تحسن قطاع التوظيف: ظاهرة مؤقتة أم عودة دائمة لنمو القطاع؟

للمرة الأولى في 23 شهر، تشير التوقعات إلى إمكانية إضافة الاقتصاد الأمريكي لوظائف جديدة. وكما نعلم جميعًا أن الشهرالأول من تحقيق نمو في عدد الوظائف بالولايات المتحدة يعتبر علامة فارقة في في مجريات الأمور في قطاع التوظيف على مدار العاميْن الماضييْن حيث كان سوق العمل على مدارهما يسير من تراجع إلى تراجع. ومن المتوقع أيضًا أن يفجر تقرير التوظيف الذي من المقرر إصدارة اليوم في غضون ساعات من الآن قدرًا كبيرًا من التذبذب في أسواق المال بصفة عامة حيث تشير أغلب التوقعات إلى نتيجة قوية أكثر من المتوقع ليبانات الوظائف المتوافرة في القطاع غير الزراعي هذا الشهر. وعلى الرغم من أنه من الصعب على الكثيرين تخيل مجرد بداية الشركات في توظيف العمال في ظل الظروف الحالية، هناك ثلاث أسباب يمكن الاستناد إليها في ترجيح كفة نمو معدل التوظيف بالولايات المتحدة نستوضحها فيما يلي:


السبب الأول: أن 9 من إجمالي 10 مؤرشات رائدة تشترك في تحديد قراءة الوظائف المتوافرة في القطاع غير الزراعي الأمريكي جاءت لتؤكد على تحسن ملحوظ في سوق العمل الأمريكي. ولك أن تصدق أو لا تصدق أن الاقتصاد الأمريكي نجح في إضافة 58 ألف وظيفة الشهر الماضي في القطاع الخدمي، قطاع التعليم والرعاية الصحية. لهذا لن يكون هذا الشهر هو الأول فيما يتعلق بتحقيق قطاع التوظيف لنمو ملموس في قطاعات مختلفة من الاقتصاد. وإذا ما عاد النمو في الوظائف إلى سابق عهده قبل الأزمة، فلا بدلنا من أن نكون على دراية بأن مؤسسات الأعمال الخدمية في القطاع الخاص مع مساهمة شرفية من القطاع الحكومي.


وكما أشرنا أعلاه إلى المؤشرات التسع الرائدة في تحديد قراءة الوظائف المتوافرة في القطاع غير الزراعي الأمريكي، وهي المؤشرات التي تشير في مجملها إلى تحسن عام في قطاع التوظيف والآتي بيانها فيما يلي:


- هبوط قراءة مسح تشالنجر لتسريح العمالة للشهر الخامس على التوالي.
- هبوط متوسط قراءة إعانات البطالة الأسبوعية.
- تقارير ADP لقياس التغير في توظيف القطاع الخاص التي سجلت هبوط معدل خفض الوظائف إلى 84- ألف، وهو المستوى الأدنى على الإطلاق منذ مارس الماضي.
- هبوط القراءة الإجمالية لإعانات البطالة الأمريكية إلى أقل المستويات على الإطلاق.
- ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك الصادر عن كونفرنسبورد إلى 52.9 مقابل القراءة السابقة التي أشارت إلى 49.5.
- ارتفاع مكون التوظيف في مؤشر ISM غير التصنيعي إلى 44 مقابل 41.6 سجلتها القراءة السابقة.
- ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك الصادر عن جامعة ميتشيجان للمرةالأولى في ثلاثة أشهر.
- ارتفاع مكون التوظيف في مؤشر ISM التصنيعي إلى 52.
- خلو الساحة تمامًا من الإضرابات؟

من جهةٍ أخرى، كان هناك مؤشر واحد أشارت قراءته إلى إمكانية مجيء بيانات الوظائف المتوافرة في القطاع غير الزراعي الأمريكي ضعيفو، وهو:


- انخفاض قراءة مؤشر التوظيف الصادر عن موقع مونستردوت كوم الإلكتروني إلى أدنى الكستويات منذ يوليو.


وفقًا لما سبق، تخبرنا تسعة من إجمالي عشرة مؤشرات تستخدم في التنبؤ ببيانات الوظائف المتوافرة في القطاع غير الزراعي الأمريكي بأن سوق العمل قد حقق قدرًا كبيرًا التحسن على مدار الأشهر القليلة الماضية. وقد ذكرنا آنفًا أن مكوني التوظيف المتضمنيْن في مؤشري ISM التصنيعي والخدمي. على الرغم من ذلك، من الضروري أن نلاحظ أن القراءات شديدة التحسن تشير إلى نمو قطاع التصنيع بسرعة فاقت كل التوقعات مقارنةً بنمو القطاع الخدمي الذي حقق تقدم بسرعة أقل. فعلى سبيل المثال، ارتفع مؤشر ISM بواقع 23 نقطة مقابل أقل المستويات التي انخفض إليها منذ بداية أزمة الاقتصاد العالمي، بينما لم يتجاوز ارتفاع ISM غير التصنيعي عن أقل المستويات 13 نقطة. إضافةً إلى ذلك، على الرغم من ارتفاع مكون التوظيف بمؤشر ISM غير التصنيعي، إلا أنه سجل تراجع لـ 22 من إجمالي 23 شهر. علاوة على ذلك، سجل مسح تشالنجر هبوطًا ملحوظًا في معدل تسريح العمالة بواقع 72.9% في الوقت الذي سجل فيه تقرير الـ ADP أقل معدل لخفض الوظائف منذ مارس 2008. كما يمكننا أن نلتمس المزيد من الأدلة على تحسن القراءة القادمة للوظائف المتوافرة في القطاع غير الزراعي الأمريكي في قراءات ثقة المستهلك التي تصدر عن كونفرنسبورد وجامعة ميتشيجان والتي ارتفعت بشكل ملحوظ استجابةً للتطلعات الإيجابية في قطاع التوظيف. كما يمكن ان نطلع على أدلة إضافية على تحسن تقرير اتوظيف الأمريكي من خلال النظر في التغير في المعدل الإجمالي لإعانات البطالة الأمريكية حيث هبطت القراءة الإجمالية إلى أدنى المستويات منذ يوليو الماضي.


