هل يغامر الوطني السويسري ويرفع الفائدة بآخر اجتماعات العام؟ السيناريو المتوقع!

هل يغامر الوطني السويسري ويرفع الفائدة بآخر اجتماعات العام؟ السيناريو المتوقع!
البنك الوطني السويسري

تترقب الأسواق عن كثب صدور قرارات مجموعة كبيرة من البنوك المركزية حول السياسة النقدية هذا الأسبوع، ومن بينهم البنك الوطني السويسري والمقرر صدوره غدا الخميس في تمام الساعة 8:30 صباحا بتوقيت جرينيتش.

ولقد فاجأ البنك الوطني السويسري الأسواق باجتماعه الأخير في سبتمبر الماضي، وأبقى على سعر الفائدة عند 1.75% للمرة الأولى منذ أن بدأ دورة التشديد النقدي في يونيو 2022، فهل يحافظ البنك المركزي على هذا المستوى أم أن الأسواق على موعد مع مفاجأة أخرى؟

وقبل الإجابة على هذا السؤال، يجب إيضاح أهم ملابسات القرار المرتقب من حيث التطورات الاقتصادية التي شهدتها سويسرا منذ اجتماع البنك الأخير وأيضا، تصريحات صناع القرار بالبنك الوطني السويسري حول النهج النقدي، وأبرز توقعات الاقتصاديين بشأن قرار الفائدة المرتقب، وأخيرا، أبرز السيناريوهات المتوقعة للقرار.

أولا: الخلفية الاقتصادية لصدور قرار الوطني السويسري

منذ آخر اجتماع للبنك، طرأت عدة تغييرات على اقتصاد سويسرا سواء من حيث تطورات النمو الاقتصادي في البلاد أو معدل التضخم، وفي السطور التالية، نوضح أهم هذه المستجدات:

على صعيد البيانات الرسمية؛ بعدما استقر التضخم السنوي في سويسرا عند المستوى 1.7% لشهري سبتمبر وأكتوبر؛ تباطأ نمو مؤشر أسعار المستهلكين بشكل واضح ليسجل 1.4% بشهر نوفمبر الماضي، وفقا لما أوردته الإحصاءات الوطنية. وهو ما تزامن مع انكماش التضخم على أساس شهري، بنحو 0.2% في نوفمبر بعدما سجل ارتفاعا في أكتوبر بنحو 0.1% وانكماشا بنسبة 0.1% بشهر سبتمبر.

وبالنسبة لبيانات النمو الاقتصادي، سجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في سويسرا نموا بنسبة 0.3% للربع السنوي الثالث من العام الجاري، مقارنة بانكماش قدره 0.1% بالربع السنوي الثاني من العام نفسه، ولكن استقر النمو الاقتصادي السويسري عند نفس النسبة المسجلة بالفترة ذاتها من العام الماضي عند 0.3%.

بينما على صعيد التوقعات الاقتصادية، أوضحت حكومة سويسرا بأنه من المحتمل أن تشهد البلاد نموا اقتصاديا متواضعا بنسبة 1.1% في عام 2024، كما رفعت توقعاتها لمعدل البطالة إلى 2.3% من 2.0% سابقا، ولكنها أشارت للتحديات التي تواجه النمو الاقتصادي في سويسرا بالفترة المقبلة، على خلفية مخاطر الركود الاقتصادي العالمي المحتمل والتوترات الجيوسياسية وتراجع حجم الاستثمارات، وتباطؤ النشاط التصنيعي، بما يؤدي لضعف النمو الاقتصادي بالبلاد.

وبالنسبة لمعدل التضخم، كشفت الحكومة السويسرية عن توقعات بصعود أسعار النفط الخام نتيجة للصراع المسلح بمنطقة الشرق الأوسط، بما يغذي احتمالات ارتفاع التضخم مجددا في البلاد.

ومن العرض السابق، وبالنظر للمخاطر الصعودية للتضخم في سويسرا؛ يبدو بأن السياسة النقدية للبنك الوطني السويسري قد تحتاج لمزيد من التشديد ولكن ليس بهذا الاجتماع، نظرا لهدوء حدة الضغوط التضخمية بالفترة الأخيرة وتراجع توقعات النشاط الاقتصادي، لذا فمن المستبعد أن يرفع الوطني السويسري سعر الفائدة هذا الاجتماع.

