هل يجهز محافظ الاحتياطي الاسترالي أية مفاجآت قوية للأسواق؟ السيناريو المتوقع!

من المقرر صدور قرار السياسة النقدية من جانب بنك الاحتياطي الاسترالي غدا الثلاثاء في تمام الساعة 4:30 صباحا بتوقيت جرينيتش، على هامش اجتماع لجنة السياسة النقدية لشهر سبتمبر الجاري، حيث تترقب الأسواق إعلان قرار الفائدة نظرا لانعكاساته القوية على تحركات الدولار الاسترالي بسوق العملات خلال التداولات اللاحقة لصدور القرار.

وفي السطور التالية؛ نستعرض الخلفية الاقتصادية لاجتماع الاحتياطي الاسترالي وتوقعات كبرى البنوك العالمية بشأن قرار الفائدة المرتقب، وأخيرا، السيناريوهات المحتملة لتوقعات قرار الاحتياطي الاسترالي.

أولا: نظرة على الأوضاع الاقتصادية في أستراليا منذ الاجتماع الأخير:

شهد اقتصاد أستراليا عدد من التطورات الاقتصادية الهامة منذ اجتماع بنك الاحتياطي الاسترالي لشهر أغسطس؛ أبرزها بيانات التضخم وسوق التوظيف؛ حيث كشفت البيانات عن تباطؤ التضخم داخل أستراليا خلال يوليو؛ مسجلا ارتفاعا بنسبة 4.9% على أساس سنوي، بأقل من توقعات الأسواق التي أشارت لتسجيلها نموا بنسبة 5.2%، وذلك بعدما كان قد سجل 5.4% على أساس سنوي خلال يونيو الماضي؛ وهو ما يعكس تراجع الضغوط التضخمية بالبلاد خلال هذه الفترة.

هذا وأوضحت السلطات الأسترالية سلبية بيانات سوق العمل خلال الفترة نفسها؛ حيث خسر اقتصاد أستراليا نحو 14.6 آلاف وظيفة، وهو أسوأ بكثير من توقعات الأسواق التي أشارت لإضافة أستراليا حوالي 14.6 آلاف وظيفة، بعدما كانت القراءة السابقة لشهر مايو الماضي قد أوضحت أن الاقتصاد قد أضاف 31.6 آلاف وظيفة؛ بما يشير لتضرر الأوضاع بسوق التوظيف الاسترالي.

وكذلك، سجل مؤشر نمو الأجور في أستراليا نحو 0.8% خلال الربع السنوي الثاني بأقل من توقعات الأسواق التي أشارت لنمو المؤشر بحوالي 0.9%؛ بما يعكس تراجع نمو الأجور بالبلاد ومن ثم انحسار الضغوط التضخمية.

وبناءا عليه، قد يبدو إبقاء بنك الاحتياطي الاسترالي على أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية أمرا منطقيا وسط تباطؤ التضخم في أستراليا علاوة على سلبية بيانات سوق العمل بالبلاد.

ثانيا: أبرز توقعات البنوك الكبرى لقرارات الاحتياطي الاسترالي

تناول العديد من البنوك الاستثمارية العالمية توقعاتهم بشأن قرار الاحتياطي الاسترالي لهذا الاجتماع ويبدو أن هناك إجماع قوي بشأن القرار المقبل ولكن الاختلاف يتمثل في موعد الوصول لذروة رفع الفائدة؛ فعلى سبيل المثال، أشارت نتائج مسح رويترز إلى أن أغلب الخبراء الذين شملهم المسح قد توقعوا أن يبقي بنك الاحتياطي الاسترالي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 4.10% باجتماعه غدا الثلاثاء.

كما كشفت توقعات محللو ستاندرد تشارترد البريطاني بهذا الصدد عن تثبيت بنك الاحتياطي الاسترالي سعر الفائدة هذا الاجتماع مع عودة محتملة لرفع أخير بمعدلات الفائدة بنحو 25 نقطة أساس باجتماع نوفمبر؛ وصولا إلى معدل الفائدة النهائي عند 4.35% بدعم من ارتفاع محتمل للتضخم داخل أستراليا بفعل الارتفاع الشهري في أسعار المساكن، كما أن عدم وجود انتعاش في الإنتاجية قد يزيد من تكاليف وحدة العمل، مما يقدم ضغوطا إضافية للتضخم.

واتفق بنك مورجان ستانلي الأمريكي إلى حد كبير مع هذا التصور، قائلا بأنه من المرجح أن يقدم بنك الاحتياطي الاسترالي آخر قراراته برفع الفائدة في اجتماع لجنة السياسة النقدية بشهر نوفمبر.

ومن ناحية أخرى، أوضح بنك Westpac الاسترالي بأن بنك الاحتياطي الاسترالي سيبقي أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية حتى أول خفض لسعر الفائدة في اجتماع البنك بشهر سبتمبر 2024؛ مفيدا بأن دورة رفع سعر الفائدة التي تبناها بنك الاحتياطي الاسترالي منذ العام الماضي سعيا للسيطرة على التضخم المرتفع قد انتهت.

