متداولي الفوركس لا زال القلق يغمرهم من خطة الإنقاذ الأيرلندية

ارتفع الدولار الأمريكي مقابل جميع العملات الرئيسة الأخرى، وذلك في إشارة إلى حالة القلق حيال تبعات قرار أيرلندا بتلقي المساعدة المالية. وبالنسبة لأيرلندا، فقد فتح عليها هذا القرار أبواب الجحيم. فقد حذرت وكالة التصنيف الائتماني موديز من أن التصنيف الائتماني للبلاد قد يتم خفضه بمقدار العديد من النقاط، في حين أكد حزب الخضر على خططه الرامية إلى ترك الحكومة بعد الموافقة على موازنة عام 2011 وحزمة المساعدات المالية. ويأتي السبب الحقيقي وراء قدح القرار الأيرلندي زناد المزيد من القلق بين المستثمرين أكثر من أن يمثل عاملاً باعثًا على الراحة في هاجس إنتشار عدوى الأزمة المالية بين دول المنطقة، فسرعان ما انصرفت الأنظار صوب أسبانيا والبرتغال، في الوقت الذب بدا فيه المستثمرون يتساءلون هل ستواجه نفس نفس مصير أيرلندا. وبدلاً من أن تكون مفزعًا للأمان، أدلت الولايات المتحدة بدلوها قليلاً في حالة الهياج التي انتابت السوق اليوم، حيث دافع بارني فانك- رئيس لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب وأحد رؤساء الاحتياطي الفيدرالي- عن قرار البنك المركزي بزيادة برنامج التحفيزات النقدية، موضحًا أن من شأنه دعم سوق الأسهم وأسعار المنازل، والحيلولة دون حدوث حالة ركود اقتصادية كبرى، وأضاف أنه حتى الوقت الحالي، لم تؤد سياستهم المالية إلى حدوث تضخم.

فرصة تعاظم التذبذب خلال أسبوع عيد الشكر
من المتعارف عليه أن أسبوع عيد الشكر يتسم بهدوء تعاملات سوق العملة، فقد بلغ متوسط نطاق عمليات التداول الأسبوعية على مدار الأعوام الخمسة الماضية على زوج (اليورو/ دولار) 296 نقطة، إلا أنه وفي أسبوع عيد الشكر (خلال الفترة ذاتها) هبط إلى 147 نقطة. وكذا الأمر بالنسبة لزوجي (الإسترليني/ دولار) و(الدولار/ ين). وقد بلغ متوسط التذبذب الأسبوعي بالنسبة لزوج (الإسترليني/ دولار) 387 نقطة مقارنة بـ181 نقطة على مدار أسبوع عيد الشكر. ويبلغ متوسط نطاق التداول الأسبوعي بالنسبة لزوج (الدولار/ ين) 247 نقطة، مقارنة بـ110 نقاط خلال فترة العطلة. وعادة ما يؤدي انخفاض عمليات التداول على مدار الأسبوع إلى حدوث حالة ضغط في التذبذب، وهذا مرده إلى انصراف المتداولين الأمريكيين مبكرًا عن السوق لقضاء العطلة مع أسرهم. من ناحية أخرى، وفي ظل البيانات الاقتصادية الهائلة المشحون بها أيام التداول المتبقية، فمن الممكن أن تشهد الـ48 أو الـ72 ساعة المقبلة مزيدًا من حالات التذبذب، لاسيما مع استمرار الأسواق في وضع أثر خطة الإنقاذ المالية الأيرلندية في الحسبان. ويتعين على أن تقف الأسواق المالية على صفيح ساخن غدًا مع انتظار صدور القراءة النهائية للناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بالإضافة إلى بيانات مبيعات المنازل الأمريكية. ومن المنتظر أيضًا أن يصدر الاحتياطي الفيدرالي نتائج اجتماعاته الأخيرة، والتي قرر فيها زيادة برنامج شراء الأصول. وسيتفحص المتداولون نتائج الاجتماع بإمعان لمعرفة درجة الاتجاه الهابط التي يميل لها البنك المركزي. من ناحية أخرى، حتى وإن عزز الاحتياطي الفيدرالي قراره بطرح المزيد من برامج التسهيلات النقدية بتطلعات اقتصادية أكثر ضعفًا، فستقف الانتقادات اللاذعة التي أطلقها الساسة العنان لها حائلاً دون احتمال التفكير في المزيد من برامج التحفيزات النقدية. وبناء عليه، سيكمن الخطر الأوحد في إذا ما ما كان البنك المركزي رأى أن قراره يعد ضمانًا بحدوث المزيد من الركود، الأمر الذي من المحتمل تجسده ومن المحتمل لا، وبدوره يتعين أن يصب الأمر في صالح الدولار الأمريكي.

