البطالة الأمريكية تنتزع صدارة البيانات وسط توقعات تشير إلى ارتفاع حتمي إلى 10% (تعليق السوق)

بدأت المرحلة الثانية من قرارات الفائدة للبنوك المركزية والتي انطوت على بعض الإشارات إلى أن كلاً من بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي يتبنى منهجية متفائلة إلى حدٍ ما حيال الاقتصاد البريطاني واقتصاد منطقة اليورو. على الرغم من ذلك، لم تتكمن المنهجية المشار إليها من منع بنك إنجلترا من الإعلان عن التوسع في برنامج التسهيل النقدي بواقع 25 مليار إسترليني ليصل الحجم الإجمالي للبرنامج إلى 200 مليار إسترليني مع تمديد الفترة التي يتم على مدارها تنفيذ باقي عمليات الشراء إلى ثلاثة أشهر بدلاً من شهر واحد فقط. وحفاظاً التوجه الحذر الذي تتبناه لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، أبدت اللجنة توقعاتها بأن ارتفاع مستوى أداء النشاط الاقتصادي بالمملكة المتحدة أضحى قريباً للغاية (رغم حالة التباطؤ في وتيرة التعافي في معظم القطاعات). ومع زيادة حجم برنامج التسهيل النقدي أقل من المتوقع ومجئ البيانات الاقتصادية للمملكة المتحدة إيجابية، تمكن الإسترليني من البقاء والصمود أمام موجة عنيفة من عمليات البيع المكثفة ليحقق أعلى الارتفاعات في أسبوعين.


على النقيض من ذلك، جاء اجتماع المركزي الأوروبي ليعكس حالة من الثبات على الرغم من التصريحات التي أدلى بها رئيس المركزي الأوروبي، تريشيه، والتي جاءت أقل من توقعات السوق حيث صرح تريشيه بأن معدل الفائدة يتواجد في الوقت الراهن عند مستويات ملائمة. مع ذلك كان من هذه التصريحات ما أشار من خلاله تريشيه إلى أن الاقتصاد بمنطقة اليورو لن يتطلب كماً هائلاً من السيولة في المستقبل القريب وهو ما ألقى بظلاله على اعتزام البنك المركزي أن يخفض إجراءات التحفيز في المستقبل القريب، وهو ما مهد الطريق أمام اليورو ليصل إلى أعلى الارتفاعات في أسبوع كامل.

وعلى صعيد الولايات المتحدة، ارتفعت الإنتاجية الأمريكية إلى 9.5% في الربع الثالث من 2009، وهو بلا شك ما يعكس أثر الإجراءات التحفيزية التي قامت بها الحكومة الأمريكية والعمليات المكثفة لخفض الوظائف التي قامت بها الشركات على مدار نفس الفترة. في نفس الوقت، أظهرت قراءة إعانات البطالة الأسبوعية تحسناً طفيفاً للغاية بالانخفاض إلى 512 ألف مقابل قراءة الأسبوع الماضي التي سجلت 532 ألف. وعندما نقارن ذلك بنتائج تقرير ADP لتوظيف القطاع الخاص الصادر بالأمس، نجد أن التقرير أظهر نتائج سلبية إلى حدٍ ما وهو في مجمله ما يلقي بظلاله على بيانات الوظائف المتوافرة في القطاع غير الزراعي الأمريكي التي تظهر بعد قليل. كانت هذه البيانات محل استحسان لأسواق الأسهم حيث حققت ارتداداً إيجابياً وبقوة في ظل انكسار العلاقة بين الدولار المنخفض وأسواق الأسهم المرتفعة وهو ما يدل عليه إغلاق مؤشر الدولار على ارتفاع يوم الجمعة الماضية. ومما لا شك فيه أن الشكوك التي تثيرها بيانات التوظيف المرتقبة لها تأثي كبير على سوق العملات في الوقت الراهن.

