حالة من الهدوء تغلب على تداولات العملات بالأمس عقب صخب الصباح (تعليقات السوق)

بعد حالة الإثارة التي اتسمت بها طليعة الفترة الآسيوية بالأمس، وقعت أغلب أزواج العملات- خاصة زوج (اليورو/ دولار)- في شرك الانحصار داخل نطاق ضيق للغاية للتداول خلال فترة التداولات الليلية. ولم تندهش الأسواق كثيرًا من السعر المرتفع الذي اضطرت اليونان إلى دفعه نظير إصدار سنداتها لأجل سبع سنوات، ولكن على الأقل ظل اليورو مستقرًا في نطاق متوسط. على صعيد آخر، قاوم الجنيه الإسترليني كثيرًا للتقدم، إلا أنه استمر على وضعه بعد إبقاء وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز على تطلعاتها السلبية إزاء المملكة المتحدة (وذلك على الرغم من تأكيدها على التصنيف AAA)، ويأتي هذا في الوقت الذي اتسمت فيه البيانات البريطانية بالتذبذب، إذ هبطت موافقات الرهن العقاري في حين ارتفع المعروض النقدي M4.

وكان الدولار الأسترالي الرابح الأكبر في ردة فعل متوانية إلى حد ما للتعليقات المغالى والتي جاءت على لسان ستيفنز- محافظ البنك الاحتياطي الأسترالي- بالأمس، والتي تعززت أكثر فأكثر جراء من مقالة الرأي التي نشرها تيري ماك كران-المتخصص في الأمور الاقتصادية، والتي أوضح فيها أنه من المتوقع إلى حد كبير أن يرفع البنك الاحتياطي الأسترالي من معدلات الفائدة الخاصة به يوم الثلاثاء المقبل، وتتوقع الأسواق أن فرصة إقدام الاحتياطي الأسترالي على ذلك الأمر تصل إلى 70%، ومن ثم ارتفاع أسعار السلع.

ومن البيانات الاقتصادية الأمريكية التي ظهرت بالأمس، لم يطرأ أي تغير على قراءة الدخل الشخصي مقابل الشهر الماضي، وذلك على الرغم من ارتفاع الإنفاق الشخصي بواقع 0.3% على أساس شهري، وجاءت كلا القراءتين في ضوء توقعات السوق التي كانت تتنبأ بهاتين القراءتين. من ناحية أخر، تجاوز مؤشر دالاس التصنيعي توقعات السوق، لتسجل ارتفاعًا وصل إلى 7.2%، وذلك على الرغم من تذبذب مكوناته التفصيلية، حيث شهد مكون النشاط الحالي ارتفاعًا، فيما قل النشاط المستقبلي.

هذا، وقد اتسمت الفترة الآسيوية اليوم بهدوء تعاملاتها، إذ لم تهيمن عليها عملة أو اتجاهًا محددًا على وجه الخصوص. وبدا أن الحديث عن إعادة تقييم اليوان قد ازداد، وذلك بعد أن أوردت صحيفة وول ستريت جورنال على لسان رئيس البنك الدولي "روبرت زويلك" قوله: "من الممكن أن تتيح جهود الصين لجعل اقتصادها قائم على الاستهلاك فرصة لحمل بكين على إعادة تقييم عملتها".

ونبع قدرًا كبيرًا من الحديث عن قضية إعادة تقييم العملة بعد تعيين المستشار الجديد لبنك الصين الشعبي "شيا بين"، والذي يقف إلى جانب ويؤيد أن تستأنف الصين تعويم سعر الصرف في نطاق الذي كان مقررًا قبل حدوث الأزمة في أسرع وقت ممكن. وهو ما يعدي إلى الأذهان تصريحات مستشار آخر ببنك الصين وهو "فان جانج" قبل أسبوع مضى والتي أشار فيها إلى أنه من المحتمل أن تستأنف الصين تعويمها لسعر الصرف في نطاق محدود، إذا ما قلت الشكوك الاقتصادية. وعلق رئيس صندوق النقد الدولي "ستروس كان" أيضًا على أن اليوان يعد أقل إلى حد كبير عن قيمته، إلا أنه عاد وأقر أن الأمر يرجع إلى الصين من حيث كيفية وميعاد إعادة تقييم العملة.

ومن على المفكرة الاقتصادية، نرى قراءة معدل البطالة الياباني جاء في ضوء توقعات السوق، لتثبت قراءته عند نسبة 4.9% خلال شهر فبراير. وفي تطور إيجابي طفيف، ارتفع معدل الوظائف بالنسبة للمتقدمين ليصل إلى 0.47 مقابل القراءة السابقة البالغة 0.46، فيما جاءت قراءة مؤشر الإنفاق الأسري مخيبة للآمال بعد هبوطها إلى 1.6% على أساس شهري، -0.5% على أساس سنوي، وذلك عقب ارتفاع الشهر السابق على أساس سنوي بنحو 1.7%. على صعيد آخر، هبط الإنتاج الصناعي للمرة الأولى منذ 12 عامًا، ليسجل هبوطًا بواقعه -0.9% على أساس شهري، وهي القراءة التي جاءتعلى نحو أسوأ من توقعات السوق التي كانت تتنبأ بهبوط يصل إلى -0.5%.

ومن الفترة الأمريكية اليوم، من المنتظر صدور قراءة مؤشرات الإنتاج الصناعي وأسعار المواد الخام الكنديان، بالإضافة إلى أسعار المنازل وثقة المستهلك الأمريكيين. ومن المحتمل أن يستحوذ الأخير على قدر كبير من الاهتمام وذلك على اعتبار مفاجأة الهبوط الحاد التي سجلها المؤشر خلال الشهر السابق، ومن ثم ستنتظر الأسواق اليوم لرؤية إذا كان الارتداد المتوقع سيتجسد فعليًا أم لا.

 

 

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image