يقوم البنك المركزي الأوروبي بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير عند مستوى 4.50%، وأن يلمح إلى احتمالية استمرار لجنة السياسة النقدية بالحفاظ على الظروف النقدية المتشددة لفترة أطول للتأكد من تراجع التضخم إلى هدف 2%، وسيكون لهذا السيناريو على الأغلب تأثيرا إيجابيا على أداء اليورو، خاصة مقابل الدولار.

السيناريو الثاني؛ بأن يقوم المركزي الأوروبي بالإبقاء على مستويات الفائدة الحالية دون تغيير، وأن يلمح إلى مناقشة الأعضاء بشأن الموعد المحتمل لبدء خفض أسعار الفائدة وسط الضغوط القوية التي تضعها معدلات الإقراض المرتفعة على الاقتصاد، وقد يكون لهذا السيناريو تأثيرا سلبيا على اليورو.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image