ستارلينك وAST: صراع فضائي على مستقبل الاتصالات المتنقلة

ستارلينك وAST: صراع فضائي على مستقبل الاتصالات المتنقلة
إيلون ماسك

فيما تواصل شركة سبيس إكس بقيادة إيلون ماسك توسيع إمبراطوريتها في الفضاء من خلال خدمة الإنترنت الفضائي ستارلينك ، تبرز منافسة شرسة من شركة ناشئة تُدعى AST SpaceMobile، تسعى هي الأخرى إلى إحداث ثورة في عالم الاتصالات عبر تقديم إنترنت مباشر إلى الهواتف المحمولة من الفضاء.

من الإنترنت إلى المكالمات الصوتية عبر الفضاء

في خطوة توسعية كبيرة، كشفت سبيس إكس عن خطط لإطلاق خدمة جديدة تسمى Starlink Direct to Cell، تتيح للمستخدمين إرسال الرسائل النصية، وإجراء المكالمات الصوتية، والوصول إلى البيانات مباشرة من الأقمار الصناعية، دون الحاجة لأي هاتف فضائي خاص أو أبراج تقوية أرضية.

من المقرر بدء خدمة الرسائل النصية بحلول الربع الثالث من 2024، على أن تتبعها خدمات الصوت والبيانات في عام 2025.

سبيس إكس تعمل بالتعاون مع T-Mobile  لتوفير تغطية خلوية عالمية، وقد أطلقت بالفعل 130 قمرًا صناعيًا من هذا النوع، مع المزيد في الطريق.

وتقدمت الشركة بطلب للهيئة الفيدرالية للاتصالات الأمريكية (FCC) لتسريع منح التراخيص، مقترحة تقديم خدمات طوارئ مجانية لدعم موقفها.

AST SpaceMobile : منافس تكنولوجي وعنيد

في المقابل، شركة AST SpaceMobile  التي تتخذ من تكساس مقرًا لها، تبني شبكة من الأقمار الصناعية تدعى BlueBird، هدفها إيصال الإنترنت مباشرة إلى الهواتف العادية دون أي تعديل في العتاد، تمامًا كما تفعل شبكات الهاتف الأرضية.

AST  وقّعت شراكات استراتيجية مع AT&T  وVerizon  في الولايات المتحدة، فودافون  في أوروبا.

وحصلت الشركة على ترخيص لتشغيل أول 5 أقمار صناعية تجاريًا، وتخطط لإطلاق 45–60 قمرًا لتوفير تغطية مستمرة.

أعلنت فودافون وأست عن تأسيس مشروع مشترك في أوروبا تحت اسم SatCo، لتقديم تغطية كاملة للقارة، مع التركيز على "السيادة الرقمية الأوروبية".

تكنولوجيا AST : ميزة تنافسية فريدة

وفقًا لتحليل المستثمرين:

  • الأقمار الصناعية الخاصة بـAST هي أكبر الأقمار التجارية في مدار الأرض المنخفض (LEO)، وتستخدم تقنيات هوائيات موجهة ومتعددة القنوات.
  • الشركة تمتلك أكثر من 3,500 براءة اختراع، وهي 95% متكاملة عموديًا، ما يمنحها مرونة تصنيعية وقدرة على التحكم في التكاليف.
  • تستخدم AST رقائق إلكترونية خاصة بها، وتتميز بتقنيات تسمح بالبث إلى عدة هواتف في آنٍ واحد بجودة عالية، دون التضحية بالقوة أو التغطية.

التمويل والسوق: من يحسم السباق؟

سبيس إكس تحقق من ستارلينك أكثر من 6.6 مليار دولار سنويًا من خدمات الإنترنت، وتُجدد أقمارها باستمرار.

AST، رغم أنها لا تزال قبل تحقيق الإيرادات، إلا أنها تحظى بدعم مؤسساتي قوي، منها AT&T وVerizon وفودافون، ولديها اتفاقيات تشمل تغطية ثلاثة مليارات شخص.

أوروبا تسعى إلى تقليل الاعتماد على ستارلينك عبر مشاريع مستقلة مثل IRIS² (بميزانية 11 مليار دولار).

