الكاريكاتير الأسبوعي: الاكتتاب العام لـ (آنت جروب) رمز خارق يكسر الأرقام القياسية

سجلت آنت جروب، إمبراطورية الخدمات المالية التي بناها مؤسس شركة علي بابا (NYSE:BABA) البليونير الصيني (جاك ما)، أكبر اكتتاب عام أولي في تاريخ العالم، عندما جمعت 34.4 بليون دولار من بيع هذه الأسهم الجديدة في بورصتي هونغ كونغ وشنغهاي.

ويعتبر هذا الاكتتاب العام علامة فارقة من نواح كثيرة. فهو يعكس كيف تحول مركز الثقل المالي والاقتصادي في العالم باتجاه الشرق، وكيف تنتقل القيمة في الاقتصاد العالمي نحو التكنولوجيا، بعيداً عن المصادر القديمة للثروة القائمة على السلع (الاكتتاب الأكبر في تاريخ العالم قبل هذا، كان اكتتاب شركة سلع: آرامكو السعودية (SE:2222))). كما أن هذا الحدث يعكس كيف طورت الصين نظاماً مالياً جعل من اقتصادها منافساً عالمياً من حيث الحجم والحداثة، فلقد نمت (آنت جروب) من نظام المدفوعات الذي كان يدعم موقع البيع بالتجزئة للشركة الأم السابقة: علي بابا. ويظهر لنا هذا الرقم القياسي كيف تلتهم شركات الخدمات المالية الحديثة والرقمية منافسيها القدامى في قطاعي البنوك وإدارة الأصول.

ويمثل هذا الاكتتاب أيضاً المسافة المتزايدة بين الأنظمة المالية الأمريكية والصينية، ومجالات النفوذ الاقتصادي. فلقد اشتهرت شركة علي بابا عندما قامت بإدراج أسهمها في بورصة نيويورك، في وقت كان فيه العمق والأسس القانونية الثابتة لسوق رأس المال الأمريكي يعني أنه السوق الذي لا غنى عنه لأي شركة تحاول إنجاز صفقة ضخمة بهذا الحجم. في ذلك الوقت، كانت الولايات المتحدة والصين لا تزالان تعتقدان أنهما ستكسبان المزيد من خلال العمل سوياً وليس ضد بعضهما البعض.

وبعد ست سنوات على ذلك الإدراج، توسعت الثروة الأسرية والمؤسسية الصينية إلى درجة تجعل من الإدراج في نيويورك مجرد رفاهية. وتدهورت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين إلى حد جعل ذلك عبئاً. ولو تم إدراج (آنت جروب) في وول ستريت، فكانت ستمثل هدفاً كبيراً وصيداً ثميناً للعقوبات الأمريكية في المرة القادمة التي تريد فيها واشنطن ممارسة ضغوط اقتصادية أو مالية على بكين. وكانت آخر بقايا ذلك التعاون الأمريكي الصيني الذي جعل الاكتتاب العام الأولي لشركة علي بابا ممكناً في نيويورك، هو وجود {{0|ستي}} و{{0|جاي بي مورغان}} و{{0|مورغان ستانلي}} بين مدراء الاكتتاب.

ولكن هذا قد لا يزعج السيد (ما) كثيراً. فهو الآن الرجل الوحيد في التاريخ الحديث الذي سجلت شركاته الرقم القياسي لأكبر اكتتاب عام على الإطلاق، ليس مرة واحدة، بل مرتين (اكتتاب علي بابا كان رقماً قياسياً في حينه وبلغ 25 بليون دولار). ومع ذلك، قد يحن الآخرون إلى تلك الأيام التي كانت فيها الولايات المتحدة والصين لا تزالان تشعران أنهما بحاجة إلى بعضهما البعض.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image