ثلاثة أسباب لارتفاع الدولار الأمريكي

ارتفع الدولار الأمريكي إلى حدٍ كبير اليوم مما أدى بالكثير من المستثمرين إلى الاقتناع بأن العملة وجدت القاع الذي كانت تبحث عنه منذ فترة طويلة. أما نحن فلا زلنا عند رأينا في وضع عملة الاحتياط الذي نرى أنه متردي ومتدهور للغاية مستندين في ذلك إلى أنه لم يحدث أي تغيير جوهري في البيانات الأمريكية، إلا أنه في نفس الوقت، نحترم الارتداد القوي الذي عكس اتجاه العملة بحدة اليوم ونعترف بإمكانية استمرار أثر هذا التحرك العنيف في سعر صرف العملة. تعافى الدولار الأمريكي مقابل جميع العملات الرئيسة مع تحقيق على المستويات مقابل اليورو والأسترالي والكندي. وعلى الرغم من عمليات جني الأرباح التي أسهمت في التحرك العنيف الذي قام به الدولار الأمريكي، هناك ثلاثة أسباب رئيسة لارتفاع الدولار الأمريكي.


1- السبب الأول: رفع الفائدة الصينية بواقع 25 نقطة أساس:


كان الدافع الأساسي وراء بيع عملات العائد المرتفع وشراء الدولار الأمريكي هو مفاجأة بنك الصين للأسواق برفع الفائدة بواقع 25 نقطة أساس. هذا ولم يفصح بنك الصين عن أي تفاصيل في أعقاب الإعلان عن رفع الفائدة، إلا أن التوقيت الذي حدثت فيه عملية الرفع ينطوي على الكثير من التفاصيل التي يمكن أن نستنير بها في التعرف على أسباب ارتفاع الدولار.فكما نعلم أن الصين تنتظر سلسلة من البيانات الاقتصادية ليلة غد تتضمن قراءة الناتج المحلي الإجمالي، مؤشر أسعار المستهلك، مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي. كما تتوافر فرصة كبيرة لأن يتلقى الاقتصاد الصيني دفعة قوية من قراءة النمو والتي بدورها من الممكن أن تعمل على ضبط إيقاع التضخم وتجعله عند مستويات ملائمة. كما تريد حكومة الصين إحكام قبضتها على سوق الإسكان وما يحدث فيه من ارتفاع حاد في أسعار المنازل الذي وصل إلى إلى 9.1% في سبتمبر مقابل المستويات المحققة في العام الماضي. يدل على ما سبق ما فعلته الصين من رفع متطلبات الاحتياطي النقدي للبنوك التجارية علاوة على تطبيق شرط سداد 30% كدفعة مقدمة من قيمة القرض لمشتريي المنازل للمرة الأولى وغير ذلك من الإجراءات التي أرادت بها الحكومة الصينية الحد من قوة وسرعة أداء نشاطها الاقتصادي مما أثار حالة من الهلع بين المستثمرين والقلق حيال إمكانية أن يؤثر رفع الفائدة سلبًا على الاقتصاد الصيني ودوره في التعافي العالمي. '


2- مسئولو الفيدرالي يعربون عن شكوكهم حيال الحاجة إلى المزيد من تحفيز الاقتصاد:


