الفيدرالي وبنك اليابان وقصة فشل قد تتكرر

هل تثبت فاعلية وتأثير المزيد من التسهيل النقدي والتدخلات في سعر الصرف؟


أدت التقارير الاقتصادية المتنوعة والمتباينة ما بين الصعود والهبوط إلى تذبذب شديد في حركة السعر في سوق العملات، خاصة على مستوى الدولار الأمريكي مقابل باقي العملات الرئيسة. اكتسب الدولار الامريكي المزيد من القوة مقابل عملات السلع، إلا أنه تراجع مقابل الين الياباني، الإسترليني والفرنك السويسري. كما أغلقت التعاملات في إطار أسواق الأسهم الامريكية على هبوط مع ظهور موجة من تجنب المخاطرة في أسواق المال. فبعد أسبوعين من التحسن في قراءة إعانات البطالة الأسبوعية في الولايات المتحدة، عاد المؤشر إلى حالة من التدهور الحاد بزيادة عدد حالات الإعانة بسبب البطالة بواقع 12000 حالة لترتفع إلى 465000 في حين ارتفعت إعلانات البطالة الإجمالية إلى 4.489 مليون مقابل القراءة السابقة التي سجلت 4.537 مليون. وعلى الرغم من أن التحسن السابق في إعانات البطالة كان ناتجًا إلى حدٍ ما عن عطلة يوم العمال التي أغلقت فيها المصالح الحكومية مما أثر على الإحصاء. وعند االأخذ في الاعتبار ما نتج عن هذه العطلة، نرى أن إعانات البطالة لا زالت عند مستويات مرتفعة نسبيًا. على الجانب المشرق، نجد مبيعات المنازل الكائنة وقد فاقت التوقعات مسجلةً ارتفاعًا إلى 7.6% جنبًا إلى جنبٍ مع ارتفاع المؤشرات الرائدة الأمريكية بواقع 0.3% مما يرجح أن الاقتصاد في الولايات المتحدة ليس بالحالة المذرية التي عكسها بيان الفيدرالي في وقتٍ سابقٍ. وننتتظر نتيجة مبيعات المنازل الجديدة وقراءة طلبات السلع المعمرة التي على وشك الإصدار بافتتاح التعاملات الأمريكية، والتي تُعَد في غاية الأهمية للتأكيد على أن قطاع الإسكان في حالة جيدة.


هل تؤتي الجولة الثانية من التسهيل النقدي أُكُلَها ام تكون بلا طائل؟


بعيدًا عن البيانات الأمريكي، تأثر الدولار إلى حدٍ بعيدٍ بالتقارير التي أشارت إلى أن زيادة قيمة برامج التسهيل النقدي لم يُبَت في أمرها بعد من جانب الفيدرالي. ويرجح مراقب الفيدرالي بيكنر، من ماركت نيوز إنترناشونال، أنه من الممكن ألا يتوافر لدى الفيدرالي الدعم الكافي لتأييد المزيد من التسهيل النقدي في نوفمبر القادم. وهنا نقف حائرين في انتظار أي جديد ومختلف عما يُقال في الوقت الراهن حيث كانت الرسالة التي بثها بيان الفيدرالي واضحة تمامًا للجميع. وتراءى لنا أن نطرح سؤالًا على قدرٍ كبيرٍ من الأهمية حول ما إذا كانت جرعة إضافية من التسهيل النقدي سوف تحدث الأثر المأمول فيما يتعلق بدعم الاقتصاد الأمريكي أم لا. للإجابة على هذا السؤال آثرنا استعراض وجهات نظر الخبراء على رأسهم الخبير الاقتصادي بجامعة هارفارد، مارتن فيلدشتاين، الذي قال أن أي زيادة في التسهيل النقدي لن يتجاوز دورها مجرد إثبات أن الفيدرالي مشغول بأمر الاقتصاد ويحاول دعمه. وأضاف فيلدشتاين "إن التسهيل النقدي لن يغير مسار الاقتصاد". وعلى فرض أن الاحتياطي الفيدرالي سوف يميل إلى زيادة التسهيل النقدي حيث يعتبره البنك المركزي هوالخيار الوحيد المتاح أمامه، فسوف يمكننا بكل بساطة أن نتوقع ردة فعل الاقتصاد الأمريكي للجولة الثانية من التسهيل النقدي معتمدين على ما يتوافر لدينا من معلومات عن ردة الفعل للجولة الأولى. فعندما قام البنك المركزي بشراء المزيد من الأصول في الفترة ما بين أواخر 2008 وأوائل 2009، تمكن الفيدرالي من تضييق الفوارق الائتمانية، إحداث الاستقرار في الأسواق وخفض عائدات سندات الخزانة بواقع 25 نقطة أساس. على الرغم من ذلك ، وفقًا لما صرح به براين ساك، مسئول الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، أدى شراء الأصول من جانب البنك المركزي إلى خفض معدل الفائدة على سندات الخزانة طويلة الأجل بواقع 0.9%. كما أكد كريستوفر نيلي، مسئول الاحتياطي الفيدرالي بسانت لويس، أن معدلات العائد على السندات الحكومية انخفضت في أستراليا، كندا، ألمانيا واليابان عندما أطلق الفيدرالي برنامج شراء الاصول. بالطبع، لن يكون للاستمرار في في البرنامج المطبق بالفعل نفس قوة الأثر التي يتمتع بها إطلاق برنامج جديد، لذلك نتوقع أن يكون للجولة الثانية من التسهيل النقدي أثر أقل قوةً من الجولة الأولى.


