السوق اليوم: (اليورو / دولار) في منعطف خطير والحل في يد أسواق السهم والسندات الحكومية

 السوق اليوم: (اليورو / دولار) في منعطف خطير والحل في يد أسواق السهم والسندات الحكومية


وفقاُ لما يتوافر لدينا من بيانات، يمكن التوصل إلى نموذج تسير وفقاً له تدفقات الاستثمار الداخلة إلى منطقة اليورو في أسواق الأسهم على وجه التحديد إلى أسواق الأسهم وهي التدفقات التي تتنوع وفقاً لأوضاع الاقتصاد العالمي (على الرغم من وجود الكثير من الاستثناءات). على وجه التحديد، يمكن التعرف بسهولة على الفارق بين التدفقات الداخلة من جانب الدول المتقدمة (المملكة المتحدة ومنطقة اليورو واليابان)، دول اقتصادت السلع (أستراليا ونيوزلندا) ودول الاقتصادات الناشئة (البرازيل وكوريا الجنوبية) وذلك على مدار السنوات الأربعة الماضية..

كان هذا هو الوضع الذي لم يتغير حتى حلول يوليو 2007 أي منذ عامين تقريباً في أعقاب الحجز الحكومي على اثنين من أكبر صناديق التحوط على يد بير ستيرن بعد فقدهما لإجمالي قيمة محتوياتهما من الأصول والاستثمارات علاوة على إصدار تقارير من جانب وكالة ستاندارد آند بورس تشير إلى خفض التصنيف الائتماني لـ 14 من صناديق الاستثمار الفرعية بأوروبا وهو ما أشار إلى بداية أزمة مالية واقتصادية عميقة وتحول درامي لاتجاه تدفقات الاستثمار حيث بدأ المستثمرون في العزوف عن الأصول الأوروبية على رأسها تلك التدفقات التي استثمرتها الكثير من الصناديق في السندات الحكومية الأوروبية وهي الكارثة التي حلت بجميع صناديق الاستثمار الأوروبية على مستوى جميع دول المنطقة. يشير ما سبق إلى انقلاب الأوضاع حيث بدأت ظاهرة تراجع تدفقات الاستثمار خارج دول منطقة اليورو، السندات الحكومية بصفة خاصة، في احتلال االعناوين الرئيسية كأحد أهم الموضوعات المطروحة على الساحة في القوت الحالي لما لها من أهمية كبرى في التـأثير على اتجاهات سوق العملات. في نفس الوقت وإضافة ً لما سبق بدأ المستثمرون، المضاربون على وجه التحديد، في التراجع عن صفقات البيع التي حددوها في أوقات سابقة للين الياباني. وعلى الرغم من أن صفقات الـ (Carry Trade) لن تكن قد انهارت بعد في ذلك الوقت، كان صيف 2007 هو الوقت الذي لم تنقطع فيه المكاسب عن السندات الحكومية الأوروبية وهي المكاسب التي كانت تحققها هذه السندات باستمرار على مدار السنوات السابقة. يشير ما سبق إلى أن نموذج التدفقات الداخلة إلى أسواق الولايات المتحدة قد اختلف تماماً منذ يوليو 2007. وبالنسبة للدول المتقدمة (وكوريا الجنوبية) بدا هذا الاختلاف نقطة تحول كبيرة فيما يتعلق باهتمام المستثمري ويمكن توضيح ذلك من خلال الحقيقة التي أشرنا إليها بالأمس والتي تقتضي أنه على مدار الأشهر الـ 18 الماضية اتخذت تدفقات الاستثمار اتجاه الخروج من أسواق السندات الحكومية الأوروبية (مع بعض التدفقات التي أخرجتها كوريا الجنوبية من الأسواق الأوروبية وهو ما يشير إلى اتجاه عنيف من جانب كوريا الجنوبية للخروج باستثماراتها من الأسواق الأوروبية مقارنةً بالاتجاه الذي تبنته اليابان في نفس التوقيت). على نفس المنوال، تبنت كندا والبرازيل اتجاهاً استمر حتى صيف العام الماضي في الهروب باستثماراتها من أسواق السندات الحكومية الأوروبية. على الرغم من ذلك، كانت الاستثمارات الأسترالية الخارجة من أوروبا أقل بكثير مقارنةً بالدولتين السابقتين (كندا والبرازيل) وهو ما يرجح أن يكون اتجاهاً مدعوماً بارتفاع أسعار النفط في ذلك الوقت..


