الذهب والدولار الأسترالي يتربعان على قمة أسواق المال

تراجعت تعاملات العملات والأسهم اليوم على مدار الفترة الأمريكية مع ارتفاع طفيف للدولار مقابل اليورو، الدولار الكندي والفرنك السويسري، إلا أنه هبط مقابل الإسترليني، الدولار الأسترالي والدولار النيوزلندي. من جهةٍ أخرى، تراجع (الدولار / ين) بواقع 28 نقطة ليغلق التعاملات الأمريكية دون أي تغير أو ارتداد من هذا الهبوط. في غضون ذلك، كان خبر الساعة الذي هيمن على أسواق المال هو ارتفاع الذهب. وصل الذهب إلى مستوى قياسي ليصل إلى 1300 دولارًا للأونصة. جدير بالذكر أنه مقارنةً بالأسبوع الماضي عندما أصدر الفيدرالي قرار الفائدة، ينبغي أن تكون السمة الأساسية لهذا الأسبوع هي الهدوء فيما يتعلق بالتداولات الجارية في أسواق المال. على الرغم من ذلك، هناك عد د من الأحداث ذات الأهمية والتأثير الكبيريْن في أسواق المال والقدرة على تحريك الأسواق على رأسها مؤشر ثقة المستهلك الأمريكي، القراءة المراجعة الثالثة للناتج المحلي الإجمالي ومؤشر PMI لشيكاجو. كما ننتظر يوم الخميس القادم قراءات الإنفاق والدخل الشخصييْن ومؤشر ISM التصنيعي الذي من المقرر ظهوره يوم الجمعة. ورغم غياب التقارير ذات الدرجة الأولى من الأهمية الكافية لإحداث تذبذب شديد في الأسواق، إلا أن الحديث عن المزيد من التحفز النقدي من الممكن أن يدفع بالمتداولين إلى تغيير مواقف البيع والشراء الخاصة بهم في سوق العملات.


ما هو مدلول ارتفاع الذهب فيما يتعلق باتجاهات المخاطرة؟


عندما يتعلق الأمر بسوق العملات، دائمًا ما يركز المتداولون على أسواق أخرى. وعلى مدار الأسابيع القليلة الماضية، ضمنا في هذا التقرير عددًا من الرسوم البيانية التي تلقي الضوء على العلاقة بين فوارق العائدات وتحركات العملات، واليوم نستكمل المسيرة بإلقاء المزيد من الضوء على العلاقة الكائنة بين سوق السلع وسوق العملات. على ذلك، نتطرق إلى العلاقة ما بين ارتفاع الذهب وما يجري في سوق العملات فيما يلي:


هناك سبب واحد بديهي لارتفاع الذهب في الوقت الراهن؛ هو بلا شك هبوط الدولار الأمريكي . على الرغم من ذلك، نود الإشارة إلى أن سرعة هبوط الذهب تتجاوز إلى حدٍ كبيرٍ سرعة هبوط الدولار. فمنذ أوائل أغسطس الماضي، ارتفعت أسعار الذهب بواقع 10% بينما هبط مؤشر الدولار بواقع 2% فقط. وتعتبر سرعة هبوط الذهب مؤشرًا واضحًا على أن المتداولين يتبنون اتجاهات سلبية نحو الدولار الأمريكي. وبما أن المستثمرين يضعون في حسبانهم أن الفيدرالي سوف يشتري المزيد من سندات الخزانة الأمريكية في نوفمبر مما من شأنه أن يؤدي إلى هبوط عائدات هذه السندات، فمن الطبيعي أن تحدث حالات هروب جماعي من الدولار الأمريكي الذي يتقلص عائده بمرور الوقت.


في نفس الوقت، من المتوقع أن تعمل جهود التقشف وما تنطوي عليه من إجراءات تستهدف خفض عجز الموازانات في معظم دول العالم على التهام النمو الاقتصادي في العديد من دول العالم لذلك، نرى أنه مع التوسع في التسهيل النقدي أن النمو الاقتصادي سوف يصاب بالشلل في أوروبا ولن يكون أمام المتدولين خيارًا آخرًا غير الذهب. وعلى الرغم من ظهور الذهب على السطح، مما يجعل من الصعوبة بمكان أن نحدد نقاط محددة للمقاومة، إلا أن المعدن النفيس لا زال تحت مستوى القمة المتوافقة مع التضخم التي وصل إليها في الثمانينات. وبالرجوع إلى مستويات يناير من عام 1980، نرى أن الذهب وصل إلى مستوى قياسي حيث وصل وقتها إلى مستوى 875 دولارًا للأونصة في أعقاب أزمة احتجاز الرهائن بإيران وقبيل احتلال الاتحاد السوفييتي لأفغانستان. وعلى صعيد التوافق مع التضخم، نرى أن القمة التي من الممكن أن تحول دون استمرار ارتفاع الذهب بأسعار اليوم هي 2318.84 دولارًا للأونصة.


