الفيدرالي الأمريكي بصدد اتخاذ قرار الفائدة الأهم بهذا العام.. سيناريو متوقع!

الأسواق تترقب قررات الفيدرالي الأمريكي حول السياسة النقدية، ومن المقرر أن يعقب ذلك المؤتمر الصحفي لمحافظ البنك للتعليق على القرارات، وهو ما سيكون له تأثير قوي بتحركات الدولار الأمريكي وبعض السلع الأخرى مثل الذهب ، بالإضافة إلى سوق الأسهم الأمريكية وأسواق العملات الرقمية ، وفيما يلي نظرة على كيفية ملابسات هذا القرار، وكيف يؤثر على الأسواق:

أولا: الأوضاع الاقتصادية وتأثيرها على قرارات الفيدرالي الأمريكي

منذ اجتماع الفيدرالي الأمريكي خلال يونيو الماضي، وقرار رفع الفائدة بنحو 75 نقطة أساس، ظهرت العديد من البيانات الاقصادية المهمة والتي كان لها تأثير قوي على تحركات الدولار الأمريكي والعملات الرئيسية ومختلف الأسواق وتدعم استمرار قيام الفيدرالي الأمريكي بتسريع وتيرة رفع الفائدة هذا الشهر، وعلى رأسها بيانات قوة بيانات التضخم والتي شهدت ارتفاعا وسجلت أعلى مستوى منذ عام 1981.

وبالنظر إلى تلك البيانات، نجد أن مؤشر التضخم الأمريكي سجل نموا بنسبة 9.1% خلال يونيو الماضي، بأعلى من توقعات الأسواق بأن ينمو بنسبة 8.8% فقط. كما أنه أعلى من القراءة السابقة والتي سجلت نموا بنسبة 8.6% خلال مايو الماضي.

وفي الوقت ذاته، شهدت بيانات سوق العمل الأمريكي تحسنا قويا، حيث ارتفع مؤشر التغير في التوظيف بالقطاع الزراعي بواقع 372 ألف وظيفة، بأفضل من توقعات الأسواق التي أشارت إلى ارتفاع المؤشر بنحو 260 ألف وظيفة. وفي الوقت ذاته، استقرت معدلات البطالة الأمريكية عند مستوى 3.6% بما يتوافق مع توقعات الأسواق والقراءة السابقة والتي سجلت نحو 3.6% بنهاية مايو الماضي.

التضخم الأمريكي يواصل تحطيم الأرقام القياسية بصعود قوي

وبالتالي، هذه البيانات الاقتصادية الأخيرة توضح استمرار تحسن الأوضاع بسوق العمل، وارتفاع التضخم الأمريكي بقوة، وهو ما سيزيد الضغوط على الفيدرالي الأمريكي نحو الاستمرار في تسريع وتيرة التشديد النقدي خلال الفترة المقبلة حتى يتمكن البنك من كبح معدلات التضخم المرتفعة للغاية، وتعزز فرص رفع الفائدة بنحو 75 نقطة أساس للاجتماع الثاني على التوالي.

ثانيا: تصريحات أعضاء الفيدرالي الأمريكي حول الفائدة:

في الفترة الماضية، تحدث الكثير من أعضاء الفيدرالي الأمريكي خلال الفترة الماضية حول تسريع وتيرة التشديد النقدي للسيطرة على التضخم المرتفع وبخاصة مع استمرار تحسن أوضاع سوق العمل وعدم تضرره بقوة من رفع الفائدة خلال الاجتماعات الماضية.

وفي هذا الإطار، أكد محافظ الفيدرالي الأمريكي "جيروم باول"، على أن سوق العمل الأمريكي قوي للغاية ويمكن الفيدرالي الأمريكي من فرض مزيد من التشديد بالسياسة النقدية، مضيفا بأنه  يمكن للاقتصاد الأمريكي الصمود في ظل تحركات السياسة النقدية التي يقرها الفيدرالي الأمريكي، وأن الفيدرالي الأمريكي قادر على العودة بالتضخم حول مستوى 2% مع وجود سوق عمل قوي، ولكن لا يوجد ضمان لذلك.

