الأسواق تتناغم مع إيقاع أسعار النفط

الأسواق تتناغم مع إيقاع أسعار النفط

لاحظنا أنه منذ بداية شهر يوليو الماضي والنفط بدأ في الهبوط بشكل قوي من أعلى مستوياته التي بلغها يوم 15 يونيو عند 107.28 ليسجل أدنى مستوى له عند 42 دولار للبرميل يوم 15 مارس والذي يعد أدنى مستوى له منذ عام 2009.

وبالطبع أثر ذلك الهبوط على أغلب الاقتصادات المتقدمة فطالما كان التراجع في أسعار النفط هو السبب الرئيسي وراء تراجع معدلات التضخم بشكل قوي بمعظم الدول وسوف نناقش كلًا منهم بالتفصيل.

قبل استكمال قراءة هذا التقرير، ننصحكم بالإطلاع على أسباب تراجع أسعار النفط أولًا وعلاقتها بالدولار الأمريكي ودراسات صندوق النقد الدولي بخصوص هذاالملف.

أستراليا

كان لتراجع أسعار النفط التأثير الأقوى على الاقتصاد الاسترالي، فمن المعروف أن الاقتصاد الاسترالي يعتمد في المقام الأول على صادرات السلع (قطاع التعدين) وفي ظل انخفاض أسعار الطاقة تراجعت أسعار الصادرات مما أضر بالنمو الاقتصادي والموازنة العامة الاسترالية ودفع الاحتياطي الاسترالي إلى خفض الفائدة مرتين هذا العام ( يوم 3 فبراير من 2.5% إلى 2.25% ثم إلى 2% يوم 5 مايو).

رسم بياني يوضح تراجع أسعار خام الحديد بقوة في استراليا

تأثير تراجع أسعار النفط على الميزان التجاري الاسترالي:

بدء تعافي الدولار الاسترالي مع بداية تعافي أسعار النفط

كندا

بالطبع لم يسلم الاقتصاد الكندي من التأثير السلبي لتراجع أسعار النفط، حيث أن كندا تمثل ثالث أكبر احتياطي عالمي من النفط ولهذا شهد النمو الاقتصادي ضعفًا قويًا بالتزامن مع تراجع أسعار النفط وتراجعت أيضًا قيمة الدولار الكندي بشكل قوي. وأيضًا قام بنك كندا بخفض معدلات الفائدة من 1.00% إلى 0.75% يوم 21 يناير. ولكن مع تعافي أسعار النفط التي سجلت أعلى مستوياتها هذا العام عند 62 دولار للبرميل نلاحظ أن الدولار الكندي تلقى دعمًا قويًا مقابل نظيره الأمريكي كما هو مبين بالرسم البياني التالي:

الولايات المتحدة

اعتدنا ان نرى في كل بيان صادر عن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أن تراجع معدلات التضخم يرجع إلى وجود عوامل مؤقتة ومن أهمها تراجع أسعار الطاقة وكما لاحظنا في تقرير "علاقة الدولار بالنفط" أن هناك علاقة عكسية بين النفط والدولار وأن هذه العلاقة تؤدي إلى الحد من ارتفاع معدلات التضخم التي تتأثر بالسلب من جهتين، الأولى تراجع أسعار النفط والذي بدا واضحًا اليوم في تراجع مؤشر أسعار المنتجين بنسبة -0.4% مقابل النسبة السابقة عند 0.2% والثانية هي قيمة الدولار المرتفعة التي بدت واضحة أيضًا في تراجع أسعار الواردات بالأمس (تعرف على تأثيرها على النمو الاقتصادي).

 

المملكة المتحدة

اقتربت المملكة المتحدة من تحقيق هدف معدلات التضخم عند 2% في يوم 15 يوليو الماضي عندما ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين على أساس سنوي إلى 1.9% مما دعم توقعات رفع الفائدة بنهاية العام الجاري، ولكن منع تراجع أسعار النفط من حدوث ذلك عندما بدأت معدلات التضخم في التراجع مرة أخرى وصولًا إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق عند 0% خلال شهر مارس الأمر الذي يظهر لنا أنه بمجرد تعافي أسعار النفط والأهم استقرارها عند مستويات مرتفعة فسوف تشهد معدلات التضخم ارتفاعًا مرة أخرى ودعم قرار رفع الفائدة خصوصًا أن سوق العمل البريطاني يتعافى بشكل قوي جدًا لتبقى معدلات التضخم هي العائق الوحيد الأبرز.

 

اللافت للانتباه أنه بالرغم من وجود توقعات باحتمالية تراجع أسعار النفط مرة أخرى وإن ما نشهده حاليًا ما هو إلا تعافي مؤقت إلا أن النفط يبقى سلعة رئيسية ولا يمكن الاستغناء عنها على الصعيد العالمي ومعنى ذلك أنه إذا شهدت الأسعار المزيد من التراجع فلا يمكن أن تستقر لفترة طويلة منخفضة ولكنها سوف تعود للارتفاع مرة أخرى وبين الهبوط والارتفاع سوف نشهد تغير في تحركات العملات كما أشرنا.

 

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image