خروج اليونان من منطقة اليورو لن يكون سهلًا

خروج اليونان من منطقة اليورو لن يكون سهلًا

تدور عدة تساؤلات بالأسواق في الوقت الراهن حول احتمالية خروج اليونان من منطقة اليورو وذلك عقب فوز حزب سيرزا المناهض لتدابير التشقف والذي يسعى لتخفيف عبء الديون لدى اليونان مما سوف يزيد من حالة التوتر بين اليونان وبقية دول منطقة اليورو في حال فشل المفاوضات ولكن توجد العديد من الأسباب التي تدعم بقاء اليونان في منطقة اليورو والتي سوف نستعرضها معًا في هذا التقرير ومنها: 

استفادة ألمانيا من اليورو بشكل كبير

هذا هو السبب الرئيسى، حيث عمل اليورو منذ نشأته على زيادة معدل نمو الاقتصاد الألمانى بنسبة تتراوح بين 200-400 مليار سنوياُ، ففى عام 2010، وفقاُ لدراسة ماكينزي، ساعد اليورو على زيادة ثروة المنطقة بحوالى 332 مليار يورو ( 424 مليار دولار) أي ما يعادل 3.6% من إجمالى الناتج المحلي مع ما يقرب من نصف هذا المبلغ تستفاد به ألمانيا، حيث كان يجرى تداول المارك الألمانى بحوالى 1.50 دولار، أى أعلى بنسبة 24% من قيمته الحالية.

على مدار الخمسة عشر سنة الماضية، كان اليورو يساوى فى المتوسط حوالى 1.35 دولار، وكان يرجع هذا الانخفاض فى القيمة إلى إنضمام الدول المحيطية الأقل تقدماُ مثل اليونان واسبانيا وايطاليا وايرلندا والبرتغال، لكن يبدو انه يتجه حالياُ إلى التساوى مما يعد ميزة تنافسية كبيرة بالنسبة للمصدرين الألمانيين.

الجدير بالملاحظة، انه كلما تعرضت منطقة اليورو لأزمة، انخفضت قيمة اليورو، بينما في الصيف الماضي عندما كان السوق هادئاً، ارتفعت قيمة اليورو لتبلغ حوالى 1.40 دولار، لكن قبل ذلك في 2009- 2010 عندما زادت الأزمة المالية فى منطقة اليورو تراجعت قيمة اليورو إلى 1.19 دولار، ومع أزمة عام 2008 سجل اليورو 1.60 دولار.

نلاحظ من الآتى، انه فى حالة تراجع قيمة اليورو نتيجة لأزمة معينة أو عدم الاستقرار السياسى فى المنطقة، فإن ذلك يعود بالفائدة بشكل كبير على ألمانيا.

الوضع في اليونان يستدعي إعادة النظر

كما ذكرنا، تستفيد الدول الشمالية بالمنطقة من ضعف اليورو على مدار 15 عامًا مع ملاحظة ان هذا الضعف ناتج عن ضم الدول المحيطة الأخرى، وبدلًا من مساعدة هذه الدول ماليًا فإنها تغرق في المزيد من الديون وتردي الأوضاع الاقتصادية لديها بشكل أقوى مما أدى إلى وجود حركات مناهضة للمؤسسات مع أنه في مقدرة ألمانيا أن تخفف عبء ديونهم.  

الجدير بالذكر أن الدين اليوناني يبلغ 300 مليار يورو وبمكن أن تتغير أحجام المساعدات المالية المقدمة إليها لتصبح مدفوعات سنوية لخفض حجم الدين لديهم في مقابل إجراء إصلاحات هيكلية لأن الجميع يعرف بان اليونان تحتاج إلى المساعدة في تحسين الأوضاع الاقتصادية لديها.

ففي كل عام تقوم ألمانيا وبعض الدول الشمالية بتقديم المساعدات المالية للدول المجاورة لتحسين الأوضاع الاقتصادية لديها وسوف تستفيد ألمانيا من ذلك من خلال تقليل القوة الاقتصادية لهذه الدول، فعلى المدى الطويل فإن تحسن الأوضاع الاقتصادية للدول المحيطة سوف يجعلها في منافسة مع ألمانيا حين ذاك.

يبدو ذلك غير مقبول سياسياً

 يجب أن نراقب باهتمام ما سيحدث نتيجة برنامج التيسير النقدي من جانب البنك المركزي الأوروبي، حيث أن اليورو قد سجل تراجعاً عقب قرار بدء البرنامج.

تساهم ألمانيا نسبة 17% من حجم رأس المال المستخدم في البرنامج، لذلك يمكن القول  بأن ذلك يجعل تدفق الأموال تتجه إلى الدول المتعثرة الأخرى بمنطقة اليورو.

على نحو مغاير، تمتلك كل من الولايات المتحدة وبريطانيا اتحادات نقدية ناجحة ونظراً لأن الكيانات الاقتصادية المتعددة  غير متشابهة،  فسوف تنتقل الأموال إلى الدول الأخرى ولن تكون بمثابة مساعدات مالية.

على أية حال، لن تستقر الأوضاع في منطقة اليورو إلى أن يجد الاتحاد الأوروبي شكل مناسب لانتقال الأموال لهذه الدول.

العلاقة بين العملة والديون:

قامت إنجلترا قريباً بسداد بعضاً من ديونها والتى يبلغ عمرها عشرات السنين، مما يدل على أن ديون الدول هى أمر متداول منذ قديم الزمان ولن تختفى فجأة.

والجدير بالذكر أن اليونان تملك تاريخاً حافلاً بالديون، كما أن الدول المحيطة لديها ديوناً تعود لمئات السنوات والتى يتم حسابها بالعملة الأصلية بينما يتم احتساب الديون الحالية باليورو، على أن يتم سداد جميع الديون باليورو.

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image