هل تجدي الجولة الثانية من تدخلات بنك اليابان نفعًا في التصدي لارتفاع الين؟


في غضون ذلك، يقترب زوج (الدولار / ين) من مستوى الـ 84، الذي نعتقد أن بنك اليابان ووزارة المالية اليابانية تستهدفه للقيام بتدخل آخر في سعر صرف العملة. فعندما يهبط الزوج تحت مستوى الـ 84، يقترب خطر التدخل البنكي في سعر الصرف، لذلك نحذر القراء من من التمسك بمواقف البيع للزوج بالقرب من هذا المستوى. ومع الأخذ في الاعتبار أن الزوج لا زال مستمرًا في السير على خطى عائدات سندات الخزانة، نرى أن الفرصة لا زالت قائمة لأن يكسر الزوج مستوى 84 وربما 83 إذا لم يتدخل بنك اليابان في سعر الصرف. ولا يزال هناك تساؤل يقع على جانبٍ كبيرٍ من الأهمية حول ما إذا كانت الجولة الثانية من التدخل في سعر الصرف سوف تسفر عن أي شيء إيجابي فيما يتعلق بالتصدي لارتفاع الين الذي أرهق المصدرين اليابانيين، وهل سيكون للجولة الثانية نفس أثر الجولة الأولى من التدخل.


وبالحكم على الموقف الراهن من واقع حركة السعر، لم يكن التدخل في سعر الصرف ناجحًا تمامًا. فالتدخل لا يصلح للتطبيق إلا على مدار فترات قصيرة ليحدث الأثر المأمول قبل أن تبتلع الأسواق هذا الأثر وتعاود العملة السير في الاتجاه الذي كانت عليه قبل التدخل. على الرغم من ذلك، إذا لم يكن مقدرًا أن يقوم الفيدرالي بزيادة التسهيل النقدي، من الممكن أن يحافظ تدخل بنك اليابان في سعر الصرف على (الدولار / ين) فوق مستوى 85 لأسابيع قليلة قادمة. ولسوء الحظ، يبدو أن ضخ المزيد من الأموال في السوق الأمريكية في إطار برامج التسهيل النقدي أضحى حقيقة شبه مؤكدة. بناءً على ذلك، نرى ان الجولة الثانية من التدخلات في سعر الصرف الياباني لن تكون مؤثرة مقارنةً بالجولة الأولى مثلها في ذلك مثل الجولة الثانية من التسهيل النقدي.


بالانتقال إلى تطبيق ما سبق على حركة السعر، من المتوقع أن يستمر (الدولار / ين) في الارتفاع حيث تمثل تدخلات البنك المركزي في سعر صرف الين محاولة جادة تمامًا للحد من القوة التي بدأ الين في اكتسابها بشكل ملحوظ. على كلٍ، في حالة دخول الفيدرالي في غمار تجربة جديدة من التسهيل النقد، نرى أن المتداولين في سوق العملات سوف يمليون إلى التخلص من الدولار مما يعمل على زيادة الطلب على الين الياباني في الوقت الذي تعاني فيه الولايات المتحدة من عجز تجاري متضخم.


