ماذا وراء هبوط سوق الأسهم الأمريكية اليوم؟

ماذا وراء هبوط سوق الأسهم الأمريكية اليوم؟
الأسهم الأمريكية

تراجعت السندات الأمريكية طويلة الأجل وأسواق الأسهم يوم الأربعاء، عقب مزاد خافت لسندات الخزانة، في وقت تتزايد فيه مخاوف المستثمرين من مشروع قانون الضرائب الجديد الذي يتبناه الرئيس دونالد ترامب.

ارتفع عائد سندات الخزانة لأجل 30 عامًا بمقدار 0.11 نقطة مئوية ليصل إلى 5.096% خلال تداولات بعد الظهر – وهو أعلى مستوى منذ أواخر عام 2023 – في حين انخفضت أسعار السندات. وجاء هذا الارتفاع ضمن سلسلة ارتفاعات متتالية في عوائد السندات طويلة الأجل خلال الأيام الماضية.

كما تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 1.2%، مع انحسار شهية المستثمرين تجاه الأصول ذات المدة الطويلة في ظل تصاعد المخاطر المالية.

ما هي السندات الحكومية؟

عندما ترغب الحكومة في اقتراض الأموال، فإنها غالبًا ما تلجأ إلى بيع السندات – التي تُعرف في الولايات المتحدة باسم "الخزائن" (Treasuries) – للمستثمرين في الأسواق المالية.

تُسدَّد هذه السندات على مدار عدد من السنوات المتفق عليها مسبقًا، إلى أن يحين موعد السداد الكامل والنهائي عند "استحقاق" السند، أي عند انتهاء مدته.

ويتكوَّن المستثمرون الذين يشترون السندات في الغالب من مؤسسات مالية، تتنوع بين صناديق التقاعد والبنوك المركزية.

مشروع قانون ترامب يثير قلق الأسواق

تأتي هذه الاضطرابات بينما يخوض القيادة الجمهورية في الكونغرس مفاوضات مكثفة لدفع مشروع ترامب الضريبي إلى التصويت في مجلس النواب. ويُتوقع أن يضيف هذا المقترح، الذي وصفه ترامب بأنه "مشروع قانون جميل وضخم"، ما لا يقل عن 3 تريليونات دولار إلى الدين العام الأميركي خلال العقد المقبل، بحسب تقديرات خبراء مستقلين.

وقد أدى تدهور الآفاق المالية إلى زيادة القلق لدى المستثمرين، ما دفع وكالة موديز الأسبوع الماضي إلى خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من فئة AAA، وهو آخر تصنيف من الدرجة الممتازة كانت تحتفظ به البلاد لدى وكالة تصنيف رئيسية.

مزاد سندات مخيب للآمال

زاد التوتر يوم الأربعاء بعد أن أظهرت بيانات مزاد سندات الخزانة لأجل 20 عامًا بقيمة 16 مليار دولار، طلبًا ضعيفًا من المستثمرين:

اشترى المتعاملون الأساسيون وهم البنوك التي يُطلب منها شراء السندات غير المباعة – نحو 16.9% من الطرح، مقارنة بمتوسط قدره 15.1%، وفقًا لتقديرات BMO Capital Markets.

وقال إيان لينغن، رئيس استراتيجيات أسعار الفائدة الأميركية لدى BMO: "كان المزاد ضعيفًا، وعند دمجه مع التركيز على عجز الميزانية، فإن السوق تميل إلى مزيد من ارتفاع العوائد."

وأضافت بوجا كومرا، محللة استراتيجيات الفائدة لدى TD Securities: "الأسواق لا ترغب حاليًا في السندات طويلة الأجل، ونتوقع أن تخضع جميع المزادات المستقبلية على الطرف الطويل لمراقبة دقيقة، خصوصًا في ظل قانون الميزانية المرتقب."

ووصف مدير صندوق تحوط (رفض الكشف عن اسمه) المزاد قائلًا: "كان مزاد الأربعاء... سيئًا جدًا."

كيف يؤثر ذلك على الأمريكيين العاديين؟

عندما تنفق الحكومة الأمريكية المزيد من الأموال على سداد فوائد الديون، فإن ذلك قد يؤثر على الميزانيات والإنفاق العام، إذ تصبح كلفة استمرار الحكومة في تمويل نفسها أعلى.

لكن التأثير لا يقتصر على مستوى الدولة فقط، بل يمتد أيضًا ليطال الأسر، بل وحتى الشركات بدرجة أكبر.

يقول جون كانافان، كبير المحللين في مؤسسة "أوكسفورد إيكونوميكس"، إنه عندما يطالب المستثمرون بمعدلات فائدة أعلى لإقراض الحكومة، فإن ذلك ينعكس عادة على ارتفاع معدلات الإقراض الأخرى التي تنطوي على مخاطر أكبر، مثل الرهون العقارية وبطاقات الائتمان وقروض السيارات.

وغالبًا ما تكون الشركات، خاصة الصغيرة منها، الأكثر تضررًا من أي تغيّر فوري في أسعار الفائدة على الاقتراض، نظرًا لأن معظم مالكي المنازل في الولايات المتحدة لديهم قروض طويلة الأجل بأسعار فائدة ثابتة تتراوح بين 15 و30 عامًا.

وإذا تعذر على الشركات الحصول على تمويل، فقد يؤدي ذلك إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي وربما خسارة في الوظائف مع مرور الوقت.

ويضيف كانافان أن البنوك قد تصبح أكثر حذرًا في تقديم القروض، مما قد ينعكس سلبًا على الاقتصاد الأمريكي.

كما قد يواجه المشترون لأول مرة، وأولئك الراغبون في الانتقال إلى منزل جديد، تكاليف أعلى، وهو ما يمكن أن يؤثر سلبًا على سوق الإسكان على المدى الطويل. ومن الشائع في الولايات المتحدة أن يستخدم أصحاب الشركات الصغيرة قيمة منازلهم كضمان للحصول على التمويل.

كيف ترتبط الصين بالسندات الأمريكية؟

منذ عام 2010، تضاعف تقريبًا حجم السندات الأمريكية المملوكة للأجانب، حيث ارتفع بمقدار 3 تريليونات دولار، وفقًا لتقديرات "دويتشه بنك".

تُعد اليابان أكبر مالك لسندات الخزانة الأمريكية، لكن الصين، الخصم الرئيسي للولايات المتحدة في هذه الحرب التجارية العالمية، تأتي في المرتبة الثانية كأكبر حامل للديون الحكومية الأمريكية على مستوى العالم.

وقد أُثيرت تساؤلات حول ما إذا كانت الصين قد تسببت في موجة بيع للسندات الأمريكية كرد فعل على فرض رسوم جمركية ضخمة عليها.

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image