بنك إنجلترا يقف موقف المتفرجين من السياسة النقدية المستقبلية

بنك إنجلترا يقف موقف المتفرجين من السياسة النقدية المستقبلية

تعهد بنك إنجلترا في إطار بيان الفائدة الصادر عن البنك اليوم بإنفاق الأموال المتبقية من إجمالي قيمة برنامج شراء الأصول البالغة 200 مليار إسترليني (318 مليار دولارًا) حيث يسعى صانعو السياسات إلى اتخاذ الإجراءات التي من شأنها أن تضمن تمكن الاقتصاد البريطاني من الهروب من بين فكي الركود الأعنف على الإطلق منذ الحرب العالمية الثانية.


وأشارت تفاصيل البيان أن أعضاء لجنة السياسة النقدية ببنك إنجلترا اتخذوا القرار بتثبيت معدل الفائدة عند .50% مع الإبقاء على هدف برنامج شراء الأصول عند المستوى المحدد له مسبقًا وفقًا لمخطط البنك، وهو ما جاء موافقًا لتوقعات إجمالي عدد المحللين الاقتصاديين المشاركين بمسح أجرته بلومبيرج في وقت سابق والبالغ عددهم 35 محلل.


كما يحاول كينج، محافظ بنك إنجلترا، من خلال ما سبقت الإشارة إليه من قرارات الحصول على تعافي مستدام للاقتصاد البريطاني وسط مطالبة مستمرة من جانب الدوائر الحكومية البريطانية بقيادة جوردون براون بخفض الإنفاق الحكومي وغيره من العوامل بهدف السيطرة على عجز الموازنة العامة حتى يتسنى للحكومة السيطرة على الأوضاع الاقتصادية وعمل ما يلزم للخروج من الركود. كما تجدر الإشارة إلى أن جوردن براون يضغط على جميع الجهات النقدية والاقتصادية بالبلاد لتحقيق هذا الهدف حتى يتمكن من ضبط إيقاع اقتصاد المملكة المتحدة قبل الانتخابات المزمع إجراؤها في يونيو القادم. كما أشار أليستر دارلنج، وزير المالية البريطاني في وقت سابق إلى أنه يميل إلى اعتقاد أن النمو الاقتصادي للمملكة المتحدة من الممكن أن يعود قريبًا إلى المنطقة الخضراء حيث بدأت بوادر التقدم في الظهور بتحقيق قطاعي التصنيع والخدمات لتقدم واضح.


ووفقًا لما صرح به سيمون هايز، المحلل الاقتصادي في ببنك باركليز لندن وامسئول السبق ببنك إنجلترا، لا يحافظ بنك إنجلترا على سياسة التأني لرؤية نتائج ما يتخذه من إجراءات التحفيز، بل تجاوز ذلك إلى تطبيق سياسة تشبيك الأصابع التي تعكس قدرًا كبيرًا من السلبية والوقوف مكتوف الايدي أمام التدهور المستمر في الأوضاع الاقتصادية والنقدية بالبلاد.


كان أثر هذه القرارات محدودًا للغاية على الإسترليني حيث هبط بواقع 0.8% منذ بداية التداولات الأسيوية بالأمس وحتى دقائق قليلة قبيل إصدار بيان الفائدة. ليصل (الإسترليني / دولار) إلى مستوى 1.5917 في أوائل التعاملات الأوروبية. كما انخفضت عائدات سندات الخزانة البريطانية لأجل سنتين بواقع خمس نقاط أساس أو 1.22%، وهو ما يعد تغيرًا محدودً بالمقارنة بمستوى نفس التوقيت من العام الماضي حيث وصلت هذه العائدات إلى 2.253.

تكهنات جديدة:
جاء القرار بتثبيت الفائدة البريطانية والإبقاء على قيمة برنامج شراء الأصول في إطار التوقعات التي أسفر عنها مسح بلومبيرج الذي شارك فيه 53 محلل اقتصادي. يشير ما سبق إلى أن هناك إمكانية كبيرة لأن يصدر البنك المركزي تحديثات لتطلعات النمو والتضخم في إطار اجتماع فبراير للجنة السياسة النقدية.


كما ننتظر قرار الفائدة للبنك المركزي الأوروبي الذي تشير التوقعت إلى أنه لن يسفر عن أي تغيير فيما يتعلق بمعدل الفائدة الخاص بالبنك المركزي الأوروبي عند مستوى 1.00% وفقًا لتوقعات 14 من إجمالي 25 محلل اقتصادي شاركوا في مسح بلومبيرج.


بهذا يبدو أن مهمة بنك إنجلترا في تسيير دفة الاقتصاد البريطاني بعيدًا عن الركود قد بدأت تزداد تعقيدًا متأثرةً في ذلك بزيادة الشكوك التي تحيط بالإجراءات المستقبلية التي من المقرر أن تتخذها الحكومة لتضميد الجراح التي خلفها العجز المالي الضخم للموازنة البريطانية. جدير بالذكر أيضًا أن مسألة العجز المالي هذه سوف تجعل التنبؤ بنتيجة الانتخابات العامة البيرطانية أمرًا مستحيلًا حيث يصعب في ظل هذه الظروف تحديد الفائز.
بهذا الصدد يشير دايفيد كاميرونز، أحد قيادات حزب المحافظين البريطاني إلى أن براون لدية خطة منطقية لخفض عجز الموازنة الذي تجاوز الـ 12% من الناتج المحلي الإجمالي، مسجلًا بذلك أعلى معدلات العجز المالي بين دول مجموعة العشرين. وفي وقت سابق على هذه التكهنات، أكد براون أن الأولوية القصوى لتحقيق التعافي المستدام.


معضلة العجز المالي:
كما صرح وليم بوتير، كبير المحللين الاقتصاديين في سيت جروب ومسئول السياسة النقدية السابق بما يلي:
"في حالة تطبيق التقييد الائتماني وتطبيق إجراءت سياسة التضييق المالي، من الممكن أن يصل البنك المركزي إلى حالة من الارتياح، بينما في ظل غياب ذلك، لا يمكن للبنك المركزي سوى الانصياع لما تقتضيه سياسة التسهيل" وأضاف "إن البنك مثله مثلنا كمتابعين من خارج مسرح الأحداث حيث يقف ممارسًا التخمين من أجل التوصل إلى الشكل الذي من المفترض أن يكون عليه الموقف المالي (موقف السياسة النقدية) المستقبلي"
في غضون ذلك، تفوق حزب المحافظين في استفتاء "يوجوف" على حزب العمال الحاكم بقيادة بروان بواقع 10% من المشاركين في المسح الذي نشرت نتيجته في الأول من يناير الماضي، وهي نسبة الـ 10% التي لا تؤهل حصول حزب المحافظين على الأغلبية في مجلس الشورى.


كما بدأت إشارات واضحة في الظهر على السطح تضمن أن بنك إنجلترا يضع في اعتباره سحب إجراءات التحفيز والتحول إلى التقييد الائتماني، وهو الثابت في تصريحات كيت باركر، أحد صانعي السياسات النقدية ببنك إنجلترا والتي أشار فيها إلى أنها ستكون مفاجأة من العيار الثقيل إذا لم يحقق الاقتصاد البريطاني نموًا إيجابيًا في الربع لرابع من 2009 حيث قام البنك المركزي بكل ما في وسعه من أجل تحفيز الاقتصاد وتخليصه من الركود الذي جدد عهده لفترة إضافية عندما سجلت قراءة الناتج المحلي الإجمالي انكماش بواقع 0.2% في الربع الثالث.

 

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image