مصير الاقتصاد الصيني على المحك بعد استمرار ضعف البيانات

مصير الاقتصاد الصيني على المحك بعد استمرار ضعف البيانات

على الرغم من محاولات الصين الدائمة في إعادة الثقة في استقرار نمو ثاني أكبر اقتصاد على الصعيد العالمي، إلا أن استمرار ضعف البيانات الاقتصادية منذ مطلع العام الجاري يجعل الإدارة الصينية في موقف لا يُحسد عليه. فوفقًا للبيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء، تباطأ نمو الانتاج الصناعي خلال شهر إبريل المنصرم، ليرتفع بنسبة 6.5% فقط بعد ارتفاعه سابقًا بنسبة 7.6%. وقد جاءت قراءة اليوم أقل من توقعات الأسواق التي أشارت إلى 7.0%.

على الجانب الأخر، عادوت استثمارات الأصول الثابتة تباطؤها من جديد لترتفع بنسبة 8.9% فقط على أساس سنوي من يناير وحتى إبريل، وكانت بيانات مارس قد أشارت إلى ارتفاعها بنسبة 9.2%. أما بالنسبة إلى مبيعات التجزئة وهو مقياس للانفاق الحكومي والخاص، فنجد ارتفاعها بنسبة 10.7% فقد، لتأتي دون التوقعات التي أشارت إلى 10.8%.

وأظهرت الإحصائيات تراجع معدلات الانتاجية في الصين مع زيادة المخاوف واستقرار حالة عدم اليقين قرابة أعلى مستوياتها التاريخية. ويجدر الذكر، أن السبب الرئيسي وراء نمو الاقتصاد الصيني خلال عام 2016 متمثل في زيادة تدفقات رؤوس الأموال مع توتر الأوضاع الجيوسياسية. وبالتالي مع هدوء الأوضاع العالمية مؤخرًا، من المتوقع أن تتزايد تدفقات رؤوس الأموال خارج البلاد مما يضع الحكومة الصينية في مأزق.

وحاولت الحكومة تهدئة الأسواق ليطل علينا رئيس الوزراء الصيني لي كيج يانج مؤكدًا أن التحكم في مخاطر الاستقرار المالي من أولويات الحكومة. واستطرد قائلاً " نعتزم الحفاظ على استقرار أوضاع الأسواق المالية". كن على دراية بكافة تصريحات رئيس الوزراء من هنا.

يجدر الإشارة أن الحكومة الصينية تستهلك ثلاثة أضعاف أحجام رؤوس الأموال لتحقيق معدلات النمو الاقتصادي المرجوة أكثر مما كانت عليه قبل الأزمة المالية في عام 2008. وعلى إثر هذا، ارتفعت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 280% (يبدو أن تلك النسبة هي الأعلى في تاريخ الاقتصاد الصيني والاقتصاد العالمي بوجه عام).

ولكن بغض النظر عن البيانات المخيبة الآمال، يبدو أن الاقتصاد الصيني قد شهد استقرارًا نوعًا ما مدعومًا بنمو الانتاج الصناعي والاستهلاك الشخصي. وقد سجل الاقتصاد نموًا بنسبة 6.9% خلال الربع الأول من العام الجاري مع تحسن الانفاق الحكومي، ليجعل البعض يعتقد أن الانفاق الحكومي سيكون من أهم المحركات للنمو الاقتصادي طوال هذا العام.

وفي النهاية، في الوقت الذي تشتد فيه السياسات الحمائية وتستحوذ على الاقتصاد العالمي، تحاول الصين جاهدة محاربة هذا وتدعم التجارة الحرة بشكل قوي خاصة وأن اقتصادها يعتمد على العلاقات التجارية في المقام الأول. فتعتزم الصين انفاق مليارات الدولارات على البنية التحتية والتي تمتد إلى باقي دول أسيا وإفريقيا وأوروبا. وارتفعت الاستثمارات العالمية إلى 100 مليار دولار ما بين عام 2005 وحتى عام 2014. لذا في حالة استمرار صناع القرار على الصعيد العالمي وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تبني السياسات الحمائية وتطبيقها في الأسواق، سيكون لهذا الأمر عواقب وخيمة على الاقتصاد الصيني وقد يزيد الضغوط على الاقتصاد الصيني.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image