ازداد تعافي الدولار الأمريكي قوة في أعقاب تصريحات فيشر وكشرلاكوتان عضوي الفيدرالي، التي أعربا فيها عن شكوك تتوافر لديهم حيال الحاجة إلى مزيد من التسهيل النقدي. كان فيشر، عضو مجلس الفيدرالي قد صرح بأن الفيدرالي غير ملتزم بالقيام بالمزيد من عمليات شراء الأصول وأنه من الممكن ألا يكتمل الحديث عن الجولة الثانية من التسهيل النقدي في نوفمبر القادم. كما رجح فيشر أن تصريحات هوينج، عضو مجلس الفيدرالي، المتطرفة تسير في اتجاه معاكس للواقع الذي يعيشه الاقتصاد الأمريكي في الوقت الراهن. من جهةٍ أخرى، صرح كوشرلاكوتا بأن المزيد من شراء الأصول يكفي لتحفيز الاقتصاد. على الرغم من ذلك، لا تمثل هذه التصريحات تأثيرًا كبيرًا في توجهات السياسة النقدية للفيدرالي حيث أن كلًا من فيشر وكوشرلاكوتا عضوان غير مصوتان في مجلس الفيدرالي هذا العام. في نفس الوقت، صرح إيفانز، عضو غير مصوت في مجلس الفيدرالين بأن الفيدرالي لا يحتاج فقط إلى تسهيل نقدي، بل يحتاج إلى عمليات شراء أصول من العيار الثقيل بهدف دعم التضخم. تجدر الإشارة إلى أن العضو المصوت الوحيد الذي أدلى بتصريحات اليوم كان دودلي الذي أكد على وجهة النظر القائلة بأن اقتصاد الولايات المتحدة يحتاج إلى تحفيز من العيار الثقيل. وفي وقتٍ لاحقٍ من من مساء اليوم سوف يدلي برنانك وديوك بأحاديث قد يكون لها بالغ الأثر على الدولار الأمريكي. وكلنا يعلم جيدًا أن برنانك، رئيس الفيدرالي، يؤمن بأن الحالة الراهنة للاقتصاد تستدعي التدخل بالمزيد من التسهيل النقدي. في نفس الوقت، وقف ديوك موقفًا متوسطًا بين وجهتي النظر المشار إليهما.

 

3- السبب الثالث: بنوك مركزية أخرى تتخذ مواقف وسط:


في غضون ذلك، اتخذت بنوك مركزية أخرى مواقفًا وسطًا تجاه العودة بالسياسة النقدية إلى الوضع الطبيع. ترك بنك كندا اليوم معدل الفائدة كماهو عند 1.00% مع إعلان تخفيض توقعات الناتج المحلي الإجمالي للبلاد للعامين 2010 و2011 وإظهر قدر كبير من التشاؤم حيال مستقبليات النمو. بالانتقال إلى الدولار الأسترالي، صدرت ليلة أمس نتائج اجتماع بنك الاحتاطي الأسترالي التي أشارت إلى أن الفائدة الأسترالية تتواجد في الوقت الراهن عند مستويات ملائمة للغاية. كما اعتبر البنك المركزي رفع الفائدة في أكتوبر وسط الأوضاع التي تسودها الضبابية الشديدة وارتفاع الدولار الأسترالي إلى مستويات قوية يعتبر من الإجراءات التي تتسم بدرجة عالية من الخطورة على التضخم الأسترالي. وبينما توصل صانعو السياسات النقدية إلى أنه من المناسب في الوقت الحالي التوقف عن رفع الفائدة الأسترالية، اعترف هؤلاء المسئولين بأن هناك إمكانية للانتظار على نفس المعدل حتى تتضح الصورة ويزول الخطر. كما تعهد بنك الاحتياطي الأسترالي بأن يوفر أكبر قدر ممكن من المرونة وتعليق تقييم الأوضاع الحالية حتى يتسنى للبنك الحصول على معلومات أكثر تمكنه من التقييم الصحيح المقرر إعلانه في اجتماع الاحتياطي الأسترالي.


اليورو يهبط لحالة الارتياح المتوافرة لدى تريشيه والسلطات النقدية وتراجع البيانات الاقتصادية:


صرح تريشيه بأن لديه قناعة شديدة بأن الأوضاع الحالية للسياسة النقدية في منطقة اليورو تثير الارتياح وأنها ملائمة للغاية للأوضاع الاقتصادية الحالية علاوة على تأكيده على أن التضخم هو التحدي الحقيقي الذي يواجه مسئولي السياسة النقدية في الوقت الراهن. كانت تصريحات تريشيه من أهم العوامل التي ساهمت في ارتفاع الدولار الأمريكي.


هبط اليورو مقابل الدولار الأمريكي ليوم التداول الثالث على التوالي. وعند الأخذ في الاعتبار خلو تصريحات البنك المركزي الأوروبي من المفاجآت بالإضافة إلى التقارير الاقتصادية التي تنوع ما بين سلبي وإيجابي، يمكن القول أن هبوط اليورو يعزى إلى ارتفاع الدولار الأمريكي. ظهرت قراءة ظهور قراءة مؤشرZEW الألماني للثقة الاقتصادية الذي هبط إلى 7.2- مقابل القراءة السابقة الصادرة في سبتمبر والتي سجلت 4.3-%، وهو ما تنافى مع التوقعات إلى حدٍ كبيرٍ. كانت هذه القراءة هي الاسوأ على الإطلاق لمؤشر ZEW الألماني للثقة الاقتصادية منذ يناير 2009. وعلى الرغم من ذلك، تشير القراءة الحالية إلى ارتفاع إلى أعلى المستويات في ثلاث سنوات. يشير ذلك إلى أن المستثمرين في الولايات المتحدة أصبحو أكثر تفاؤلًا حيال الأوضاع الاقتصادية الحالية، إلا أنهم مع ذلك أضحوا أكثر تشاؤمًا حيال مستقبليات الاقتصاد في المنطقة.


