هل يحكم كون على الدولار الأمريكي بالمزيد من الهبوط؟

في حديث أدلى به دونالد كون- نائب رئيس مجلس الاحتياطي الفديرالي- أمام الجمعية الوطنية لاقتصاد الأعمال ليلة البارحة، قال: "لا أعتقد أن التعافي الحاد هو النتيجة الأكثر احتمالية خلال هذه الفترة"، وهو ما يحكم على الدولار بجولة أخرى من عمليات البيع، حيث وصل زوج (يورو/ دولار) إلى المستوى 1.49000 خلال جلسة التداول المسائية، فيما حلق زوج (الأسترالي/ دولار) إلى قمة جديدة خلال هذا العام، مرتفعًا إلى المستوى 91.50.

وأفاد كون: "أتوقع أن استمرار الركود الاقتصادي- المصحوب بتوقعات تضخم مستقرة على المدى الطويل- ستجعل من التضخم متراجعاً لبعض الوقت"، منوهًا أن معدلات الفائدة الأمريكية من المحتمل بقاءها مستقرة حتى أغلب الوقت من عام 2010. وكانت لهذه التصريحات وقعًا شديدًا على الدولار الأمريكي خلال الجلسة الآسيوية، حيث أثقلت كاهله بالمزيد من الضغوط.

هذا، وقد ألقت التقارير الأخيرة بدائرة الضوء على حقيقة أن محافظو بنوك الاحتياط العالمية يخصصون 33% تقريبًا فقط من التدفقات الجديدة للأصول التي يهيمن عليها الدولار الأمريكي. وقد افترض غالبية المنخرطين بالسوق أن محافظو البنوك الاحتياطية ينأون بأنفسهم عن الدولار، وذلك على أساس خطورة انخفاض قيمة رأس المال، وفي حين يبدو ذلك على أنه عامل مؤثر بصورة واضحة، فإننا على يقين بأن سلوكهم هذا هيمنت عليه اعتبارات معدل الفائدة بدلاً من تقلبات سعر الصرف.

ويقع على عاتق محافظو البنوك الاحتياطية- شأنهم شأن جميع المستثمرين- أولاً وفي المقام الأول مسؤولية تحقيق عائد على أصولهم، ومع ثبات معدلات الفائدة الأمريكية على المدى القريب عند 25 نقطة أساسية، فسيبقى عائد الاستثمارات ثابتة الدخل الأمريكية ضئيلاً في أفضل الأحوال. وبناء عليه، فمن الطبيعي أن يسعى محافظو بنوك الاحتياطي المركزية ممن تهيمن على اهتماماتهم الاعتبارات المالية بدلاً من السياسية إلى تنويع تعاملاتهم في العملات مرتفعة العائد مثل (اليورو/ دولار)، و(الأسترالي/ دولار).

وبالنظر إلى حقيقة أن دول العملات مرتفعة العائد تعتبر الاقتصادات الأصغر بين دول مجموعة العشرة الصناعية، فإن هناك حدًا يقوض رأس المال الذي يمكن لمحافظي البنوك الاحتياطية الانخراط به في معاملات هذه الوحدات. وبناء عليه، وبالرغم من أن معدلات الفائدة الأوربية قصيرة الأجل تعتبر مرتفعة بشكل طفيف بواقع 1.00%، كان الزوج (يورو/ دولار) المستفيد الأساسي من هذا الاتجاه بعيدًا عن الدولار. ومع ذلك، ففي عالم العوائد المنخفضة، فإن اليورو يتيح قيمة نسبية سواء على أساس معدل الفائدة وأساس السيولة، كما أنه مستمر في جذب الاستثمار و المضاربات.

وقد جاء خطاب كون المتسم بالحذر مناقضًا للتقييمات الأخيرة التي أطلقها بيرنانك- رئيس الاحتياطي الفيدرالي، وجيمس بولارد- رئيس الاحتياطي الفيدرالي بسانت لويس- والتي تسودها غبطة الفرح، كما أنها عقدت العزم الآن على إحباط أي جهود من قبل مسؤولي النقد الأمريكيين لفرض الاستقرار على الدولار. ومع اقتراب زوج (يورو/ دولار) من حاجز  1.50، فسوف يتزايد إغراء عمليات وقف الخسارة عند هذا المستوى مع مرور اليوم. من ناحية أخرى، من المحتمل أن تتيح قراءة مبيعات التجزئة الأمريكية بالإضافة إلى نتائج اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي بارقة أمل لمشتري الدولار، هذا في حالة إذا ما أشارت إلى أن البيئة الاقتصادية الأمريكية في تحسن بمعدلات سريعة أكثر من المتوقعة حاليًا، الأمر الذي سيتيح بدوره للاحتياطي الفيدرالي دراسة احتمالية تضييق العمليات الائتمانية خلال النصف الأول من عام 2010.

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image