صراع محتدم على الدولار بين الثيران والدببة

تعليقات السوق:
كان من المفترض أن تنشغل الأسواق بتقارير الأرباح المستمرة حتى ليلة البارحة في كسر حاجز توقعات السوق بالنسبة لها، لكن ما حدث كان عكس ذلك، فقد عقدت الأسواق العزم على صب انتباهها على ما هو دون هذه البيانات الأمريكية الرئيسة، مما أسفر عن ارتداد الدولار، واستعادة وول ستريت للأحداث الماضية على نحو طفيف. هذا، وقد طرأ ارتفاع طفيف على بدايات الإسكان الأمريكية (مسجلة قراءة بلغت هذا الشهر 590 ألفًا مقابل قراءة الشهر الماضي المراجعة 587 ألفًا، فيما كانت التوقعات تتنبأ بارتفاع يصل إلى 610 ألفًا). وفي نفس السياق، هبطت تصاريح الإسكان لتصل إلى 573 ألفًا مقابل قراءة الشهر الماضي البالغة 580 ألفًا، فيما كانت توقعات السوق تتنبأ بقراءة تصل إلى 595 ألفًا.

وتأكد أن تعافي الدولار أدى إلى عدم طرأ أي جديد على المستوى الحالي لزوج (يورو/ دولار) والبالغ 1.50، وهو المستوى الذي وصفه جواينو- كاتب خطابات الرئيس الفرنسي ساركوزي بأنه "كارثي على الصناعة الأوربية والاقتصاد". كما ذكرت فين مين لاجارد أن القلق يعتريها هي أيضًا من من مستويات اليورو (رغم انها لم تحدد أن ذلك مقابل الدولار على وجه الخصوص).

من ناحية أخرى، كان الدولار الكندي العملة الرئيسة التي لم تبلي البلاء الحسن، بعد إعلان بنك كندا لقرار الفائدة التابع له، تاركًا معدلات الفائدة الخاصة به دون أدنى تغيير، إلا أنه ألقى بدائرة الضوء على التأثير السلبي للارتفاع الحالي للدولار الكندي، منوهًا إلى أنه على أنه بمرور الوقت، "سيكون أكثر من موازن تمامًا للتطورات المفضلة منذ يناير". علاوة على هذا، أبقى البنك إجراءات السياسة النقدية الاستثنائية كخيار (مثل برنامج التسهيلات النقدية). وأكد المشهد الحالي للدولار الأكثر ثباتًا والدولار الكندي الأضعف حالاً أن مستوى التعادل أو التكافؤ بالنسبة للعملتين والذي كان قاب قوسين أو أدنى بالنسبة للزوج (دولار/ دولار كندي) لا يزال حلمًا بعيد المنال، على الأقل على المدى القريب.

على الصعيد البريطاني، باتت نبرة ميرفين كينج- محافظ بنك إنجلترا- في خطابه الذي ألقاه بالأمس حيادية بشأن الاقتصاد البريطاني، مشيرًا إلى أنه في الوقت الذي من المحتمل أن يعود فيه الاقتصاد البريطاني إلى نموه الإيجابي في النصف الثاني من عام 2009، فإن التعافي الاقتصادي لن يكون سهلاً سلسًا أو بلا متاعب. ومثالاً على ذلك، ستكون إدارة السياسة النقدية عسيرة على وجه الخصوص. وأشار إلى أن البنوك البريطانية لا تزال إلى حد كبير تعول على الحكومة، وأنه من المحتمل أن نشعر بتأثير الأزمة المالية العالمية على مدار جيل كامل. وكان مغاليًا إلى حد ما إزاء تطلعات مؤشر أسعار المستهلكين، مشيرًا إلى أنه من المحتمل أن يظل متسمًا بالتقلب، وأنه من المحتمل ارتفاعه على مدار الشهور المقبلة، تأثرًا بأسعار البنزين المرتفعة، وضعف الجنيه الإسترليني، وانعكاس تخفيض ضريبة القيمة المضافة في الأول من يناير.

ولم يواجه الدولار النيوزيلندي مشكلة مثل هذه، بعدما فاجأ بولارد- محافظ البنك الاحتياطي النيوزيلندي- السوق بتعليقاته التي جاءت على لسانه في مقابلة على شبكة الراديو، والتي أشار فيها إلى أن المستوى المرتفع للغاية للدولار النيوزيلندي لم يكن بالضرورة عائقًا أمام فع معدل الفائدة. ثم عدل من تعليقاته في وقت لاحق، بإضافة أن هذا سيكون في سياق الطلب الداخلي، وأسعار المنازل المرتفعة. ومع ذلك، ومع اتجاه جميع الأنظار صوب اجتماع السياسة النقدية المزمع عقده يوم الخميس، والتوقعات المتنبئة بأن البنك الاحتياطي النيوزيلندي سيخفض من برنامجه للتسهيلات النقدية، يبدو أن تصريحات اليوم تؤكد على هذا التوقع. وعقب صدور هذه التعليقات، ارتفع زوج (النيوزيلندي/ دولار) ما بين 40-50 نقطة، إلا أنه فقد قوته الدافعة بعد ذلك في ظل بيئة البيانات الأمريكية الإيجابية إلى حد كبير. ومن المتوقع أن يحافظ الدولار النيوزيلندي على دعمه على الأزواج التقاطعية الأخرى على المدى القريب.

وننتقل إلى الأسواق الآسيوية، حيث أدلى نيشيمورا- نائب محافظ بنك اليابان- بحديث له، أعاد فيه التأكيد على موقف بنك اليابان الحيادي بقوله أنه من المهم للغاية الاستمرار في السياسة المالية الاستثنائية، للمساعدة في استمرار التعافي الاقتصادي. وعلى الرغم من توقعه نهوض الاقتصاد الياباني بصورة أكبر، إلا أنه أشار إلى مخاطر الهبوط والتردي لا تزال مرتفعة، مضيفًا أنه من الممكن أن تواجه الدول المتقدمة بصورة عامة ضغوطًا نحو الهبوط، وذلك على أساس تعديلات قوائم الموازنة. من ناحية أخرى، نوه إلى أن التضخم سيستغرق فترة من الوقت حتى يستقر عند المستوى المرغوب فيه، ومن المحتمل استمرار عمليات هبوط مؤشر أسعار المستهلكين على أساس سنوي لفترة كبيرة من الوقت. وتواردت أقوال تشير إلى أن الوضاع المالية في تحسن كبير على الرغم من أن بنك اليابان مازال بصدد أن يقرر إذا ما كان سيمدد من إجراءات دعمه للشركات أم لا في اجتماع لجنة السياسة النقدية المزمع عقده في الثلاثين من أكتوبر أو في وقت لاحق. في غضون ذلك، علقت شركة هوندا اليابانية للسيارات على هبوط الدولار، موضحة أنه إذا ما هبط أكثر من ذلك، فستحتاج الشركة إلى تأمين أسواق التصدير الأساسية أكثر من الولايات المتحدة لاستمرار الإنتاج بالمصانع اليابانية. وخرجت شركة نيسان بتصريحات أيضًا قالت فيها إنها ستستخدم السيارات المصنعة بالولايات المتحدة في عمليات التصدير إلى "الدول المتعاملة بالدولار"، مثل الشرق الأوسط. هذا مع الاعتبار إلى أن الشركة اليابانية كانت قد أدخلت في موازنتها معدل سعر صرف للزوج (دولار/ ين) يقارب الـ95.0، أكثر من المستويات الحالية خلال الربع الرابع من العام، وتوضح عمليات الثقة الحالية أن مثل هذا المستوى يعد بعيد المنال.

 

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image