المارد الصيني يزلزل الأسواق والمفوضية الأوروبية تتهم اليونان بالتزوير

كانت فترة التداول الأسيوية تتسم بالتنوع الشديد حيث شهدت الكثير من ردود الفعل المتفاوتة تجاه رفع الصين لمتطلبات احتياطي النقد بواقع 50 نقطة مما أدى إلى ارتفاع تجنب المخاطرة الذي عمل لصالح الدولارالأمريكي والين الياباني. كان بنك الصين قد أعلن زيادة متطلبات احتياطي النقد بواقع 0.5% لتصل المتطلبات إلى 16% بالنسبة للبنوك التجارية الكبيرة، 14% للبنوك الصغيرة، وهو ما يعد الزيادة الأولى منذ يونيو 2007. على الرغم من ذلك، لم يكن هناك ثمة تبعات ملحوظة للأخبار في سوق العملات كما لم تحدث أي تحركات عنيفة نحو الارتفاع أو الانخفاض في الأسواق باستثناء تلك الارتفاعات التي حققها الدولار والين.


لم ينطبق ما سبق على عملات السلع، حيث استجابت المعادن الأساسية سلبًا لهذه الأنباء مما انعكس على الذهب بالكثير من الهبوط في أعقاب تصريحات أحد المسئولين بأكبر صناديق الاستثمار السيادية بالصين التي رجح في إطارها أن سعر الذهب كان مرتفعًا للغاية مما وصل بالدولار الأمريكي إلى مستويات منخفضة جدًا على المدى القصير. إضافةً إلى ذلك، بدأ إشارات لاقتراب مناخ الولايات المتحدة إلى درجة معتدلة من الدفء مما انعكس سلبًا على أسعار النفط الخام، وهو ما نتج عنه تراجع كبير في اسعار السلع بصفة عامة.


كما تحركت عملات السلع نحو مستويات منخفضة مقابل الدولار الأمريكي حيث تراجع الدولار الكندي بسبب ما تعرض له من ضغوط ناتجة عن البيانات التي أشارت إلى هبوط ميزان التجارة الكندي واتساع العجز التجار البلاد في نوفمبر في أعقاب تحقيق ميزان التجارة لفائض بواقع 0.5 مليار دولار كندي في أكتوبر الماضي. في نفس الوقت، كان الإسترليني صاحب الأداء الأفضل على الإطلاق في سوق العملات مقابل الدولار الأمريكي مستندًا إلى أوامر وقف الصفقات فضلًا عن التحسن الملحوظ الذي أحرزه مؤشر أسعار المنازل الصادر عن وزارة المجتمعات العمرانية الحكم المحلي البريطانية.


جدير بالذكر أن رفع الصين لمتطلبات احتياطي النقد كان من الأحداث المحورية التي أثرت إلى حدٍ بعيد في سوق العملات وأسواق المال بصفة عامة حيث جاء القرار في وقت مبكر إلى حدٍ ما مقارنةً بالتوقعات ومن ثَمَ أدى إلى تحركات ملحوظة كرد فعل مباشر وفوري أصدرته سوق العملات. جدير بالذكر أن هذا التحرك أثار جدلًا واسع النطاق في الأوساط الاقتصادية حيث رجح البعض أنه يستهدف التصدي لفقاعات المضاربة (وهي الأخبار السيئة) في حين تشير الأخبار الجيدة المحتملة إلى أن تحرك البنك المركزي جاء كإجراء احترازي لمواجهة الضغوط التضخمية. في نفس الوقت، يعتبر رفع متطلبات احتياطي النقد في الصين هو الأضعف بين أدوات السياسة النقدية وأقلها تأثيرًا وإحداثًا للنتيجة المأمولة حيث تقتصر أهميتها في إمكانية التأثير المباشر على نشاط الإقراض الصيني في إطار محاولة من البنك المركزي للحد من تقدم نشاط الإقراض الذي بدأ في الارتفاع في مطلع 2010. (وصل إجمالي القروض الجديدة إلى 600 مليار يوان في الأسبوع الأول من يناير 2010).


وعلى صعيد اليورو، فقد فشلت العملة في التماسك عند المستويات المرتفعة التي حقهها على المدى القصير وذلك في أعقاب الأنباء التي ترددت حول اتهام المفوضية الأوروبية لشئون النقد لليونان بتزوير بيانات تتعلق بالأمور المالية العامة الخاصة بالبلاد مع موافقة الحكومة اليونانية في تدخل الضغوط السياسية للحيلولة دون جمع البيانات الإحصائية الدقيقة. كما أوضح تقرير الإدانة الصادر عن المفوضية أن الحسابات والأرقام اليونانية لا يُعتمَد عليها حيث اعتبرت المفوضية أن الأرقام الخاصة بعجز الموازنة والدين الحكومي والتي زعمت الحكومة صحتها أقل بكثير من الأرقام الحقيقية. بدأ تراجع اليورو الحاد في أوائل الفترة الأسيوية بالأمس، إلا أنه تمكن من التماسك في بداية التعاملات الصباحية عند مستوى 1.4450.


بالانتقال إلى الولايات المتحدة، اتفق بلوسر وفيشر، عضوا مجلس محافظي الفيدرالي، على تطلعات الاقتصاد الأمريكي وأنه بدأ في الخروج من عنق زجاجة الركود ببطء ملحوظ مع تحقيق قراءات نمو معتدلة ومعدلات تضخم منخفضة نسبيًا، وهو ما قد يشكل الكثير من العراقيل أمام تقدم الاقتصاد نحو الجانب الإيجابي. كما بدا العضوان متفقان على ضرورة اتخاذ الإجراءات الاحترازية بخصوص رفع الفائدة الفيدرالية من المستوى الحالي، من صفر إلى 0.25%، وعدم تركها على النحو الحالي لفترة ممتدة، مع ضرورة الأخذ في الاعتبار أنه لا زال من المبكر في الوقت الراهن اتخاذ الخطوة الأولى في هذا الطريق.


كما نشرت صحيفة نيكاي اليابانية تقريرًا يشير إلى أن حجم تعاملات بيع الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني وصل إلى 1.79 مليار دولارًا وفقًا للبيانات الواردة عن بورصة طوكيو. كما أشار التقرير إلى أن حجم تعاملات بيع اليورو مقابل الين الياباني وصل إلى 83 مليار ينًا في حين وصل حجم تعاملات أكثر أزواج الين الثماني نشاطًا إلى 193.3 مليار ينًا. وفي حالة استمرار الوضع على الوتيرة المشار إليها أعلاه فيما تيعلق بعمليات البيع مقابل الين، من الممكن أن نرى حركات تصحيحية حادة، وهو الأمر الجدير بالمتابعة على مدار فترات التداول القادمة.
بينما على الصعيد الأمريكي، فلا يوجد سوى حدثين يمكن لهما التأثير على مجريات الأمور في إطار سوق العملات هما التقرير الشهري للموازنة وتقرير البيجبوك.

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image