البيانات الأمريكية على وشك تحديد اتجاه الدولار

تباينت مستويات اليورو على مدار الفترة الأسيوية وحتى افتتاح التعاملات الأوروبية صباح اليوم في أعقاب انطلاق تصريحات عضو المركزي الأوروبي، جورجن شتارك، التي أشار من خلالها إلى أن الاتحاد النقدي الأوروبي لن يسعى إلى إنقاذ اليونان من الأزمة التي تخوض غمارها في الوقت الحالي عندما قال "لن نخدع أنفسنا بالاعتقاد بأن الدول الأعضاء سوف تضع أيديها في حافظات النقود الخاصة بها لتنقذ اليونان". كانت تصريحات شتارك بمثابة إشارة البدء لعمليات مكثفة لبيع العملة الأوروبية الموحدة حيث تخوف المتداولون من إمكانية تأثير المشكلات الائتمانية والمالية اليونانية على العملة من خلال ما يمكن أن تولده من ضغوط على الاتحاد النقدي الأوروبي. على الرغم من ذلك، تبددت هذه المخاوف سريعًا بالوصول إلى منتصف النهار وأثناء فترة التداول الأوروبية ليتعافى اليورو مرة ثانية معوضًا ما انتابه من خسائر لنراه بالقرب من منقطة 1.4350 مرة ثانية.


وكما سبقت الإشارة إلى ذلك من قبل عندما قلنا أن التصريحات التي ظهرت ليلة أمس على لسان شتارك لم تكن سوى إشارة بدء لمفاوضات أكثر تعمقًا مع اليونان لحل مشكلاتها الائتمانية ، وهو ما يتوقع أن يتم إذا ما استمر اقتصاد منطقة اليورو في التعافي في 2010 حيث من الممكن أن يؤدي هذا التعافي إلى حل بعض تلك المشكلات. ولكن مع ذلك، يتبقى لدينا مجموعة أخرى المخاوف التي تهدد اقتصاد منطقة اليورو بالكامل فيما يتعلق بالهيكل النقدي لدول المنطقة وما يواجهه من مشكلات جوهرية تتمثل في خفض التصنيف الائتماني لأيسلندة والتهديدات الماثلة أمام غيرها من دول المنطقة، وهو ما يمكن أن ينعكس سلبًا علىاليورو حيث تأخذ الأسواق في اعتبارها تلك المواقف المتعنتة لمسئولي السياسة النقدية بالدول الأعضاء بالاتحاد النقدي الأوروبي.


جدير بالذكرلا أنه من بين أهم العوامل التي ساهمت في ارتداد اليورو ارتفاع مؤشر PMI الخدمي بمنطقة اليورو إلى 53.6 مقابل التوقعات التي لم تختلف كثيرًا عن القراءة الحقيقية والتي أشارت إلى 53.7 مما يشير إلى أن معدل الطلب على الخدمات في منطقة اليورو لا زال فوق مستوى الـ 50 الذي يمثل الحد الفاصل بين تراجع ونمو القطاع الخدمي. هذا ولا زالت قصة التعافي هي العلاج الوحيد لمخاوف التمويل المالي حيث يعتبر المخرج الوحيد من أزمة العجز المالي هو استمرار تحسن الاقتصاد الأوروبي على مدار العام الحالي ، 2010، الذي من شأنه أن يحد من وطأة المخاوف الحالية التي تنتاب السوق حيال إمكانية لجوء الجهات المالية والنقدية بالمنطقة إلى زيادة العائدات الضريبية لسد بعض فجوات الموازنات العامة للدول الأعضاء.
وتجدر الإشارة إلى أن موضوع التعافي ساعد على استرداد الإسترليني لعافيته عندما سجل قراءة مؤشر PMI التصنيعي للمملكة المتحدة ارتفاعًا إلى 56.8 مقابل 56.7 سجلتها القراءة الماضية ليعكس ذلك استمرار المؤشر في المنطقة الآمنة فوق مستوى الـ 50 للشهر الثامن على التوالي مع ارتفاع مكون الشركات ومؤسسات الأعمال الجديدة إلى 57، الكستوى الأعلى على الإطلاق للمكون في 27 شهر. كانت قراءة القطاع الخدمي تأكيدًا على حالة التحسن الاقتصادي التي أظهرتها قراءة PMI التصنيعي التي ظهرت يوم الاثنين الماضي، وهو ما يرجح إمكانية انتقال النمو الاقتصادي للمملكة المتحدة إلى المنطقة الإيجابية الخضراء في الربع الأخير من 2009.

تحمل المفكرة الاقتصادية اليوم عددًا من الأحداث الهامة التي من شأنها التأثير في سوق العملات حيث ينتظر الاقتصاد الأمريكي الإشارات المبكرة لنتيجة الوظائف المتوافرة في القطاع غير الزراعي الأمريكي علاوة على الإشارات التي من الممكن أن تدل على التوجهات المستقبلية للفيدرالي فيما يتعلق بالسياسة النقدية المستقبلية. بدايةً، تظهرنتيجة مسح تشالنجر لتسريح العمالة الذي يلعب دورالإشارة الأولى إلى السيناريو المتوقع لأهم بيانات التوظيف المقرر إصدارها الجمعة القادمة. بعد ذلك، ننتظر ظهور نتيجة مسح ADP لتغير التوظيف في القطاع الخاص بالولايات المتحدة الذي على الرغم من ارتباطه الشديد بالوظائف المتوافرة في القطاع غير الزراعي الأمريكي، إلا أنه من الممكن أن يُحدِث قدرًا كبيرًا من التذبذب في الأسواق في حالة مجيء القراءة منخفضة، خاصة وأن توقعات الأسواق تشير في مجملها إلى نمو إيجابي في عدد الوظائف بالولايات المتحدة من المحتمل أن يظهره تقرير الجمعة. كما تنتظر الأسواق قراءة مؤشر ISM التصنيعي التي على وشك الإصدار في الوقت الحالي وهي القراءة التي تقع على جانب كبير من الأهمية بالنسبة للأسواق حيث يحدد حالة القطاع الخدمي الذي يمثل أغلب النشاط الاقتصادي الأمريكي من جهة وينطوي على مكون التوظيف بالقطاع الخدمي في الولايات المتحدة، وهو المكون الذي يلعب دور أحد أهم العوامل التي يُعتمَد عليها في تحديد توقعات الوظائف المتوافرة في القطاع غير الزراعي الامريكي. وأخيرًا تعطي السوق بعض الاهتمام لنتائج اجتماع اللجنة الفيدرالية المزمع إعلانها مساء اليوم التماسًا لأي إشارة قد تتضمنها النتائج إلى استراتيجية الخروج من التسهيل النقدي وسحب الإجراءات التحفيزية.


جدير بالذكر أنه في حالة ظهور البيانات الأمريكية على الجانب الإيجابي، فمن المتوقع أن تتراجع عائدات سندات الخزانة الأمريكية مما يعمل لصالح زوج (الدولار / ين) موجهًا إياه إلى مستوى 93.00 مرة ثانية. من جهةْ أخرى، من الممكن أن تتسبب البيانات في حالة مجيئًا سلبية في وضع الدولار في المؤخرة على مدار الوقت المتبقي من فترة التداول الأمريكية حيث من الممكن أن تفسر الأسواق تراجع البيانات الأمريكية أي تراجع للبيانات الأمريكية على أنه تراجع للاقتصاد ككل عما حققه من تقدم مؤخرًا مما بدوره ينعكس سلبًا على سيناريو التعافي العالمي.

 

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image