اليورو يتلقى صفعة جديدة من البيانات الاقتصادية:


هبط اليورو يوم أمس إلى حدٍ كبيرٍ مقابل الدولار الأمريكي متأثرًا في ذلك بالبيانات الاقتصادية المتدنية التي أصدرت في منطقة اليورو حيث هبط ظهرت البيانات الأوروبية الضعيفة التي أتت إلى الأسواق من منطقة اليورو لتؤكد أن الولايات ليست وحدها التي تواجه التباطؤ الاقتصادي. كان في مقدمة هذه البيانات القراءة الأولية لمؤشرات PMI الألمانية التي جاءت في مجملها دون التوقعات سواء على مستوى قطاع التصنيع أو الخدمات مع تحقيق الهبوط الأكرث حدة على الإطلاق في قطاع التصنيع (الذي يعد مركز الطاقة في منطقة اليورو على مدار الفترة الأخيرة) حيث هبط مؤشر PMI التصنيعي الألماني إلى 55.3 مقابل القراءة السابقة التي سجلت 58.2 (ونعتقد أنه على الرغم من هذا الهبوط، أن التفاؤل ليس ببعيد عن القطاع حيث لا زالت القراءة فوق مستوى الـ 50 الذي يشير إلى أن القطاع في حالة نمو رغم التباطؤ الذي أصابه. ومما زاد من تفاقم الموقف الاقتصادي الأوروبي تلك الأرقام التي أظهرتها قراءة الناتج المحلي الإجمالي الأيرلندي للربع الثاني من 2010 والتي جاءت دون التوقعات بتسجيلها 1.2% مقابل التوقعات التي كانت تشير إلى قدرٍ أكبر بقليل من الإيجابية في قراءة النمو بالبلاد. كانت النيتجة المباشرة أن هبط اليورو من أعلى المستويات في 5 أشهر فوق 1.37 بينما كان الفرنك هو العملة المفضلة لدى المتداولين بالأمس كملاذ آمن جنبًا إلى جنبٍ مع الين الياباني مما حد من الأثر الذي خلفته تدخلات السلطات النقدية باليابان في سعر الصرف. أما بالنسبة للإسترليني فكان يوم أمس يومًا جيدًا للعملة حيث لاقت طلبًا تجاريًا منقطع النظير في حين تراجعت عملات السلع على رأسها الدولار الأسترالي ليهبط (الأسترالي / دولار / دولار) تحت مستوى 0.95. وبالحكم على اليورو من منظور البيانات، نرى أن التباطؤ الاقتصادي الذي شكل مخاوف كبيرة للاقتصاديين والمحللين قد حدث بالفعل.


يشير هذا التراجع الاقتصادي إلى إمكانية كبيرة لأن تصاب ثقة الشركات بحالة من الوهن والضعف الشديدين، خاصةً وأن مؤشر IFO الألماني هو الآخر قد سجل قراءة ضعيفة للغاية. علاوةعلى ذلك، هناك تجدد ملحوظ لمشكلة الدين السيادي في دول منطقة اليورو وما تثيره من مخاوف في أسواق المال. ولن تكون مفاجأة عندما نعلم أن التحذيرات التي أطلقها العديد من المحللين حيل أزمة الدين السيادي قد تحققت بالفعل وأنها أصبحت كالفطر المعدي الذي من الممكن أن يظهر في أي وقت، وهو ما حدث بالفعل حيث انتقلت العدوى مؤخرًا إلى أيرلندا. ووفقًا لأحد محللي الاقتصاد الأيرلندي، حذر وزير المالية الأيرلندي، لينهان، من أن أكبر البنوك الإنجلو أيرلندية وأكثرها إقبالًا على المخاطرة فيما يتعلق بالإقراض لن تتمكن من استرداد أموالها التي أخذها المقترضون. وإذا ما رجعنا بالذاكرة إلى الوراء، فسوف نجد أن نفس الرجل، لينهان، شدد في وقتٍ سابقٍ على أنه لا حاجة على الإطلاق لخطة تمويل طارئة من صندوق النقد الدولي أو الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالوضع المالي لأيرلندا. وحتى لو صدق ما سبق، في حالة فشل البنوك الأنجلو أيرلندية في سداد ما عليها من ديون، فسوف يعمل ذلك على زيادة المخاوف حيال حاجة البلاد إلى مساعدات مالية مما ينعكس سلبًا بلا أدنى شك على اليورو، خاصةً وأن الفارق بين السندات الحكومية الأيرلندية ونظيراتها الألمانية المعيارية قد اتسع إلى حدٍ كبيرٍ.


