الدولار الأمريكي اليوم من منظور السياسة والاقتصاد

وفي أعقاب التذبذب الحاد الذي شهدته أسواق العملات خلال الفترة الأسيوية والأوروبية، أثرت البيانات الأمريكية المتأرجحة بالكاد على الدولار الأمريكي. عوضًا عن ذلك، لايزال التجار تحت تأثير التكهنات حول إتخاذ الحكومة الصينية لإجراءات آخرى للتقييد الائتماني من خلال طلب توقف البنوك الصينية عن الإقراض لباقي الشهر. وعلى صعيد الحياة السياسة ودورها في سوق العملات، يعد نجاح الجمهوريين في انتخابات مجلس الشيوخ في ولاية ماساتشوستس بالولايات المتحدة، إيجابيًا للدولار، لأن الأمر يتضمن تخفيض كبير في ميزانية الرعاية الصحية. وبالتالي فمن المحتمل أن يساهم تخفيض الانفاق الحكومي بما يزيد عن 1 تريليون دولار في تقليص عجز الموازنة الحكومية.


وتشير قراءات أسعار المنتجين الأخيرة إلى أن الضغوط التضخمية ليست قوية بالشكل الكافي ليشعر الاحتياطي الفيدرالي بالذنب. وارتفع مؤشر أسعار المنتجين بواقع 0.2% في ديسمبر، في أعقاب ارتفاعه بنحو 1.8% الشهر الماضي. وباستثناء أسعار الغذاء والطاقة، ظهرت قراءات المؤشر دون تغيير خلال الشهر. وعلى الرغم من ذلك، لم يتوقف مؤشر أسعار المنتجين السنوي عن الارتفاع إلى 4.4%، ليصل إلى أعلى مستوى منذ أكتوبر 2008، في حين تراجع النمو في مؤشر أسعار المنتجين بقيمته الأساسية من 1.2% إلى 0.9%. ومن هنا يمكن القول بغياب الضغوط التضخمية على مستوى القيمة الأساسية للمؤشر وهو ما يعد الأكثر أهمية.


وفي الوقت ذاته، ظهرت بيانات الإسكان الأمريكية لترسم صورة متناقضة للاقتصاد، حيث هبطت بدايات الإسكان بنحو 4%، وارتفعت تصاريح البناء بواقع 10.9%. ومع ذلك، تشير البيانات إلى استمرار انتعاش القطاع وذلك لأن تصاريح البناء تعكس النشاط المستقبلي بالقطاع، ومن ثم تعد أكثر أهمية من بدايات الإسكان التي تشير إلى أعداد المنازل التي تم البدء في إنشائها خلال الشهر الماضي. ونظرًا، لخضوع بدايات الإسكان لتأثير العوامل المناخية، فقد أدى المناخ القارس في ديسمبر إلى توقف العديد من إنشاءات المنازل، وهو ما يفسر جزئيًا تراجع بدايات الإسكان خلال الشهر.


وتجدر الإشارة إلى أن فشل الدولار في الارتفاع مقابل الين يعد دلالة هامة، وذلك لأنه يشير إلى أن قوة الدولار تعتمد على تدفقات الملاذ الآمن وليس تحسن الوضع الاقتصادي من الناحية الأساسية. وفي النهاية، أدى الارتفاع الحاد في الدولار الأمريكي، إلى انخفاض زوج (اليورو/ دولار) دون مستوى 1.43، وهو ما يعد مستوى دعم هام للزوج. وفي الوقت الحالي، من المرجح للغاية هبوط زوج (اليورو/ دولار) دون مستوى 1.40 خلال الأسابيع المقبلة.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image