ثانيا: تصريحات صناع السياسة النقدية بالبنك المركزي

بالتطرق للتصريحات الأخيرة التي أدلى بها صناع القرار الوطني السويسري نجد بأن هذه التعليقات تدعم سيناريو الإبقاء على سعر الفائدة الحالي، فعلى سبيل المثال، أكد محافظ الوطني السويسري توماس جوردان، بأن البنك سيقوم خلال هذا الاجتماع بمراجعة قرارات رفع الفائدة السابقة للبت فيما إذا كانت هذه القرارات كافية لإبقاء التضخم ضمن نطاق استقرار الأسعار بشكل مستدام أم لا.

كما أكد بأن الوطني السويسري لا يعرف حجم التأثير التراكمي لدورة رفع أسعار الفائدة حتى الآن، وأضاف جوردان بأن التضخم في سويسرا قد عاد إلى نطاق استقرار الأسعار، لذا، يمكن القول بأن هذا التصريحات تعزز احتمالات تثبيت أسعار الفائدة لمعرفة التأثيرات التراكمية لدورة التشديد النقدي.

ثالثا: توقعات المحللين حول قرار البنك الوطني السويسري

أيدت غالبية البنوك الاستثمارية العالمية سيناريو الإبقاء على أسعار الفائدة الحالية، فعلى سبيل المثال، أشارت نتائج مسح أجرته وكالة بلومبيرج بالأسبوع الماضي، إلى أنه من المتوقع أن يحافظ البنك الوطني السويسري على سعر الفائدة الحالي بهذا الاجتماع، والإبقاء عليها عند المستويات الحالية حتى الربع السنوي الثالث من العام القادم، حيث رجحت نتائج المسح احتمالية أن يبدأ الوطني السويسري في خفض الفائدة باجتماع سبتمبر 2024، بمقدار 25 نقطة أساس، كما قد يواصل البنك المركزي دورة خفض أسعار الفائدة خلال عامي 2024 و2025، بمقدار 25 نقطة أساس لكل منهما.

وأيضا، توقع بنك أوف أمريكا أن يبقي الوطني السويسري على سياسته النقدية لهذا الاجتماع وحتى الربع السنوي الثالث من عام 2024، كما رجح بنك جولدمان ساكس التوقعات نفسها مضيفا بأن الوطني السويسري قد يخفض توقعات التضخم على مدار الفترات المقبلة.

أخيرا: السيناريوهات المتوقعة لقرار الوطني السويسري المرتقب

وفقا لما سبق عرضه، وفي ظل تضرر التوقعات الاقتصادية لسويسرا وتباطؤ التضخم بوتيرة ملحوظة؛ يمكن القول بأن البنك الوطني السويسري قد يفضل الإبقاء على أسعار الفائدة مجددا هذا الاجتماع (وهو السيناريو الأكثر احتمالا)، مع الإشارة إلى انخفاض التضخم في البلاد بالفترة الأخيرة، وخفض توقعات البنك لمستويات الأسعار خلال الأعوام المقبلة.

ومع ذلك، قد يحذر بيان الفائدة وتصريحات محافظ البنك توماس جوردان بالمؤتمر الصحفي اللاحق لصدور القرار من تزايد الضغوط التضخمية نتيجة لارتفاع الإيجارات والتوترات الجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط، والاحتفاظ بخيار رفع أسعار الفائدة مرة أخرى حال اضطر البنك المركزي لهذا الإجراء، بما قد يقدم بعض الدعم تحركات الفرنك السويسري أمام العملات الرئيسية الأخرى بالتداولات اللاحقة لصدور القرار.

أما السيناريو الثاني يتمثل في تثبيت الفائدة عند المستويات الحالية دون تغيير، مع الإشارة لاستمرار تباطؤ التضخم خلال الأشهر المقبلة، وبدء الحديث عن احتمالات تيسير السياسة النقدية بوقت ما من العام المقبل، وحال تحقق هذا السيناريو؛ فقد يشهد الفرنك السويسري هبوطا قويا بتداولات سوق العملات.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image