وفي الوقت ذاته، قالت محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في سان فرانسيسكو، ماري دالي ، بأنها ليست قلقة من المبالغة في توقعات الأسواق حيال رفع الفائدة، وأن التضخم مرتفع للغاية، بالإضافة إلى أن الفيدرالي الأمريكي يعمل على خفض التضخم دون إبطاء الاقتصاد.

وأيضا، أكد عضو الفيدرالي الأمريكي والر بأنه يدعم وبكل قوة قيام البنك برفع الفائدة بنسبة 0.75% فقط، ولكنه قد يدعم رفع الفائدة بشكل أكبر إذا كانت بيانات مبيعات التجزئة وقطاع الإسكان قوية للغاية، وأنه يتوقع استمرار رفع الفائدة بعد يوليو المقبل، ولكن الوتيرة ستعتمد على البيانات الاقتصادية.

ما هي أبرز التصريحات التي تناولها خطاب باول اليوم؟

ثالثا: توقعات البنوك الكبرى لقرارات الفيدرالي الأمريكي:

يراهن العديد من الخبراء الماليون حول العالم وعلى رأسهم  الخبراء في جولدمان ساكس، و tds، وباركليز، وجي بي مورجان، ووكالة موديز، بأن الفيدرالي الأمريكي سوف يرفع أسعار الفائدة بنسبة 0.75% خلال هذا الاجتماع في ظل تعزز مخاوف الركود الاقتصادي بسبب معدل الفائدة المرتفع للغاية.

ومن جانب اَخر، يرى خبراء الاقتصاد لدى مجموعة نامورا اليابانية بأن بنك الفيدرالي الأمريكي قد يرفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس خلال اجتماع لجنة السياسه النقدية، وبخاصة بعد ارتفاع وتيرة التضخم لأعلى وتيرة منذ 40 عام وضرورة العمل بكل قوة لكبح هذا التضخم.

رؤية جولدمان ساكس لتحركات الدولار القادمة بعد اجتماع الفيدرالي غدا

رابعا: السيناريو المتوقع لقرارات الفيدرالي الأمريكي المرتقبة:

هناك أكثر من سيناريو لقرارات الفيدرالي الأمريكي وأهمها على الإطلاق والسيناريو الإيجابي للغاية للدولار الأمريكي وهو قيام البنك برفع الفائدة بنحو 100 نقطة أساس والتلميح لمزيد من رفع الفائدة بكل قوة إذا استمر التضخم بالارتفاع، وهذا السيناريو يعزز شراء الدولار ويجعل المستثمرون يبتعدون عن الاستثمارات الأخرى كالذهب أو العملات الرقمية أو الأسهم الأمريكية، وهذا السيناريو غير مرجح حاليا ولكنه ليس مستبعدا.

بينما السيناريو الثاني، هو قيام الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة بنحو 0.75% وبذلك ترتفع الفائدة إلى 2.50%. كما أن الفيدرالي الأمريكي قد يؤكد بأن خيار تشديد السياسة النقدية بشكل أكبر سوف يعتمد على البيانات الاقتصادية المقبلة وبخاصة مع تعزز مخاوف ركود الاقتصاد بسبب تسريع وتيرة رفع الفائدة، وهذا السيناريو قد يكون له تأثير إيجابي مؤقت للدولار، ولكن بعد امتصاص الأسواق للقرار، وبالتزامن مع المؤتمر الصحفي لمحافظ الفيدرالي الأمريكي جيروم باول، فقد نشاهد انخفاضا ملحوظا للدولار، وارتفاعا لكل من الذهب والعملات الرقمية، وهذا السيناريو هو الأرجح في الوقت الراهن.