هل يتحول ضعف الدولار إلى أزمة في سوق العملات؟

هبط الدولار الأمريكي مرة أخرى إلى أدنى المستويات خلال العام مقابل معظم العملات الرئيسية ببداية الأسبوع في أعقاب ارتفاعه خلال الأسابيع الماضية. ويبدو أن أسواق العملات تفضل دفع الدولار إلى أسفل مقابل اليورو والإسترليني والدولار الأسترالي وفقا لتدفقات " carry trade ".


وواصلت عمليات الـ " carry trade " تدفقها على الدولار بدون توقف حيث لاتزال معدلات الفائدة الأمريكية عند مستويات منخفضة بين 0-0.25% بدون احتمالات لرفع الفائدة على المدى القريب، الأمر الذي أدى إلى متسع من الوقت للاستفادة من فروق أسعار الفائدة الحالية بالأسواق. ومن ناحية أخرى، تأكد الفارق الكبير بين السياسة النقدية للولايات المتحدة وباقي مجموعة العشرين الأسبوع الماضي، في أعقاب قيام الفيدرالي بالإبقاء على نبرته الحيادية المغالى فيها في البيان مشيراً إلى أن الأوضاع الاقتصادية الحالية تبرر بقاء معدلات الفائدة منخفضة لفترة من الزمن.


وفي المقابل، أشار " تريشيه " رئيس البنك المركزي الأوروبي إلى أن السيولة الهائلة في دول الـ 16 قد مضى عصرها حيث بدأت الأوضاع الاقتصادية بمنطقة اليورو في التحسن. أما عن البنك الاحتياطي الأسترالي فقد كان أكثر تطرفاً في تطلعاته مشيراً في بيانه الربع سنوي بأن برنامج الارتفاعات المتتالية للفائدة سوف يستمر حتى عام 2010.


وفي الوقت ذاته، يبدو أن الفيدرالي غير قادر على رفع الدولار، حيث تعوق ظروف سوق العمل الضعيفة من اتخاذه للقرارات الملائمة بشأن سياسته النقدية. ولن تقوم السلطات الأمريكية برفع الفائدة حتى ترى نهاية لمعدلات البطالة و لتقارير التغير في الوظائف المتوافرة بالقطاع غير الزراعي، حيث ارتفع معدل البطالة الأمريكي إلى 10.2% أي أعلى مستوى منذ 26 عام، ومن هنا يبدو أن أسواق العملات على اقتناع بأن الفيدرالي سيظل ثابتاً على موقفه على الأقل خلال الستة أشهر المقبلة.


وسيظل يتعرض الدولار لضغوط طالما استمر الاقتصاد الأمريكي متقاعساً عن باقي مجموعة العشرين. وهناك احتمالين فقط لارتفاع الدولار ألا وهما: تدفقات تجنب المخاطرة و تحسن ظروف العمل. وحتى الآن، لاتزال عمليات التداول القائمة على سيناريو الانتعاش تحافظ على قوتها الدافعة حيث لايزال مستثمري الأسهم في حالة من التفاؤل بشأن منظور النمو في عام 2010. وتترقب الأسواق هذا الأسبوع بيانات التوظيف الأسترالية، وإذا ظهرت تلك القراءات بأسوأ من المتوقع، فمن المحتمل أن تتضاءل القوة الدافعة للأسترالي كقائد لعمليات التداول القائمة على فكرة الانتعاش ومن ثم عمليات بيع لأصول المخاطرة على نطاق واسع. وحتى الآن، تعد مستويات المقاومة لعمليات التداول القائمة على سيناريو الانتعاش لمؤشر الداو جونز عند 10,000 و مؤشر استاندرز أنذ بورز عند 1100، وزوج (اليورو/ دولار) عند 1.5000. وإذا لم يتم اختراق تلك المستويات بقوة، فمن المحتمل أن تحد تدفقات العزوف عن المخاطرة من ضعف الدولار.


وعلى المدى الطويل، لن يشهد الدولار الأمريكي أي ارتفاع حتى تستقر أوضاع سوق العمل. وعلى الرغم من ارتفاع معدل البطالة إلى أعلى المستويات منذ عدة عقود، إلا أن هناك بارقة أمل في بيانات التوظيف الأسبوع الماضي. وتجدر الإشارة إلى أن انخفاض إعانات البطالة إلى 512 ألف يشير إلى بلوغ فقد الوظائف إلى أسوأ مراحله. وتعد بيانات إعانات البطالة الرائد لاتجاهات سوق العمل الأمريكي، وإذا هبطت تلك القراءات دون حاجز الـ 500 ألف، فمن المحتمل أن تتحمس الأسواق لمنظور تعافي الاقتصاد الأمريكي. وفي تلك الحالة سيرتفع الدولار مقابل الين حيث سيبدأ العائد الأمريكي في الارتفاع.


وحتى الآن، لايزال الفيدرالي الأمريكي على الحياد، تاركاً الدولار لهوى الأسواق، حيث لايزال انخفاض الدولار يتسم إلى حد ما بالاتساق. هذا، وإذا انفصل ضعف الدولار عن عمليات التداول القائمة على سيناريو الانتعاش، مع هبوط الدولار تبعاً لأسواق الأسهم، فلن يجد الفيدرالي خياراً سوى التصرف بحدة على صعيد السياسة النقدية حتى على حساب النمو الاقتصادي الأمريكي، حيث من المحتمل أن يؤدي ضعف الدولار إلى خطورة التحول إلى أزمة عملات. وحتى الآن، لايبدو أن صناع القرار بالفيدرالي على استعداد لاتخاذ ذلك القرار.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image