من الممكن أن تتحسن بيانات التوظيف الأمريكية حتى مع تراجع مكون التوظيف في مؤشر ISM الخدمي:
يوضح الرسم التالي أنه على مدار السنوات العشرة الماضية، سجلت قراءة الوظائف المتوافرة في القطاع غير الزراعي الأمريكي أربع قراءات قوية على الرغم من انخفاض قراءة مكون التوظيف في مؤشر ISM الخدمي مما أكد في المرات الأربعة على استمرار الشركات في القطاع الخدمي في خفض العمالة. نخلص من ذلك، أنه من الممكن أن نكون في موقف مشابه اليوم، وهو قريب الشبه مما حققته بيانات الوظائف المتوافرة في القطاع غير الزراعي الأمريكي في يونيو ونوفمبر 2002 من ارتفاع رغم هبوط قراءة مكون التوظيف في مؤشر ISM الخدمي والقراءة السلبية لمسح ADP لقياس فقد الوظائف في القطاع الخاص. على الرغم من ذلك، استمرت البطالة الأمريكية في الارتفاع على الرغم من هذا التحسن المؤقت، وهو ما يلفت نظرنا إلى أن نمو الوظائف من المرجح أن يكون ظاهرة مؤقتة.


السبب الثاني: عودة النمو إلى قطاع التوظيف بعد 2.27 شهر من نهاية الركود والتحول إلى قراءات إيجابية للنمو:


من واقع البيانات التاريخية، يستغرق قطاع التوظيف 2.27 شهر على الأقل لتحقيق نمو في أعقاب الخروج من فترات الركود. وعلى الرغم من عدم إعلان مكتب الإحصاء الفيدرالي بالولايات المتحدة لانتهاء الركود رسميًا حتى الآن، إلا أنه من واقع قراءات الناتج المحلي الإجمالي وتصريحات الفيدرالي، يمكننا القول بأن الركود قد انتهى بالفعل منذ سبتمبر الماضي، لذا عندما نضيف ثلاثة أشهر من ديسمبر، نعتقد أن الوقت قد حان لتحقيق نمو في قطاع التوظيف.
هل من عودة إلى سيناريو ركود الثمانينات؟


يعتبر الركود الأخير لاقتصاد الولايات المتحدة قريب الشبه إلى حدٍ كبير بركود الثمانينات فيما يتعلق بالسيناريو الذي سارت بيانات الوظائف المتوافرة في القطاع غير الزراعي الأمريكي وفقًا له. وإذا صدق ذلك، فمن الممكن أن يعود النمو إلى قطاع التوظيف في وقت قريب جدًا، ربما اليوم.

 

ولكن ماذا يحدث لو تمت مراجعة بيانات الوظائف المتوافرة في القطاع غير الزراعي الأمريكي إلى انخفاض، وهل هناك إمكانية للمعاناة من فقد الوظائف لشهر إضافي؟


على الرغم من أن كلمة السر اليوم هي "تحسن"، نرى أن الدافع الوحيد المحرك للمحللين نحو التوقعات بتحسن بيانات التوظيف الأمريكية اليوم هو الحد الأدنى من التراجع في بيانات الوظائف المتوافرة في القطاع غير الزراعي الأمريكي بواقع 11000 وظيفة، وهو ما يشير إلى أن أي تحسن في البيانات سوف ينقل القراءة إلى المنطقة الخضراء. في حالة تحقق القراءة الإيجابية للوظائف المتوافرة في القطاع الزراعي الأمريكي، من المتوقع أن يستجيب الدولارالأمريكي إيجابًا بالصعود إلى أعلى معتمدًا على تحسن تطلعات الاقتصاد الأمريكي، وهو ما قد يقود المستثمرين إلى الدولار مرة أخرة. ولكن ما يحدث لو تراجعت المراجعات الخاصة ببيانات التوظيف الأمريكية لشهر نوفمبر؟ من الطبيعي في هذ الحالة أن تتدهور قراءة بيانات التوظيف، إلا أنه تجدر الإشارة أننا سوف نحتفظ على الرغم من البيانات السلبية بتطلعات إيجابية تشير إلى استمرار تحسن قطاع التوظيف مع فارق واحد فقط عن القرءاة القوية المتوقعة وهو أن الدولار الأمريكي سوف يبدأ رحلة من الهبوط العنيف استجابةً للبيانات السلبية مقابل الين الياباني.

 

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image