جدير بالذكر أن النصف الثاني من العام الماضي لم يشهد أي بوادر إيجابية تشير إلى زيادة في تدفقات الاستثمارات الأجنبية إلى أسواق أوروبا. على الرغم من ذلك، تعرضت أسواق السندات الحكومية في بعض دول أوروبا غلى ضغط عنيف لتدفقات الاستثمار الأجنبي الخارجة من كندا على وجه التحديد (في أعقاب انهيار سعار النفط) علاوة على تبني كوريا الجنوبية لنفس الاتجاه لتمارس استثماراتها في الأسواق الأوروبية تراجعاً كبيراً مواز لتراجع الاستثمارات الكندية على مدار نفس الفترة في حين انخفض معدل الاستثمارات الخارجة من الأسواق الأوروبية من جانب البرازيل وهو ما يشير إلى تباين كبير في توجهات الدول المتقدمة، الاقتصادات السلعية والاقتصادات الناشئة فيما يتعلق بتوجيه استثماراتها..


بعد ذلك حدث ارتداد في تدفقات الاستثمارات الأجنبية الداخلة الخاصة بالبرازيل وكوريا الجنوبية في أعقاب دخولها في إطار نموذج شرائي مكثف (على الرغم من توافر الكثير من الإِشارات الواضحة إلى أن موارد هذه الاستثمارات في البلدين أوشكت على أن تنضب في الوقت الحالي). على الرغم من ذلك، فشلت الدول المتقدمة في السير على خطى دول الاقتصادات الناشئة فيما يتعلق بزيادة تدفقات الاستثمار الخاصة بها (والتي من بينها المملكة المتحدة التي على الرغم من تواجدها على ساحة تدفقات الاستثمار الأجنبي الداخلة إلى الأسواق الأوروبية، إلا أنها لم تتمكن من مسايرة البرازيل وكوريا الجنوبية) وهو ما تزامن مع هبوط في قيمة الإسترليني مما سمح للشركات البريطانية بالمنافسة على المستوى الدولي. في نفس الوقت، انخفض معدل تدفقات الاستثمارات اليابانية منذ أوائل مايو الماضي. رغم ذلك، لم تكن هذه الانخفاضات بالأهمية التي تثير اهتمام منطقة اليورو حيث تشير إلى عدول المستثمرين عن بيع الصول الأوروبية مما يدعم ارتفاع اليورو النسبي حتى الآن..


يتضح لنا مما سبق، أنه بينما ظهرت إشارات واضحة إلى أن هناك العديد من المحاذير حيال الاستثمارات الأجنبية في منطقة اليورو على مدار الأسبوع الماضي، كانت توجهات دول الاقتصادات السلعية والاقتصادات الناشئة إيجابية للغاية تجاه الأصول الأوروبية (أسوق الأسهم على وجه التحديد). على كلٍ، يمكن القول بأن اتجاهات تدفقات الاستثمارات لا زالت تركز على أسواق الأسهم لما لها من مزايا استثمارية عديدة خاصة في منطقة اليورو وهو ما تؤيده البيانات الواردة عن تلك الاستثمارات. على الرغم من ذلك، لا زالت هذه البيانات التي تتعلق باتجاهات اقتصادات العالم بتدفقات رؤوس الأموال والاستثمارات على مختلف المستويات إلى الصول الأوروبية تحتاج إلى تأكيد من جانب الأسواق حتى تتمكن من تعزيز ارتفاع اليورو وهو ما يرجح أن متوسط زوج (اليورو / دولار) في ظل الوضع الحالي لتدفقات الاستثمارت الأجنبية الداخلة إلى منطقة اليورو لن يتجاوز 1.18..

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image