الإسترليني ينتظر نتائج اجتماع بنك إنجلترا:


في نفس الوقت، هبط الإٍسترليني العملة اليوم بعد إصدار مؤشر توقعات الطلبات الصناعية عن اتحاد الصناعة البريطاني الذي أشار إلى تراجع الطلبات إلى28- مقابل القراءة السابقة لسبتمبر التي سجلت 17-، وهو ما جاء دون التوقعات التي أشارت إلى 19-. جدير بالذكرأن هذه القراءة هي الأدنى على الإطلاق منذ إبريل من العام الجاري. إضافةً إلى ذلك، ظل المستثمرون على نفس الحالة من الحذر الشديد حيال تداولات الإسترليني، خاصةً في ضوء انتظار تقرير المراجعة الشاملة للإنفاق الذي من المقرر إصداره يوم غدٍ، وهو تقرير يصدر عن الحكومة البريطانية وبنك إنجلترا بالإضافة إلى نتائج اجتماع بنك إنجلترا التي من المنتظر إعلانها غدًا الخميس. ويبدو أن ما سبق يثير سؤاليْن ملحيْن للغاية حول التطورات التي من الممكن أن تلحق بتعاملات الإسترليني. يثار السؤال الأول حول الأثر الذي أحدثته إجراءات التقشف الحكومية التي طبقتها الإدارة الجديدة وكيف تسير خطة التقشف. بينما يثار السؤال الثاني حوا التسهيل النقدي ودرجة إقبال البنك المركزي عليه، وهما السؤالان اللذان من الممكن أن يلتقيا بالإجابات الخاصة بهما يوم غد. كما صرح كينج، محافظ بنك إنجلترا بأنه يميل إلى المزيد من التسهيل النقدي للسيطرة على معدلات التضخم التي تجاوزت هدف البنك المركزي.


كان الدولار الكندي، الدولار الأسترالي والدولار النيوزلندي ضحايا لضعف الدولار الأمريكي. كما ساهمت التصريحات التي انطلقت بها ألسنة المسئولين بالبنوك المركزية لهذه العملات، والتي ملأها التشاؤمن في إصابة هذه العملات بالمزيد من الهبوط. ترك بنك كندا معدل الفائدة عند 1.00%، وهوو ما جاء متفقًا تمامًا مع التوقعات إلى حدٍ كبيرٍ حيث جاء ليعكس نفس الصورة التي جسدها كارني، محافظ بنك كندا، للاقتصاد والأوضاع النقدية في البلاد والتي اتسمت بالحذر الشديد تجاه مستقبليات الاقتصاد في إطار بيان الفائدة الصادر في سبتمبر الماضي. ومنذ ذلك الحين توالت البيانات السلبية في الظهور، وهو ما أدى إلى إعلان السلطات النقدية الكندية عدم الاستعداد لرفع الفائدة. كما حدث بالفعل أن خفض البنك المركزي توقعات النمو للعامين 2010 و 2011. كما تكاتفت الكثير من العوامل السلبية لتهبط بالدولار الكندي إلى مستويات منخفضة للغاية منها التوترات الكائنة بخصوص العملات والسياسات المطبقة لدى البنوك المركزية الرئيسة، تباطؤ التعافي الأمريكي والتطلعات المتشائمة لإنفاق القطاع العائلي وغير ذلك الكثير من العوامل التي أجبرت بنك كندا على خفض توقعات النمو إلى 3.00% في 2011 مقابل التوقعات السابقة التي أشارت إلى 3.5%.