اليورو: يتلقى ضربة موجعة من وكالات التصنيف الائتماني:


من بين العملات مرتفعة العائد، كان اليورو هو العملة التي عانت هبوط اليوم مقابل الدولار الأمريكي. وعلى الرغم من هذا الهبوط المحدود للعملة الأوروبية الموحدة، ترجح الأداء المتواضع للعملة أنها غير قادرة على تجاوز محنة الدين السيادي بشكل نهائي وقاطع. ففي صباح اليوم تمكن اليورو من التماسك في وجه تقرير موديز للتصنيف الائتماني الذي أشار إلى خفض تصنيف السندات التي تصدرها كبريات البنوك والمؤسسات المصرفية الأنجلو أيرلندية التي تصدر بلا ضمانات من التصنيف A3 إلى التصنيف Baa3، مع ذلك، لم يتمكن اليورو من تجاهل تحذيرات خسائر القروض والتدفقات الخارجة للإيداعات الخاصة بالبنوك اليونانية مما يجعل هذه البنوك عرضةً لخفض التصنيف الائتماني الخاص بها. ووفقًا لكلم أحد المحللين الاقتصاديين العاملين بوكالات التصنيف الائتماني، "تبقى البنوك اليونانية ضعيفة الأداء في نشاط الإقراض أقرب إلى خطر خفض التصنيف". على الرغم من كل ذلك، نرى أن التخفيف من حدة البيع المكثف لليورو مرهونًا بمدى اهتمام وتركيز وكالات التصنيف الائتماني حيث نلاحظ اهتمام كبير لدى المستثمرين بشراء الشندات الحكومية الأوروبية.


كما أدلى تريشيه، محافظ البنك المركزي الأوروبي، اليوم بتصريحات في إطار جلسة استماع بلجنة المفوضية الأوروبية لشئون النقد والاقتصاد، أشار فيها إلى إلى أمور تشبه إلى حدٍ بعيدٍ تلك الكلمات التي تضمنها محضر اجتماع لجنة السياسة النقدية الماضي حيث أكد على أن البيانات الاقتصادية جاءت أفضل من التوقعات علاوة على ضرورة ارتفاع التضخم على المدى القصير، إلا أنه شدد على أن الضبابية وانعدام اليقين هما النغمة السائدة على المشهد الاقتصادي بالمنطقة حيث يسيطران على التطلعات الاقتصادية لمنطقة اليورو مع ظهور توقعات بأن التضخم سوف يظل لفترة قد تمتد عند مستويات معتدلة على المدى المتوسط. نتيجةً لذلك، وفقًا لكلمات تريشيه، ينبغي أن يستمر البنك المركزي في تطبيق سياسة نقدية تعمل على إحداث الملائمة بين الوضع الاقتصادي والموقف المالي والنقدي مع التأكيد على أن معدل الفائدة عند مستويات منطقية ومناسبة للغاية في الوقت الراهن. كانت البيانات التي أشار إليها تريشيه بأنها فاقت التوقعات هي ارتفاع المعروض النقدي M3 بواقع 0.5% وفقًا للقراءة الشهرية و1.1% وفقًا للقراءة السنوية مما يعكس حدوث انتعاشة في إقراض العائلات ومن ثَمَ نمو في قطاع الإقراض.

الإسترليني: هبوط حاد في أسعار المنازل:


في يوم هادئ من أيام التداول في سوق العملات، لا زال الإسترليني قادرًا على التماسك مقابل الدولار الأمريكي. وعلى مدار التعاملات الأسيوية ليلة أمس، أشارت البيانات الاقتصادية البريطانية إلى هبوطٍ حادٍ في أسعار المنازل بالمملكة المتحدة، وهو الهبوط للشهر الرابع على التوالي بواقع 0.4% في أعقاب اتخاذ الأسعار للاتجاه الهابط على مدار الأشهر الستة الماضية حيث ارتفع المعروض من المنازل البريطانية بنسبة 2.4% في أغسطس أي فوق المتوسط الذي ييشير إلى 0.8% في أحد الأشهر الموسمية. ومن الجدير بالذكر أن الأسعار تحاول الوصول إلى مستويات تسهل عمليات الشراء، وهو الوضع الذي من الممكن أن يستمر على مدار أشهر الخريف القادم.