اليورو: أيرلندا تصارع اضطرابًا سياسيًا عقب خطة الإنقاذ
كان عنوان الجزء الخاص باليورو في تقرير يوم الجمعة "أيرلندا قد تتلقى مساعدة مالية الأسبوع المقبل"، ولكن من الواضح أن المسؤولين الحكوميين كانوا أكثر عجلة مما توقعنا، حيث أعلنوا عن تقديم خطة إنقاذ مالية لأيرلندا خلال عطلة نهاية الأسبوع. وفي الحقيقة، كان المسؤولون الأيرلنديون تواقين إلى طمأنة الأسواق بأنهم أعلنوا عن البيان قبل تسرب تفاصيل الخبر. وبناء عليه، فإن أيرلندا توافق من حيث المبدأ على قبول حزمة إنقا ذ مالية من الاتحاد الأوربي وصندوق النقد الدولي، إلا أن حجم تلك الحزمة لم يُتفق عليها حتى الآن. وما نعلمه جيدًا حتى الآن، أن قبول خطة الإنقاذ هذه أحدثت اضطرابًا سياسيًا بالبلاد. فقد أكد حزب الخضر على أنه سينسحب من الحكومة بنهاية شهر ديسمبر. وأعلن رئيس الوزراء كووين أنه سيحل الحكومة مع بداية العام الجديد، وسيعقد انتخابات فيشهر يناير ما لم يكن قبل ذلك. وتشابهت الحركة السعرية بالنسبة لزوج (اليورو/ دولار) على مدار الـ24 ساعة الماضية إلى حد كبير مع تلك التي كان عليها الزوج عقب خطة إنقاذ اليونان في شهر مايو. في غضون ذلك، أعلن الاتحاد الأوربي وصندوق النقد الدولي خلال عطلة نهاية الأسبوع عن تقديم خطة إنقاذ مالية قيمتها 110 مليارات يورو إلى اليونان، الأمر الذي أفضى إلى اتساع الهوة بالنسبة لزوج (اليورو/ دولار)، وذلك عندما فتحت أسواق تداول العملات أبوابها مساء يوم الأحد (أي خلال الفترة الآسيوية والأوربية من يوم الاثنين)، إلا أنه لم يُكتب لتلك المكاسب عمرًا طويلاً، حيث سرعان ما انصرف المتداولن إلى التفكير فيمن سيصيبه الدور بعد اليونان وأيرلندا. ومع نهاية فترة التداول الأمريكية، هبط الزوج ما يقارب 1%، وتجدر الإشارة إلى أنه ومع نهاية شهر يونيو كان قد فقد ما يقارب 10% من قيمته. وثمة بعض الأشياء المختلفة هذه المرة عن السابق، وهو ما يبرر ردة الفعل الصامتة. أولاً، كانت خطة الإنقاذ اليونانية غير مسبوقة، لذا فقد كانت حدثًا تاريخيًا إذا ما قورنت بمثيلتها الموجهة إلى أيرلندا. ثانيًا، لم لم يكن هناك تنازل بالنسبة لأرباح الشركات، الأمر الذي صب بالإيجاب في صالح اليورو. ثالثًا، لا يزال حجم خطة الإنقاذ غير معلوم حتى الآن، ليأتي التصريح الوحيد حيال الأمر على لسان وزير المالية لينيهان، والذي أوضح أن القرض سيقل عن 100 مليار يورو، وبذلك سيقل عن المقدار الذي تلقته اليونان. وكانت أيرلندا حريصة أيضًا على التصريح بأنها ستتلقى حزمة مالية تتضمن عددًا من القروض. وتشير حالات الهبوط التي طالت سوق الأسهم وعمليات البيع المفرطة التي جرت على العملات إلى أن المستثمرين قد صرفوا انتباههم فعليًا نحو البرتغال وأسبانيا، وإذا ما استمر الأمر على هذا المنوال، فسيواصل زوج (اليورو/ دولار) خسائره. في غضون ذلك، يبدو أن المشكلات الكامنة في أيرلندا لها ضعيف الأثر على ثقتي المستثمر والمستهلك، فقد ارتفعت ثقة المستهلك بمنطقة اليورو إلى أعلى مستوى لها منذ شهر ديسمبر من عام 2007 خلال شهر نوفمبر. هذا، وفي الأسبوع الماضي، أوضح مؤشر ZEW تحسنًا حادًا في ثقة المستهلك. ومن المنتظر صدور قراءتي مؤشري PMI الخدمي والتصنيعي عن شهر نوفمبر اليوم، ومن المتوقع حدوث تحسن طفيف في النشاط. ومن المنتظر أيضًا صدور القراءة النهائية للناتج المحلي الإجمالي الألماني خلال الربع الثالث من العام، إلا أنه من غير المتوقع حدوث أي مراجعات كبيرة على التقديرات الأولية.