الإسترليني: إقراض المنازل عند أدنى المستويات السنوية:


على النقيض من اليورو، الذي ضعف تمامًا مقابل الدولار الأمريكي، توسع الإسترليني في مكاسبه التي يحققها مقابل الدولار الأمريكي على الرغم من التقارير الاقتصادية التي أشارت إلى هبوط موافقات الرهن العقاري مرة ثانية. ووفقًا لجمعية المصرفيين البريطانيين، هبطت قراءة القروض العقارية بواقع يزيد على 7% في أغسطس الماضي. كما جاء في التقرير أنالبنوك وافقت على 31767 قرض عقاري فقط، وهو ما يشير إلى أقل المعدلات حتى الآن في العام الجاري. ومن الجدير بالذكر أن سوق الإسكان البريطاني يعتبر من أكثر القطاعات الاقتصادية تعثرًا في المملكة المتحدة مما يجعله عقبةً كئود تحول دون تحقيق التعافي البريطاني فانخفاض أسعار المنازل بصفة مستمرة مع تراجع الطلب على المنازل وتدهور أوضاع الإقراض العقاري وغير ذلك من العوامل من شأنه أن يبقي على سوق الإسكان على نفس الحالة من الضعف. كما يشير التدهور في أوضاع الرهون العقارية من شأنه أن يضمن مستقبل لا يختلف كثيرًا عن الواقع المأساوي الحالي لسوق الإسكان. على الرغم من كل ذلك، تماسك الإسترليني عند مستويات مرتفعة، وهوما يرجع إلى الصريحات المتفائلة التي أدلى بها العضو السابق بلجنة السياسة النقدية ببنك إنجلترا، كيت باركر، والتي أشارت إلى حالة مطمئنة للاقتصاد البريطاني. جاءت هذه التصريحات في إطار لقاء تلفزيوني أجري مع العضو المشار إليه على شبكة سي. إن. بي. سي. حيث أشارت إلى أن الحاجة لمزيد من السيولة والتسهيل النقدي في المملكة المتحدة لا زالت غير مؤكدة نظرًا للضغوط التضخمية المرتفعة. وعلى الرغم من أن العضو الحالي للجنة السياسة النقدية، سينتانس، يعتقد أن ارتفاع التضخم ظاهرة مؤقتة، وجد الإسترليني متنفسًا يحافظ به على ارتفاعه من خلال تصريحات كيت باركر. وسواءً كانت باركر محقة فيما ذهبت إليه أو كانت وجهة نظرها غير صحيحة، فمن الممكن في ظل الاوضاع الاقتصادية الراهنة أن يتغاضى البنك المركزي عن مسألة ارتفاع التضخم وزيادة الضغوط التضخمية ويبدأ في اتخاذ إجراءات التسهيل النقدي وزيادة قيمة برنامج شراء الأصول. وبخلو المفكرة الاقتصادية لليوم من البيانات البريطانية، نرى أن ارتفاع الإسترليني أو هبوطه سوف يعتمد على شهية المخاطرة.


عملات السلع:


فقدت عملات السلع، الدولار الأسترالي، الدولار الكندي والدولار النيوزلندي جاذبيتها لدى المتداولين حيث دقت قراءة النمو النيوزلندي ناقوس الخطر عندما أظهرت تباطؤًا ملحوظًا في الربع الثاني من العام الجاري مقارنةً بالقراءة الصادرة عن الربع الأول من 2010 حيث حقق الناتج المحلي الإجمالي نموًا بواقع 0.2% في الربع الثاني مقارنةُ بـ 0.5% في الربع الأول مما أدى إلى توقف المعدل السنوي للنمو عند 1.9% فقط. وكانت مفاجأة مذهلة بالنسبة لمتداولي الدولار النيوزلندي أن يهبط معدل النمو إلى هذا الحد، خاصةً وأن قراءات مبيعات التجزئة وميزان التجارة النيوزلندي كانت مرتفعة للغاية في الفترة ما إبريل ويوليو الماضييْن مما أدى موجة من المبيع المكثف للعملة ومن ثَمَ هبوطها إلى حدٍ كبيرٍ.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image