
ميشال صليبي.
كبير محلّلي الأسواق المالية في FxPro.
يواصل الذهب تداولاته قرب مستوى 3,340 دولارًا للأونصة في نطاق ضيق من التماسك، في وقت يترقّب فيه المستثمرون حول العالم صدور تقرير مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) في الولايات المتحدة اليوم. وتُعتبر هذه القراءة التضخمية الحدث الأبرز لهذا الأسبوع، نظرًا لقدرتها على تحديد مسار السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي وتحريك الأسواق المالية، لا سيما أسعار الذهب.
تقرير التضخم تحت المجهر اليوم
من المتوقع أن يُظهر تقرير مؤشر أسعار المستهلكين لشهر مايو ارتفاعًا بنسبة 0.2% على أساس شهري في المؤشر العام، في حين يُتوقع أن يبقى المؤشر الأساسي (الذي يستثني الغذاء والطاقة) عند 0.3% على أساس شهري. وعلى أساس سنوي، تُشير التقديرات إلى ارتفاع المؤشر العام بنسبة 2.5%، وهو ما يزال أعلى من هدف الفيدرالي البالغ 2%. وفي ظل اعتماد سياسة الفيدرالي بشكل أساسي على مسار التضخم، تكتسب بيانات اليوم أهمية بالغة.
ففي حال جاءت القراءة أقوى من التوقعات، فقد يؤدي ذلك إلى تأجيل خفض أسعار الفائدة واستمرار ارتفاع العوائد الحقيقية، مما قد يُضعف جاذبية الذهب. أما إذا جاءت القراءة أضعف من المتوقع، فقد تعزز التوقعات بخفض الفائدة في سبتمبر، مما يدعم الذهب كأصل آمن لا يدر عائدًا.
ضغوط تضخمية هيكلية مستمرة
بعيدًا عن الأرقام المجردة، لا تزال الضغوط التضخمية الهيكلية حاضرة، وخصوصًا بفعل عاملين رئيسيين: تصاعد التوترات التجارية، والتوسع المالي الأميركي المستمر.فقد شهدت العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين تصعيدًا جديدًا، مع فرض رسوم جمركية إضافية وقيود على الصادرات الاستراتيجية، ما أثار مخاوف بشأن التضخم . وقد تبدأ الشركات بتمرير ارتفاع التكاليف إلى المستهلكين، مما يزيد من التماسك السعري في قطاعات رئيسية مثل الإلكترونيات والسيارات والمكونات الصناعية. ويُعد هذا النوع من التضخم المرتبط بالرسوم الجمركية أصعب في المعالجة عبر أدوات السياسة النقدية، وقد يُؤخر أي تحول تيسيري من الفيدرالي.
في الوقت نفسه، تُثير مستويات الإنفاق الحكومي والعجز المرتفعة قلقًا متزايدًا بشأن التضخم على المدى الطويل. فالحكومة الأميركية مستمرة في نهج توسعي يشمل حزم بنية تحتية واستثمارات في الطاقة النظيفة وزيادة في الإنفاق الدفاعي، وهو ما يُبقي الطلب الكلي مرتفعًا ويدفع تكاليف الاقتراض إلى الأعلى. ونتيجة لذلك، بقيت عوائد سندات الخزانة مرتفعة نسبيًا، رغم بعض مؤشرات التباطؤ في سوق العمل والإنفاق الاستهلاكي. كل هذه العوامل تخلق بيئة معقدة يمكن أن تؤدي فيها حتى مفاجأة طفيفة بصعود التضخم إلى إعادة تسعير حادة لتوقعات خفض الفائدة، وبالتالي الضغط على الذهب. في المقابل، فإن قراءة ضعيفة لمؤشر CPI قد تُشكّل نقطة تحول إيجابية للذهب، خاصة إذا ترافقت مع إشارات أخرى تدعم خفض الفائدة في الربع الثالث من عام 2025.
أبرز البيانات الاقتصادية الأخرى هذا الأسبوع
بعد صدور بيانات التضخم اليوم، تتجه أنظار الأسواق نحو مجموعة من المؤشرات الاقتصادية الأميركية المرتقبة خلال الأيام المقبلة، والتي قد يكون لها تأثير مباشر على توقعات السياسة النقدية وبالتالي على تحركات الذهب. ففي يوم الخميس 12 يونيو، سيتم الإعلان عن مؤشر أسعار المنتجين (PPI)، وهو مقياس رئيسي للتضخم على مستوى الجملة. وإذا جاءت القراءة أقل من المتوقع، فقد تعزز من السردية التي تشير إلى تباطؤ الضغوط التضخمية، ما يدعم احتمالات خفض الفائدة ويمنح الذهب مزيدًا من الزخم. أما في حال جاءت النتائج أعلى من التوقعات، فقد تعزز المخاوف من استمرار التضخم، ما قد يؤدي إلى تراجع شهية المستثمرين تجاه الذهب.