القراءة الاستثمارية: هل سيتكرر سيناريو “القضاء على المنافسين”؟

لدى سبيس إكس تاريخ طويل في الدخول إلى الأسواق متأخرة ولكن بحسم، مثلما فعلت في:

  • سوق الصواريخ الثقيلة (أطاحت بـArianespace وULA)
  • سوق الإطلاقات الصغيرة (قضت على شركات مثل Spaceflight Inc.)
  • الآن تكرر السيناريو في مجال الإنترنت الخلوي الفضائي

لكن AST SpaceMobile  ليست منافسًا تقليديًا. إنها تمتلك تكنولوجيا متقدمة، شراكات استراتيجية، وتخطيط توسعي واضح.

معركة الفضاء القادمة

مع تزايد الطلب على الاتصال في المناطق النائية، يدخل الإنترنت الفضائي المباشر إلى الهاتف المحمول مرحلة الحسم. هل ستستفيد البشرية من تنافس الشركتين في تقديم أفضل تغطية بأقل تكلفة؟ أم سنشهد معركة احتكار رقمية على مستوى كوكبي؟

الجواب سيتضح على الأرجح في 2025–2026، حين تبدأ الخدمات الفعلية بالانتشار... على الأرض، لكن من الفضاء.

سهم AST SpaceMobile يقفز بأكثر من 300% خلال عام

شهد سهم شركة AST SpaceMobile المدرجة في بورصة ناسداك قفزة مذهلة تجاوزت 309% خلال العام الماضي، حيث أغلق مؤخرًا عند 35.17 دولارًا أمريكيًا. هذه الزيادة الكبيرة تعكس تنامي ثقة المستثمرين في مشروع الشركة الطموح لتوفير الإنترنت الفضائي مباشرة إلى الهواتف الذكية دون الحاجة إلى أبراج تقليدية أو بنية تحتية أرضية.

رغم أن الشركة لا تزال تسجل خسائر ولم تحقق ربحية حتى الآن، فإن مؤسسات مالية مرموقة أبدت تفاؤلها بمستقبلها. مؤسسة Cantor Fitzgerald منحت السهم تصنيف "Overweight"، رغم توقع خسارة تقدر بـ 0.96 دولار للسهم في السنة المالية 2026. كما رفعت مؤسسات أخرى مثل UBS وRoth Capital وScotiabank توقعاتها للسعر المستهدف إلى 38 و42 و45.40 دولارًا على التوالي، في حين بلغ متوسط السعر المستهدف حاليًا 42.40 دولارًا بتصنيف عام "شراء معتدل". وعلى الرغم من أن إيرادات الشركة في الربع الأول لم تتجاوز 0.72 مليون دولار، فإنها ما تزال تحتفظ بسيولة قوية ونسبة دين منخفضة تبلغ 0.31، ما يعزز قدرتها على مواصلة النمو.

في الوقت نفسه، أقدم بعض التنفيذيين في الشركة، مثل الرئيس سكوت فيسنيوسكي والمدير التقني هيوين ياو، على بيع أسهم بقيمة تتجاوز 3 ملايين دولار، لكن الإدارة لا تزال تحتفظ بنسبة 34% من أسهم الشركة، مما يعكس التزامًا طويل الأمد بثقة داخلية واضحة. كما ازداد اهتمام المؤسسات الاستثمارية بالشركة، إذ رفعت Vanguard حصتها بنسبة 49%، في حين استثمرت شركة Alphabet (الشركة الأم لجوجل) أكثر من 200 مليون دولار في الربع الأول من عام 2025، وأصبحت نسبة الأسهم المملوكة للمؤسسات تتجاوز الآن 60% من إجمالي الأسهم، وهو ما يعزز من مصداقية الشركة في الأسواق المالية.

ورغم أن الاستثمار في AST SpaceMobile لا يزال يصنف ضمن الاستثمارات ذات المخاطر المرتفعة، فإن التكنولوجيا الفريدة التي تقدمها والتي تتيح الاتصال المباشر بالأقمار الصناعية دون أي تعديلات على الهواتف الذكية، بالإضافة إلى شراكاتها القوية مع شركات اتصالات كبرى في الولايات المتحدة وأوروبا، تجعلها مرشحة بقوة لإحداث تحول جذري في مستقبل الاتصالات العالمية. ومع تحقيق السهم لعوائد بلغت 253% خلال خمس سنوات و65% منذ بداية عام 2025، يظل السهم واحدًا من أكثر الخيارات الاستثمارية إثارة للجدل، لكنه يحمل في طياته فرصة تحول كبيرة في حال نجاح الشركة في إطلاق شبكتها الفضائية الكاملة خلال عامي 2025 و2026.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image