 

على صعيد منفصل، كان المحرك الأساسي لسوق العملات في الفترة الأسيوية هو تحديث بنك الاحتياطي الأسترالي لتطلعات النمو لعام 2009 إلى 1.75% مقابل التطلعات السابقة التي سجلت 0.5% علاوة على تحديث تطلعات لنمو لـ 2010 إلى 3.25% مقابل التطلعات السابقة التي سجلت 2.25% وهو ما في مجمله أعطى دفعة للدولار الأسترالي الذي ارتفع بواقع 30 نقطة (على الرغم من استمرار هذه التطلعات في نفس النطاق المتعارف عليه وهو النطاق الممتد بين 2% و3%. وعلى الرغم من هذه التقديرات المغالية في التفاؤل، نرى أن المزيد من رفع الفائدة سوف يتم بشكل تدريجي. جدير بالذكر أن تقرير الاحتياطي الأسترالي أشار إلى أن الاستهلاك في أستراليا بدأ في إظهار إشارات التعافي وسط اختفاء تدريجي لإجراءات التحفيز الحكومي مع استمرار تعرض الإنفاق لمزيد من الضغوط.


كما ظهرت عناوين الأخبار أثناء تعاملات الفترة الأسيوية التي تناولت عملاق الرهن العقاري، فاني ماييه،على الرغم من ذلك، لم تعر الأسواق الأسيوية هذه الأخبار اهتماماً كبيراً حيث طلبت فاني ماييه تمويلات بواقع 15 مليار دولار في أعقاب تسجيل خسائر ربع سنوية تقدر 18.9 مليار دولار في الربع الثالث من 2009. جدير بالذكر أن هذه المؤسسة العملاقة كانت قد تلقت في وقت سابق مساعدات وتمويلات حكومية بواقع 44.9 مليار دولار في إطار برنامج شراء الأصول وبموجب اتفاقية شراء أسهم ممتازة عقدتها ماييه مع الحكومة الأمريكية. فهل تتخذ الأسواق القرار بتسديد ضربة موجعة لشهية المخاطرة؟ هذا هو السؤال الذي يمكن لبيانات التوظيف الأمريكية أن تجيب عليه بعد قليل.


كما نشر في صحيفة تشاينا دايلي الصينية اليوم مقال يرجح أن ارتفاع الإيداعات لدى أكبر بنك صيني يشير إلى أن ارتفاع أسواق الأسهم الصينية وارتفاع الأسعار في إطار سوق العقارات يعني بلا أدنى شك أن نوبات التعافي التي تحل بالاقتصاد الصيني مستدامة على العكس مما يظنه البعض من أنها نتيجة مؤقتة سرعان ما تزول أسفرت عنها إجراءات التحفيز الحكومية. كما أشار المقال إلى أن معدل الإيداعات في أكبر أربعة بنوك صينية ارتفع بواقع 4.3 تريلليون يوان صيني (629 مليار دولار أمريكي) في النصف الأول من 2009.


بالانتقال إلى بيانات التوظيف الأمريكية، تتطلع الأسواق إلى انخفاض الوظائف المتوافرة في القطاع غير الزراعي الأمريكي مع توقعات يشير أغلبها إلى ارتفاع معدل البطالة إلى 9.9%. جدير بالذكر أن وصول معدل البطالة الأمريكية إلى المستوى الذي أشارت إليه التوقعات يعد من الأسباب التي من الممكن أن تشارك في تكسير أنياب شهية المخاطرة والحد من سيطرتها على الأسواق وذلك على الرغم من الاعتقاد السائد في الأسواق بحتمية اقتراب معدل البطالة من 10% إلى حدٍ كبير. وسوف نعرف بعد قليل نتيجة هذه المسباقة اللوتارية التي تجري فعالياتها منذ يومين بمشاركة تقرير ADP لتوظيف القطاع الخاص والنتيجة السلبية لمكون التوظيف بمؤشر ISM غير التصنيعي بالولايات المتحدة.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image