في اليوم ذاته، تصدر بيانات طلبات إعانة البطالة الأسبوعية، والتي تُعد مؤشرًا لحظيًا على صحة سوق العمل. أي ارتفاع ملحوظ في عدد الطلبات قد يُفسَّر على أنه إشارة إلى ضعف تدريجي في سوق العمل، ما من شأنه أن يدعم وجهة النظر الداعية إلى خفض الفائدة، وهو ما يُعتبر عاملًا إيجابيًا لأسعار الذهب.
أما يوم الجمعة 13 يونيو، فستُصدر القراءة الأولية لمؤشر ثقة المستهلك الصادر عن جامعة ميشيغان، والذي يُقاس من خلال تقييم الأسر الأميركية للظروف الاقتصادية الراهنة وتوقعاتها المستقبلية، بما في ذلك التوقعات التضخمية. إذا استمر ضعف ثقة المستهلكين أو ارتفعت توقعاتهم للتضخم، فقد يدفع ذلك المزيد من المستثمرين نحو الذهب كملاذ آمن يحمي من تآكل القوة الشرائية وتقلبات الأسواق.
من منظور فنّي, يتداول الذهب حاليًا بالقرب من مستوى 3,340 دولارًا للأونصة، في حالة من التماسك الفني بعد تعافٍ محدود من أدنى مستوياته الأخيرة. وتُظهر المتوسطات المتحركة الأسية (EMAs 20 و50 و100) تقاربًا واضحًا ضمن نطاق 3,320 إلى 3,332، ما يعكس غياب اتجاه واضح على المدى القصير، مع بقاء السعر فوق المتوسط المتحرك 100، وهو ما يشير إلى ميل صعودي معتدل طالما لم يتم كسر هذا الدعم
في الوقت نفسه، يُظهر مؤشر بولينجر باند نطاقًا ضيقًا يعكس تراجعًا في التقلبات، وهي إشارة فنية تُنذر باحتمالية حدوث اختراق سعري قريبًا. السعر يتحرك بالقرب من الحد العلوي للنطاق، ما يعكس وجود بعض الزخم الصعودي المحدود، لكنه غير مدعوم بزخم قوي، مما يستدعي الحذر من احتمالية انعكاس سريع أو حركة جانبية.
أما من حيث مؤشرات الزخم، فيُظهر مؤشر MACD تقاطعًا طفيفًا فوق خط الإشارة مع هيستوغرام شبه مسطح، ما يعكس حالة من الحياد الفني. في حين أن مؤشر Stochastic RSI يتواجد في منطقة التشبع الشرائي (فوق مستوى 75)، ما يشير إلى احتمالية تعرض الذهب لضغط بيعي قصير الأجل أو تحرك عرضي قبل تحديد وجهته القادمة.
تتركز مستويات الدعم الرئيسية عند 3,320 دولار، حيث يتقاطع مع المتوسط المتحرك 100 ويشكّل منطقة محورية مهمة. ويأتي بعده مستوى 3,292 دولار، والذي يمثل الحد السفلي من نطاق البولنجر وقاع مسجل في أواخر مايو، ثم الدعم التالي عند 3,280 دولار، وهو مستوى نفسي مهم لطالما شكّل قاعدة انطلاق سابقة.
إعلانات طرف ثالث. ليس عرضًا أو ترشيحًا من. يمكنك رؤية الإفصاح من هُنا أو إزالة الإعلانات.
أما على جانب المقاومة، فيتمثل أول حاجز عند مستوى 3,350 دولار، وهو قريب من الحد العلوي لنطاق البولنجر ويمثل سقفًا فنيًا على المدى القصير. يليه مستوى 3,365 دولار، والذي أوقف عدة محاولات صعود خلال أوائل يونيو، وأخيرًا مستوى 3,380 دولار، وهو قمة سابقة، واختراقه قد يفتح المجال أمام موجة صعود جديدة مدفوعة بزخم فني متجدد.
آخر وأحدث التحليلات
الندوات و الدورات القادمة
.png)
مجانا عبر الانترنت

مجانا عبر الانترنت

الطريقة الرقمية وتطبيقاتها على الأزواج المختلفة
- الخميس 24 يوليو 08:31 م
- 120 دقيقة
- أ. محمد صلاح
مجانا عبر الانترنت