هل تبتسم سوق العملات للدولار الأمريكي؟ (توقعات الدولار في 2010)

هل تبتسم سوق العملات للدولار الأمريكي؟ (توقعات الدولار في 2010)

من المتوقع أن يكون الدولار الأمريكي هو الأكثر ارتفاعًا بين العملات الرئيسة على مدار العام 2010 وفقًا لنموذج أداء الدولار الذي بدأت به العملة العام الحالي واستنادًا إلى نوبات الركود التي تعرض لها اقتصاد الولايات المتحدة على مدار تاريخ البلاد.


فرضيات "ابتسامة الدولار":
من الممكن أن نفترض على أساس ما يتوافر لدينا من خبرات أنه ينبغي على الدولار أن يهبط في حالة دخول الولايات المتحدة في ركود عميق حيث يلجأ الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض الفائدة لتحفيز الاقتصاد ودعم النمو مما يُفقد الدولار ما يتمتع به من جاذبية مقارنةً بغيره من العملات الرئيسة. على الرغم من ذلك، ظهرت نظرية لستيفن جين، أحد المحللين الاقتصاديين في مورجان ستانلي، والتي ذهبت إلى عكس ماسبق تمامًا ويمكن تناوله بالتفصيل كما يلي:

• عندما تدخل الولايات المتحدة، أكبر الاقتصادات العالمية وأكبر مستهلك على مستوى العالم، في ركود عميق، تتوافر على الفور لدى المستثمرين في جميع أنحاء العالم قناعة تامة بأن جميع اقتصادات العالم الرئيسة سوف تلحق بالاقتصاد الأمريكي إلى قاطرة الركود مما يثير لدى هؤلاء المستثمرين حالة من الفزع تدفعهم إلى بيع جميع ما يمتلكون من أصول المخاطرة التي تعتمد في ارتفاعها على تحسن الأوضاع الاقتصادية (السلع والأسهم) والتحول إلى الملاذ الآمن الذي يتمثل في الدولار الأمريكي وسندات الخزانة الأمريكية بصفة خاصة والسندات الحكومية لبلاد هؤلاء المستثمرين، مما يشير إلى أن الدولار الأمريكي وسندات الخزانة الأمريكية سوف يمثلان عنصر الأمان الوحيد للمستثمرين لتنفرد مبيعاتها بالأسواق، وهو ما ينتج عنه ارتفاع حاد للدولار وأصوله في حالة خضوع الاقتصاد الأمريكي لركود عميق.

 

• وعندما تبدأ حدة الركود والاتجاه الهابط في التراجع وإظهار قدر لا بأس به من التباطؤ، تظهر إشارات متفائلة بعض الشيء مما يشجع المستثمرين على الانتقال برؤوس الأموال من الدولار وأصوله إلى أصول أكثر مخاطرة (الأسهم - السلع - عملات المخاطرة مثل اليورو والإسترليني والدولارات الكندي والنيوزلندي والأسترالي) مما يسفر عن هبوط الدولار الأمريكي من القمة المرتفعة التي كونها مع بداية الركود واتخاذه للاتجاه الهابط في منتصف الأزمة.

 

• وأخيرًا وعندما يبدأ التعافي الاقتصادي في اكتساب القوة الدافعة، يبدأ المستثمرون في متابعة الاحتياطي الفيدرالي وسط تكهنات بأن البنك المركزي سوف يحتاج إلى رفع الفائدة (التي مما لا شك فيه وصلت إلى مستويات منخفضة قياسية وغير مسبوقة مع بدء الركود) وذلك من أجل بناء الضغوط التضخمية مما يعمل بدوره على رفع قيمة الدولار الأمريكي.


لذا يمكننا القول بأن التاريخ يلعب لصالح نظرية جين المشار إليها أعلاه. فوفقًا لما هو موضح في الرسم أدناه، تظهر البيانات التي ترجع إلى السبعينات أن مؤشر الدولار الأمريكي (الذي يمثل قيمة الدولار مقابل ستة من العملات الرئيسة) يرتفع في حالة ارتفاع أوانخفاض الناتج المحلي الإجمالي الأميركي عن متوسط الناتج الإجمالي المحلي لدول مجموعة السبع، بينما ينخفض المؤشر في حالة انخفاض أسعار الفائدة مما ينتج عنه نموذج "المحدب" أن "الابتسامة" الموضح في الرسم المشارإليه.

 

""


ابتسامة الدولار تشير إلى مكاسب على مدار 2010:
يبدو إطار "ابتسامة الدولار" ملائمًا للركود الأخير الذي تعرض له الاقتصاد العالمي في أعقاب أزمة الائتمان. ففي 2008 تسببت الأزمة الائتمانية في تحرك حاد في الاتجاه الهابط لأصول المخاطرة انعكس في ارتفاع الدولار الأمريكي ارتفاعًا حادًا حتى مع حالة التراجع التي تعرض لها اقتصاد الولايات المتحدة على نطاق واسع.


في حالة الاستناد إلى ما سبقت الإشارة إليه وما تعرضت له أسواق المال بسبب الأزمة الاقتصادية الأخيرة، يمكن ترجيح أن عام 2009 يمثل متنفسًا للأسواق. فبمجرد توجه البنوك المركزية إلى خفض الفائدة إلى مستويات غير مسبوقة وضخ الحكومات لما يزيد على 2 تريلليون دولارًا في الأسواق لتحفيز الاقتصادات في أعقاب انهيار ليمان براذرز، بدأت موجة الهلع التي انتابت المستثمرين في التراجع علاوة على الإشارات الواضحة إلى أن أسواق الائتمان لا زالت على قيد الحياة وبدأت بارقة أمل في الظهور أ مام أسواق المال. وبمجرد نجاح الحكومات والبنوك المركزي للاتجاه الهابط للاقتصاد العالمي ومحاصرته بالتحفيز والتسهيل النقدييْن، بدأت تدفقات رؤوس الأموال في التوجه إلى أصول المخاطرة مما أدى إلى انخفاض الدولار الأمريكي مرة ثانيةً.


وبالتطلع إلى عام 2010، يبدو وأننا على الجانب الصحيح من الابتسامة حيث رأينا كيف تمكن الاقتصاد الأمريكي من الانتقال إلى الجانب الإيجابي من النمو ليحقق الناتج المحلي الإجمالي قراءات إيجابية على مدار الربعين الثالث والرابع من 2009 مقابل الربع الثاني من نفس العام الذي تراجع فيه قراءة النمو تراجعًا حادً لتصل إلى5.7-%. إضافةً إلى قراءات النمو الإيجابية، بدأ الاحتياطي الفيدرالي في تقليم أظافر التسهيل النقدي من خفض مشتروات برنامج شراء الأصول والاتجاه بإجراءات التحفيز إلى الهبوط، وهي الإجراءات والبرامج التي لجأ إليها الفيدرالي أثناء الأزمة مع إطلاق الوعود المؤكدة بوقف العمل بجميع الإجراءات غير الاعتيادية للتسهيل النقدي التي أقدم عليها البنك المركزي لعلاج الموقف. منذ ذلك الوقت، بدأت توقعات رفع الفائدة في الظهور على السطح فاتحةً الباب على مصراعيه أمام تكهنات واسعة النطاق بتوجه الاحتياطي الفيدرالي نحو التقييد النقدي مما يؤيد التوقعات باتخاذ الدولار للاتجاه الصاعد على مدار العام.

 

 

 

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image