سوق العمل الأمريكية على طريق الإصلاح

أخيرًا، سيجد الأمريكيون شيئًا يتوجهون به بالشكر إلى الله في عيد الشكر. ورغم مضي الاقتصاد الأمريكي قدمًا بوتيرة ضعيفة للغاية، إلا أنه ثمة تحسن مستمر وثابت في سوق العمل، الأمر الذي أتاح بارقة أمل للجميع بأن الشهور القليلة المقبلة ستكون أفضل وأيسر حالاً. ويمثل التعافي القوي في سوق العمل الأمريكية مكونًا بالغ الضرورة لتعافي اقتصاد بقوة. وعلى اعتبار تقرير إعانات البطالة الأسبوعية، فمن الممكن أن يتجاوز نمو التوظيف خلال شهر نوفمبر الارتفاع المفاجئ الذي طال قراءة تقرير العاملين في القطاع غير الزراعي في وقت سابق من هذا الشهر، والبالغة 151 ألفًا. وقد هبطت إعانات البطالة إلى 407,000 من 441,000، فيما هبطت إعانات البطالة المستمرة أيضًا إلى 4.18 مليونًا من 4.32 مليونًا. تجدر الإشارة إلى أننا لم نشهد قراءات جيدة على هذا الحال منذ يوليو من عام 2008، وهو ما يعد أمرًا مشجعًا للتعافي الأمريكي، علاوة على أنه يؤكد على أن الاحتياطي الفيدرالي يبلي البلاء الحسن. كما هبط أيضًا عدد من يتلقون إعانات بطالة ممتدة أو طارئة على نحو كبير، وذلك على اعتبار انتهاء مدة الإعانات أو الوظائف الجديدة. ورغم أن الشيء الوحيد الذي يطلعنا عليه التقرير أن الشركات الأمريكية تسرح أعدادًا أقل كثيرًا من موظفيها، إلا أننا نرى أن هذا التحسن قد تحول إلى نمو ثابت وتدريجي في النمو الوظيفي. جدير بالذكر، أن اسوق العملية الأمريكية قد اتخذت منعطفًا يتعين عليه أن يمثل بادرة إيجابية للغاية بالنسبة للاقتصاد الأمريكي خلال عام 2011.

على صعيد العملات، جرت عمليات التداول على الدولار الأمريكي على ارتفاع عقب الحزمة الأولى من البيانات الأمريكية، متجاهلة بذلك مفاجأة هبوط طلبات السلع المعمرة، فقد هبط الطلب على تلك السلع بنسبة 3.3% خلال شهر أكتوبر. وعادة ما ينجم عن طلبات النقل حالة التذبذب الكبرى على الطلب، ومع ذلك فقد هبطت طلبات السلع المعمرة باستثناء طلبات النقل والمواصلات بواقع 2.7%، وهو ما يشير إلى أن الطلب على السلع الضرورية في تراجع بالنسبة لكل من الأفراد والشركات. وتجلى الهبوط الأكبر في سلع مثل أجهزة الكمبيوتر والأجهزة الإليكترونية. ويمكن أن تفسر مراجعة الشهر الماضي الصاعدة أُحجية عدم مبالاة المستثمرين بالقراءة الواهنة التي ظهرت عليها طلبات السلع المعمرة، وتركيزهم بصورة رئيسة على بيانات إعانات البطالة. هذا، وقد ارتفعت بيانات مؤشري الدخل والإنفاق الشخصيين عن الشهر الماضي، ليعكس عمليات الارتفاع التي سجلتها مبيعات التجزئة ومتوسط الدخول الأسبوعية.

إلى ذلك، جاءت البيانات الأمريكية القوية لتبعث نوعًا من الراحة والطمأنينة في أسواق العملات، لتدفع الدولار إلى الارتفاع مقابل الين الياباني، بالإضافة إلى دفع عملات المخاطرة مثل زوج (اليورو/ دولار) إلى العودة من جديد إلى النطاق الإيجابي. ورغم احتمالية أن نشهد ارتفاعًا قبل عيد الشكر، إلا أن المستثمرين بحاجة إلى أن يتوخوا الحذر إزاء أن يتسموا بالرضاء الكامل، وذلك على اعتبار احتمالية أن تتعاظم التوترات السائدة في آسيا وأزمات الدين السيادية في أوربا.

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image