ويبدو من العرض الموجز لأبرز توقعات البنوك العالمية بأن الاحتياطي الاسترالي قد يبقي على معدل الفائدة باجتماع الغد مع ترقب أية تلميحات أو مؤشرات على تحركات السياسة النقدية المقبلة والأوضاع الاقتصادية.

ثالثا: تصريحات صانعي القرار داخل الاحتياطي الاسترالي:

منذ انتهاء اجتماع الاحتياطي الاسترالي لشهر أغسطس الماضي؛ صدرت بعض التصريحات لصناع السياسة لدى البنك حول تحركات السياسة النقدية المقبلة، حيث صرح محافظ الاحتياطي الاسترالي فيليب لوي، بأن أسعار الفائدة في مرحلة مقيدة مضيفا بأن التضخم لم يبلغ هدف البنك لكن الأسوأ قد انتهى؛ كما ألمح لوي بأنه ليس من مصلحة اقتصاد أستراليا تبني زيادات أعلى لأسعار الفائدة.

ودعمت هذه التصريحات احتمالات عدم إجراء أية تغييرات في أسعار الفائدة الاسترالية هذا الاجتماع؛ ولكن من ناحية أخرى، أثارت تصريحات محافظ البنك الاحتياطي الاسترالي المعينة ميشيل بولوك، في تلك الأثناء، توقعات الأسواق بأن البنك قد يضطر إلى رفع أسعار الفائدة مرة أخرى مع توليها منصب المحافظ الجديد.

وفي هذا الصدد، أوضحت المحافظ المعين بأن التضخم مرتفع للغاية؛ مشيرة لاحتمالات ارتفاع التضخم مجدد بسبب عدم وضوح تأثير تغير المناخ على سعر الفائدة المحايد، حيث يمكن أن يؤدي الطقس القاسي إلى انخفاض العرض في الاقتصاد وزيادة التضخم داخل أستراليا من جديد؛ مؤكدة بأنه من المرجح أن تؤدي التغيرات المناخية إلى نتائج تضخمية أكثر تقلبا.

ووفقا لهذه التصريحات، فمن المحتمل أن تزداد الضغوط التضخمية داخل أستراليا وأن التضخم لم يصل لذروته بعد كما هو متوقع، لذا فمن المرجح أن يضطر بنك الاحتياطي الاسترالي أن يرفع أسعار الفائدة من جديد.

رابعا: السيناريوهات المتوقعة لقرارات الاحتياطي الاسترالي:

وفقا لما سبق عرضه؛ يمكن القول أن هناك عدة سيناريوهات فيما يتعلق بقرار بنك الاحتياطي الاسترالي هذا الاجتماع:

السيناريو الأكثر ترجيحا: يدور هذا التصور حول احتمالية أن يقوم بنك الاحتياطي الاسترالي بتثبيت أسعار الفائدة للاجتماع الرابع على التوالي؛ حيث لم توفر البيانات الاقتصادية الأخيرة دفعة للبنك لمواصلة رفع الفائدة بفعل تباطؤ التضخم بالبلاد وتضرر الأوضاع بسوق العمل.

وفي هذه الحالة، سيكون هذا القرار بدعوى تقييم تأثير الزيادات السابقة في أسعار الفائدة، ولكن ستحاول الأسواق الحصول على أي تلميحات من بيان الفائدة اللاحق لصدور القرار حول التوجهات المستقبلية للبنك بشأن النهج التشديدي؛ فإذا أشار البيان لهدوء حدة الضغوط التضخمية داخل أستراليا خلال الفترة الأخيرة، مع توقعات بانخفاض التضخم بوتيرة مستمرة، قد يتراجع الدولار الاسترالي بشكل قوي خلال تعاملات سوق العملات.

السيناريو الثاني: يشير إلى إبقاء بنك الاحتياطي الاسترالي على أسعار الفائدة عند مستوياتها البالغة 4.10% دون تغيير؛ مع إشارة بيان الفائدة إلى بعض النقاط الداعمة لرفع إضافي خلال الاجتماعات المقبلة لاحتواء التضخم وضمان انخفاضه نحو الهدف، وفي هذه الحالة، قد يشهد الدولار الاسترالي ارتفاعا  أمام العملات الرئيسية الأخرى.

السيناريو الأخير: يتضمن هذا التصور قيام الاحتياطي الاسترالي برفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس- وهو سيناريو بعيد الاحتمال- معلنا بذلك عن انتهاء دورة التشديد والوصول إلى معدل الفائدة النهائي، والإبقاء عليه لفترة من الوقت بما يضمن استمرار انخفاض التضخم قرب هدف الاحتياطي الاسترالي ، وحال تحقق هذا التصور، ستضعف تحركات الدولار الاسترالي بسوق العملات.