الإسترليني: خطة الإنقاذ الأيرلندية أثرت بالسلب على الجنيه الإسترليني
انتاب الجنيه الإسترليني أيضًا حالة من الضعف مقابل الدولار الأمريكي، وذلك مع إثقال تدفقات العزوف عن المخاطرة كاهل العملتين بالضغوط. هذا، ولم تصدر أي بيانات اقتصادية من الممكلة المتحدة، فضلاً عن أنه لم تصدر أي تصريحات على لسان المسؤولين البريطانيين. ويتعين أن يتسم الأسبوع بهدوء تعاملاته بالنسبة للجنيه الإسترليني، وذلك على أساس أن البيانات الاقتصادية الوحيدة على المفكرة الاقتصادية بالنسبة للبلاد ستتمثل في قراءة الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثالث من العام، والمنتظر صدورها يوم الأربعاء المقبل. من ناحية أخرى، عرضت المملكة المتحدة على أيرلندا قرضًا مباشرًا بقيمة 7 مليارات إسترليني، ويتضمن هذا صفقة فوركس ضخمة. وعلى مدار الأسابيع القليلة المقبلة، ستضطر المملكة المتحدة إلى تحويل 7 مليارات إسترليني إلى يورو. وتعتبر هذه صفقة كبيرة يتعين عليها توفير دعمًا كبيرًا لزوج (اليورو/ إسترليني). وفي ظل العجز الضخم في موازنتها، وتوقعات التدابير التقشفسة التي من المتوقع منها كبت النمو، تساءلت الكثير من الدول إذا ما كان هذا العرض الاستباقي من قبل الحكومة البريطانية في مصلحة البلاد أم لا. ولسوء الحظ، ستأتي الإجابة بالإيجاب، وذلك نظرًا إلى أن البنوك البريطانية عرضة إلى حد كبير للبنوك الأيرلندية. وهذا ما أوضحه محافظ بنك إنجلترا ميرفن كينج الأسبوع الماضي عندما قال إن فكرة تعرض البنوك البريطانية لنظيرتها الأيرلندية ليست تافهة أو ضئيلة على الإطلاق، إذ أن الملكية المباشرة لسندات الدين الأيرلندية ليست فقط هي الكبيرة، بل إن ملكية السندات قصيرة الأجل التي تصدرها البنوك الأيرلندية تعد أكبر، وبالتالي فإن هناك عرضة كبيرة للأصول التي تتضمن قروضًا بالنسبة للاقتصاد الأيرلندي بصورة أكبر من المعتاد. وبالمقارنة بباقي الاقتصادات الكبرى، تعتبر بنوك المملكة المتحدة الأكثر عرضة لأزمة الدين الأيرلندية ومن بعدها ألمانيا. ولمنع حدوث أزمة مصرفية لديها، شعرت الحكومة البريطانية أن ثمة حاجة لتوفير الدعم لأيرلندا قبل فوات الأوان. ومن المنتظر غدًا صدور القراءة البريطانية الوحيدة على المفكرة الاقتصادية، والتي ستتمثل في موافقات الرهن العقاري الصادرة عن رابطة المصرفيين البريطانيين، ومن المتوقع هبوطها على نحو طفيف خلال شهر أكتوبر.

 

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image