وحيث يعلم المستثمرون جيدًا أن قطع الإسكان يعتبر من القطاعات التي تشغل بال المهتمين بالاقتصاد البريطاني، والذي يعاني من الهبوط الحاد في الأسعار في الوقت الراهن، تجدر الإشارة إلى أن من بين أخطر المعوقات التي تواجه هذا القطاع في الوقت الراهن هي التضخم المرتفع حيث تجاوز مؤشر أسعار المستهلك المستخدم في قياس التضخم هدف البنك المركزي المحدد بـ 2%على مدار 41 من بين الـ 50 شهرًا الماضية مما يلقي المزيد من الضوء على أن المزيد من التباطؤ في النشاط الاقتصادي في الطريق إلى المملكة المتحدة. يؤكد على ذلك ما صرح به المدير التنفيذي لبنك إنجلترا وكبير الاقتصاديين بالبنك المركزي، سبنسر دايل، الأسبوع الماضي من أن "التضخم المنخفض او المستقر هو أهم العوامل التي يمكن للسياسة النقدية الحالية توفيره على المدى الطويل علاوة على ما يمكن أن يحدثه هذا العامل من رخاء وتحسين مستوى اقتصاد البلاد". على الرغم من ذلك، أبدى دايل تأييدًا لأن أعضاء لجنة السياسة النقدية فعلوا كل ما في وسعهم لحل المشكلة. ويمكن النظر إلى أن التضخم البريطاني ما هو إلى محصلة لقائمة من الأوبئة التي تجتاح الاقتصاد في المملكة المتحدة من بينها هبوط معدلات التوظيف في سوق العمل البريطاني، توقف نمو الأجور، مشكلات ضغوط تكلفة المدخلات التي تواجهها الشركات علاوةً على ارتفاع معدلات ضريبة القيمة المضافة، وهي العوامل التي في مجملها تؤدي إلى رفع التضخم.

الدولار الأسترالي: مستوى مرتفع قياسي جديد:


أدى هبوط الدولار الأسترالي مع ارتفاع الذهب إلى الدفع بالدولار الأسترالي إلى أعلى المستويات في سنتين مقابل الدولار الأمريكي. وبالنسبة للمتداولين الذين يتسائلون عن مستوى المقاومة التالي للدولار الأسترالي، يعتبر المستوى الأنسب لمواجهة (الأسترالي دولار) للمقاومة هو 0.9850 الذي وصل إليه في يوليو 2008. وفي أعقاب الاختراق قصير العمر لمستوى 1300 دولارًا للأونصة، من الواضح أن العقود الآجلة للذهب بدأت في الصراع من أجل تحقيق المزيد من الارتفاع لتغلق تعاملاتها في المنطقة السالبة للمرة الأولى في أكثر من أسبوع. وعلى الرغم من الهبوط في الذي حل بحركة سعر السلع، تمكن الدولار الأسترالي من الارتفاع مستندًا إلى ارتفاع شهية المخاطرة حيث وصل إلى أعلى المستويات في 26 شهر عند 96.32 مقابل الدولار الأمريكي حيث أدى الحديث عن اقتراب زيادة التسهيل النقدي على يد الفيدرالي إلى إصابة المستثمرين بحالة من العزوف عن شراء الدولار الأمريكي متجهين إلى عملات تشهد انتعاشة قوية في الوقت الراهن على رأسها الدولار الأسترالي.


على صعيد متصل، هبط الدولار النيوزلندي إلى مستويات أقل مع توقعات بمزيد من الهبوط بسبب تداعيات قراءة الناتج المحلي الإجمالي التي سجلت ارتفاعًا بواقع 0.2% في الربع الثاني من 2010 مقابل التوقعات التي أشارت إلى 0.8%، وهو ما يعد زلزالًا عنيفًا تسبب في حالة اهتزاز شديد للحكومة النيوزلندية حيث يشير ذلك إلى إمكانية تراجع قراءة النمو في الربع الثالث بواقع 0.4%. في نفس الوقت، تعاني الحكومة النيوزلندية من مشكلات متزايدة فيما يعلق بعجز الموازنة النيوزلندية.


الين الياباني: الارتفاع يلحق أضرارًا بالغةً بقطاع الصادرات:


مثله مثل الدولار الأمريكي حقق الين الياباني ارتفاعًا طفيفًا مقابل اليورو، الدولا ر الكندي والفرنك السويسري، إلا أنه هبط مقابل الإسترليني، الدولار الأسترالي والدولار النيوزلندي. كما أظهرت قراءة ميزان التجارة الياباني مدى الضعف الذي أصاب قطاع التجارة الياباني حيث تراجع الفائض التجاري من إلى 103 مليار ين ياباني مقابل القراءة السابقة التي سجلت 802 مليار ينًا في أغسطس. كما هبطت القراءة المراجعة وفقًا للتضخم هي الأخرى إلى حدٍ كبيرٍ في حين تباطأ نمو قطاع الصادرات بينما تزايد ارتفاع الواردات. ومن المعلوم للجميع أن ارتفاع الين الياباني من أهم العوامل التي تؤدي إلى إلحاق أضرار جسيمة بالمصدرين اليابانيين حيث يعمل هذا الارتفاع على إضعاف القوة الشرائية للعملة.


