هبوط أسعار الذهب: أسبابه وتأثيره المحتمل على الأسواق خلال الفترة المقبلة

هبوط أسعار الذهب: أسبابه وتأثيره المحتمل على الأسواق خلال الفترة المقبلة

لاحظنا خلال الأسابيع القليلة الماضية استمرار تراجع أسعار الذهب لتسجل أدنى مستوياتها على مدار خمس سنوات حتى الآن، وصولاً أدنى 1.100 دولار للأوقية، متراجعة بأكثر من نسبة 40% منذ أن سجلت أعلى مستوياتها على الإطلاق عند 1925.30 دولار للأوقية، والتي سجلتها  في أغسطس عام 2011. 

  • يمكنكم الإطلاع على مزيداً من التفاصيل خلال هذا التقرير.

أولاً، سوف نتطرق إلى العوامل التي أدت إلى تراجع أسعار الذهب بهذا النحو القوي. بالطبع كلنا نعلم بأن علاقة أسعار الذهب بقيمة الدولار الأمريكي هي علاقة عكسية، فكلما ارتفعت قيمة الدولار تراجعت قيمة الذهب، والعكس صحيح. لذلك، فمع تعافي الدولار الأمريكي خلال الفترة الأخيرة الماضية، فكان من الطبيعي أن نشهد تراجع أسعار الذهب نتيجة ضعف معدلات الطلب على تداولات الذهب. هذا فضلاً عن تزايد توقعات رفع الفائدة الأمريكية خلال العام الجاري مرة أخرى، مما قد دفع المستثمرين عن تداولات الذهب متجهين نحو الدولار والأصول الأمريكية.

على صعيد أخر، فإن الذهب يعتبر وسيلة تحوط ضد معدلات التضخم. هذا يعني أن في حال ارتفاع الأسعار، يتجه المستثمرين نحو تداولات الذهب، وبالتالي تتزايد معدلات الطلب عليه مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. والعكس تماماً في حال هبوط الأسعار وضعف معدلات التصخم (كما هو الوضع الحالي)، نرى أن معدلات الطلب على الذهب تضعف بشكل قوي مسببة تراجع الأسعار.

هذا بالإضافة إلى التطورات الأخيرة في سوق الذهب العالمية، حيث تراجعت مشتريات الصين، ثاني أكبر الاقتصادات العالمية، من الذهب مما قد يؤدي إلى زيادة المعروض العالمي من الذهب وسط ضعف الطلب. وفي حين أن احتياطات الصين من الذهب قد ارتفعت بنسبة 57%، وهي ليست بالنسبة القليلة، إلا إنها أقل كثيراً مما استقرت عليه توقعات الأسواق. جدير بالذكر أن استمرار تراجع معدلات الإستهلاك يشير إلى إحتمالية مزيداً من تراجع معدلات الطلب على الذهب خلال الفترة المقبلة. ولا ننسى أن هبوط أسواق الأسهم الصينية خلال الأسابيع الماضية قد أدى إلى تقلص الثقة المالية وبالتالي عزوف المتداولين عن الذهب وترجيح السيولة المالية.

ولكن ما أهمية ذلك بالنسبة للمتداولين؟

فضلاً عن أن تراجع أسعار الذهب يعمل على تعزيز قوة الدولار الأمريكي، إلا أن ذلك التراجع من شأنه أن يؤدي إلى ضعف قيمة الدولار الاسترالي أيضاً. ويرجع ذلك إلى اعتماد الاقتصاد الاسترالي بشكل عام على قطاع التعدين، لهذا فإن تراجع أسعار الذهب يعني خسائر لقطاع التعدين مما سوف ينعكس بالسلب على قطاع التصدير ومعدلات الإنتاج.

هذا، وقد شهدنا تأثر حركة زوج الاسترالي دولار بهذا التراجع خلال الفترة الأخيرة، حيث سجل الزوج أدنى مستوياته على مدار ستة سنوات. وفي حال استمرت أسعار الذهب في التراجع، فقد نرى الدولار الاسترالي يحقق مزيداً من الخسائر مقابل نظيره الأمريكي.

على صعيد أخر، فإن تحركات أسواق الذهب من شأنها أن تؤثر على تحركات أسواق السلع  بشكل عام. لهذا فإن استمرار تراجع أسعار الذهب قد ينعكس بالسلب على أسواق النفط لتسجل مزيداً من الخسارة، وبالطبع كلنا نعلم مدى تأثير أسواق النفط على معدلات التضخم العالمية وتوجهات البنوك المركزية الكبرى. ولكن على الجانب الأخر، يمكننا القول بأن تعافي أسعار الذهب قد يدعم تعافي أسواق السلع العالمية ويعيد شهية المخاطرة لدى المستثمرين مرة أخرى.

في النهاية، يمكننا أن نلخص العوامل المسببة لتراجع أسعار الذهب في النقاط التالية:

  • تزايد توقعات رفع الفائدة الأمريكية خلال العام الجاري.
  • قيمة الدولار المرتفعة وسط تردي الأوضاع الاقتصادية العالمية.
  • ضعف معدلات التضخم حول العالم. ضعف معدلات الطلب العالمية، وبالأخص الصينية.

ويمكننا القول بأن استمرار تراجع أسعار الذهب بهذا النحو قد يؤثر بشكل سلبي على الآتي:

  • الدولار الاسترالي.
  • أسواق السلع وبالتالي العملات المرتبطة بتلك السلع.
  • معدلات التضخم العالمية، وتوجهات السياسة النقدية.

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image