جدير بالذكر، أن الاقتصاد الكندي يعبر شديد الحساسية للنمو الأمريكي الذي، لسوء الحظ، يعاني من أزمة كبيرة في الوقت الراهن. وما لم نرى انتعاشًا ملحوظًا في النمو الأمريكي بنهاية العام الجاري، وهو ما لا يبدو أكيدًا، فمن المتوقع أن يبقي بنك كندا على معدل الفائدة الكندية عند مستوى 1.00% حتى الربع الأول من العام القادم. في نفس الوقت، لا يمكننا تناسي ما قامت به السلطات النقدية بكندا من عودة بالسياسة النقدية إلى الأوضاع الطبيعية إلى حدٍ ما برفع الفائدة إلى 1.00%، ولكن مع تصريح صانعي السياسة النقدية بأن التسهيل النقدي لا زال قائمًا وأن أي تحرك نحو التقييد النقدي سوف يتم بحذر شديد وأن البنك المركزي سوف يفكر مرتين قبل رفع الفائدة الكندية. ومن المنتظر أن يصدر تقرير السياسة النقدية يوم غدٍ والذي سوف يوفر تفسيرًا لخفض توقعات النمو الكندي.


خفض التقديرات الاقتصادية وأثرها على الين الياباني:


استمر الين الياباني في الارتفاع مقابل جميع العملات الرئيسة عدا الدولار الأمريكي على الرغم من اتخاذ رئاسة وزراء اليابان القرار بشأن خفض التقديرات الاقتصادية للمرة الأولى في 20 شهرًا. فتبااطؤ الاقتصادات العالمية، الاضطراب في الأسعار وقوة الين الياباني وغير ذلك من العوامل السلبية سوف تنعكس سلبًا على الاقتصاد الياباني. فالاقتصاد باليابان لا زال يقف كتوف الأيدي غير قادر على إحراز أي تقدم في ظل تراجع الصادرات وتردي أوضاع النشاط التصنيعي والصناعي باليابان. كان تقرير رئاسة الوزراء للتقديرات الاقتصادية اليابانية الشهر الماضي قد أشار إلى أن الأوضاع آخذة في التحسن، إلا أنه هذا الشهر عبر التقرير عن أن التعافي في استراجة قصيرة حيث يعاني الاقتصاد الياباني القائم على الصادرات من ارتفاع الين. وتأمل الحكومة اليابانية في أن تؤتي خطة التحفيز الحالية ثمارها وتدفع عجلة التعافي من جديد، إلا أن ارتفاع الين من الممكن أن يستمر مطيحًا بهذه الآمال. هذا ولم تلفت الأسواق إلى التهديدات بالتدخل في سعر الصرف التي أطلقها نودا، وزير المالية باليابان، ويبدو أن السلطات النقدية اليابانية تنتظر انعقاد قمة العشرون لمناقشة الدول المشاركة فيما يمكن القيام به للتصدي لارتفاع الين ورفع آثاره السلبية عن الصادرات. من جهةٍ أخرى، أثبت بنك اليابان أنه غير كفء على الإطلاق للتعامل مع التبعات السلبية لأزمة الاقتصاد الياباني. ومن المنتظر أن تظهر قراءتي المؤشرات الرائدة ومبيعات المتاجر يوم غدٍ، وهما قراءتان لا يمكن اعتبارهما من بين محركات السوق. لذا يترك الين حرًا ليتحرك في ضوء اتجاهات المخاطرة.


(اليورو / إسترليني): زوج العملة الذي يحتل الصدارة اليوم:


يعتبر زوج (اليورو / إسترليني) هو محط الأنظار في سوق العملات يوم غدٍ حيث تصدر قراءة أسعار المستهلك الألماني علاوة على إعلان نتائج اجتماع بنك إنجلترا وإنفاق القطاع العام وصافي اقتراض القطاع العام في المملكة المتحدة.


صارع الزوج من أجل التماسك عند مستويات مرتفعة على مدار أيام التداول القليلة الماضية مع استمراره في نفس نطاق التداول مما يجعلنا نميل إلى التأكد من نموذج البولنجر باندز الذي من المقرر أن يحدد لنا اتجاه الزوج. وفقًا للنموذج المشار إليه أعلاه، من الممكن أن يتلقى الزوج الدعم عند مستوى المتوسط الحسابي 20 يومًا عند 0.8680 الذي يعد كسره مؤشرًا للتحرك في اتجاه 0.8500 بينما تقف المقاومة في مواجهة الزوج عند أعلى المستويات في ستة أشهر عند 0.8840.

 

""

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image