وعلى الصعيد الأسيوي، لا زال (الدولار / ين) يواجه خطر المزيد من التدخل في سعر الصرف من جانب بنك اليابان الذي يزيد من مبيع الين مقابل الدولار الأمريكي في حالة هبوط الزوج تحت مستوى 84.00 ، الذي تتابعه المالية اليابانية والبنك المركزي عن كثب. على ذلك، نحذر المتداولين من التمسك بمواقف البيع للزوج. ومع سير الزوج وفقًا لتحركات عائدات سندات الخزانة الأمريكية، نرى أن هناك فرصة بدأت في الظهور لكسر الزوج مستوى 84.00 والهبوط إلى 83.00 في حالة عدم تدخل بنك اليابان- في سعر الصرف في إطار الجولة الثانيةالتي بدأها البنك المركزي يوم الجمعة الماضية.


وبصفة عامة، كان أداء العملات الأٍسيوية ليلة أمس جيدًا للغاية بسبب حالة الترقب التي انتابت المتداولين تجاه إعادة تقييم اليوان من جانب بنك الصين. جدير بالذكر أنه يوم الاربعاء القادم، سوف ينعقد اجتماع في إطار أعمال لجنة الطرق والوسائل بالبرلمان الصيني حيث يتم التصويت على مشروع قانون العملات الذي من المقرر أن يسمح لوزارة التجارة بفرض رسوم على الواردات الصينية تعويضًا عن الانخفاض في قيمة العملة. ومن المقرر أن يتم تمرير مشروع القانون المشار إليه من جانب البرلمان الصيني، إل أن فرصة تمريره من مجلس الشيوخ تعتبر محدودة حيث ينشغل الأعضاء بانتخابات التجديد النصفي للمجلس.


وحتى في حالة رفع قيمة اليوان الصيني بواقع يزيد على 2% من قيمته الحالية ليصل إلى مستويات قياسية جديدة منذ يونيو الماضي، عندما تعهدت السلطات النقدية الصينية بإمداد العملة بقدرٍ أكبر من القوة، نرى أن هناك ضغطًا كافيًا وأحداثًا مؤثرةً سوف تتوالي في الظهور على مدار الأسابيع السبعة القادمة في الصين من شأشنهعا الدفع بقضية رفع قيمة اليوان إلى مستويات أعلى. وبيعدًا عن مشروع قانون العملات. ينعقد اجتماع وزراء مالية ومسئولي البنوك المركزية بدول مجموعة العشرين في الفترة نا بين 9 و 11 أكتوبر القادم والفترة ما بين 22 و23 أكتوبر للإعداج لقمة العشرين المزمع انعقادها في الفترة ما بين 11 و 12 نوفمبر 2010 حيث اتفق الجميع من مسئولي السياسة النقدية والمالية من جميع أنحاء العالم على ضرورة تصدر اليوان ورفع قيمته لجدول أعمال القمة. كما يزيد من الضغوط الواقعة على كاهل السلطات النقدية الصينية اقتراب موعد إصدار تقرير الخزانة الامريكية للتدخل في سعر الصرف المقرر ظهوره إلى النور في 15 أكتوبر القادم.


(الدولار / ين): زوج العملة الذي يحتل الصدارة اليوم:


من المتوقع أن يحتل (الدولار /ين) الصدارة بين أزواج العملة يوم غدٍ حيث تظهر قراءة ثقة المشروعات الصغيرة في الواحدة صباحًا بتوقيت نيويورك الشرقي، الخامسة بتوقيت جرينتش. بعدها ننتظر قراءة ثقة المستهلك في العاشرة صباحًا بتوقيت نيويورك الشرقي الثانية ظهرًا بتوقيت جرينتش.


جدير بالذكر أن المستوى الحالي لتداول محصور في نطاق محدود. ومن المتوقع أن يتلقى الزوج الدعم عند مستوى 83.70 الذي وصل إيله في وقتٍ سابق بينم يشير الهبوط إلى مستويات أقل إلى إمكانية التراجع إلى أدنى المستويات في 15 سنة عند 82.87. وعلى صعيد الاتجاه الصاعد، من الممكن أن يواجه الزوج المقاومة عند مستوى 85.25، الذي وصل إليه كأعلى مستوى يوم الجمعة الماضية والذي يمثل المتوسط الحسابي 50 يومًا.

 

""


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image